اعلان

محمد أحمد كامل يكتب: "صاحبة الجلالة.. ع الهامش"

تعبيرية
تعبيرية

يضحي الكثير بالوقت والفكر والمجهود من أجلها، ويجازف البعض بحياته لاكتشاف الحقيقة أحيانًا، إنها مهنة البحث عن المتاعب، السُلطة الرابعة التي يفضلها الكثيرون، لا يعرفون ما تسببه من أضرار وخيمة نفسية وعصبية وجسدية على مزاولها.

تدعى صاحبة الجلالة، لما كانت تمتلكه من هيمنة وقدرة على التحكم بالرأي العام، هذا بالنسبة للجانب الإيجابي، أما بخصوص الجانب السلبي حدث ولا حرج، نظرا لما تقدمه بعض المنصات الإعلامية والصحفية من أخبار مُفبركة بغرض جذب القارئ وزيادة المشاهدات.

تكمُن أهميتها في تزويد الأفراد بالمعلومات التي يحتاجونها في حياتهم، والمهمة في صنع القرارات على مستوى الفرد والمجتمع، وبناء جيل واعٍ يسير على المبادئ، وتسليط الأضواء على الإيجابيات والسلبيات الظاهرة في المجتمع.

يحمل الصحفي قضية معينة نصب عينيه ويسعى للوصول إلى الحقائق، فيجب عليه أن يحافظ على شروط مهنته ويتبعها، ويعيش دائمًا حالة من الترقب، الانتظار، اليأس والإحباط، الانتصار، وأحيانًا الانكسار.

ومن الناحية النفسية حدث ولا حرج، فتتمثل في محاولاته الدائمة لإثبات ذاته وأنه جدير بمزاولة هذه المهنة دون شك، أو تقليل من قدراته.

وأثبتت تجارب ودراسات أن الصحفي من أكثر الفئات عرضة للكروب النفسية، كما أن الصحفي والإعلامي يصاب بمشكلات بالغة الخطورة في فقرات الظهر للجلوس ساعات طويلة دون حساب، واختناق في أعصاب اليد بسبب الكتابة الكثيرة سواء عن طريق الأقلام أو على جهاز الكمبيوتر.

بيئة العمل مهمة بالنسبة للكاتب الصحفي، فإذا كان العمل عن بُعد قد تواجهه مشاكل في الإبداع إذا كانت البيئة المحيطة غير مناسبة، الحالة النفسية للكاتب تؤثر بشكل كبير على مستوى عمله، فإذا كان في مزاج سيء لن يخرج بالصياغة الرائعة التي تجذب القارئ، على العكس في حالة تحسن مزاجه.

البحث عن المعلومات القوية، "الانفراد" هو الهدف الأساسي للغالبية، بالإضافة إلى التفكير الدائم والمستمر مما يجعل مشاعره آخر اهتمامه وهو ما يصيبه باضطراب المشاعر ويفقد متعته بالعلاقات الطبيعية، لا يشعر بالاستقرار في كثير من الأحيان، لا يستطيع الحياة بطريقة روتينية، يبحث دائما عن كل ما هو جديد ومختلف.

العاملون في ميدان الصحافة يواجهون متاعب قد يستطيعون أن يتغلبوا عليها، بأن يغيروا عملهم إلى عمل آخر، وهو ما يفكر فيه أغلب من يزاولون الصحافة، بسبب قلة الحافز المادي مقارنة بما يبذل من جهد، إضافة لضعف قوانين الحماية، ولكن من ينظر إلى المهنة على أنها رسالة، وأن الصحفي أو الكاتب صاحب مبدأ لا يساوم عليه، حينها يستطيع تحمل المتاعب والمشاق.

يرى القارئ أو المشاهد اسم الصحفي وصورة الإعلامي ولكن لا يعلم ما وراء ذلك، فهناك كواليس كثيرة، وكم هائل من المتاعب، ومع انتشار فيروس كورونا، تقلصت موارد تمويل الصحافة التي تخدم المصلحة العامة، أصبحت قاعات التحرير تعاني الصعاب للحفاظ على قاعدتها.

وبذكر قاعات التحرير لا يجب أن نغفل دور المصحح اللغوي "الديسك"، وهو مصطلح يبدو غريبًا لمن هم خارج المهنة، ولكن دعوني أخبركم بأن الديسك هو من "يعمل من الفسيخ شربات" باختصار شديد، يأتي له متن الخبر كما هو بالأخطاء النحوية واللغوية والإملائية، فيعيد كتابته بأروع صورة يمكن أن تكون، وذلك بعد تفكير وصفاء ذهن للإبداع، وابتكار محتوى وعنوان قادرين على جذب القارئ.

الخبر لم يعد مجرد مادة يجمعها المحرر ويتم نشرها على الموقع الإلكتروني أو صفحات الجريدة الورقية، ولكنه يحمل في طياته معركة استراتيجية بين كل الأطراف المذكورة فيه، ولهذا أقول إن صياغة الخبر وتحرير صناعته تشكل أهم جانب.

الصحافة مهنة المبدعين والحالمين، ممن يجدون في الكتابة ملاذا ومأوى يعبرون من خلاله عن أحلامهم وآمالهم وأوجاعهم، ولكنها في رأيي مهنة "صاحب النفس الطويل".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً