اعلان

قصيدة "من الحرب" لـ عبدالرحمن مقلد الفائزة بجائزة الشعر العربى بباريس

عبدالرحمن مقلد
كتب :

الدَمُ (1)

أُفكِّرُ فى أَنْ أَحُوزَ نَصيبَينِ

حَقْلِى وحَقْلَكَ

والحَجَرُ الصَلْدُ

يُفلِتُ مِنْ يَدى المُسْتَعِدّةِ للقَذْفِ

وأنت تَفرُّ إلى صَخْرَةٍ لا أراكَ بِها

أُفكِّرُ فى زَوجَتَين

وحَفْلَى نَبيذِ ورَقْصِ

أفكِّرُ فى القَنْصِ

وَحْدِي

لى الأرضُ مُمتدَةٌ للتنَزُّهِ

لى كُلٌّ هذا النَماءِ

لى الحَيوانُ أخَالُ بأصوافها

والنسيجِ المُمَدَدِ واللحمِ

عَلى جَبَلى أتَلقَى النُبوءاتِ

والوَحْى يُشْبِعُ قَيلُولَتي..

ويَدَاى تُبَادِرُ وَجْهَكَ بالكَدَمَاتِ

وتُبْعِدُ مِنْجَلَكَ الحَادَ عَن مَقْتَلى

أَتَذَكَرُ كَيفَ دَفَعْنَا الذِئَابَ وهَائمَةَ الصَحَراءِ

عن البَيْتِ هَذا الذى أُوقِدُ النَارَ فيه

لتُشعلَ رُوحَك

والوقتُ يَهْرُبُ كالفأرِ من ناظرَيْك

أُرَتِبُ كَى أَنْصُبَ الفَخَّ

أَنْظُرُ كيفَ حَفرْنَا

بأذْرُعِنا البئرَ

هذا الذى نَتسابقُ مَنْ

يَدفعُ الآخَرَ الآن فيه

ولستُ بمُحْتَفلِ وأنَا أعْتَليكَ

وأنت تَخورُ عَلَى الأَرضِ كالثَوْرِ

والشَصُّ يُفْلِقُ قَلبَك

يا قَاتِلى وأَليفى

وقَلبُك آهِ

حَملتُ له كُلَّ مَا يَتشهَّى

لينبضَ ثَانيةً

وأعَدْتُ عليه عَذابَاتِنا

وسِنِى هَوانَا القَدِيمِ

تَمنيتُ ألا أكونَ قَتيلَكَ

أنْ أتراجعَ

أن أتَوسَّلَ كى ترفعَ الرُمحَ عنى

وأسِجُدَ تَحتَ حِذائك

كى تتوقفَ

لكنه الدَمُ هذا الذى مَلأَ الأَرضَ

أنبأنى أنَّ موتى أوشكَ

أنك سوف تَحوزُ نَصيبيك

حَقلى وحقلك..

عَدِوَانِ (2)

وأنت تُعدُ عَشَاءً

لضَيفيكَ

تبدأُ حَفلةَ شَايْ..

كان لزامًا علينا التَجَهزُ للحَرب

كنا نُغذى بَنادَقَنا بالرَّصَاصِ

ونُدفعُ آلتَنَا العَسْكَرَيةَ

فى الوَحْلِ

نَعْزِفُ مَرْشَاتِنا

ونُرَدِّدُ خَلفَ الطُبَولِ

وأنتَ على بَابِ بيتَكَ

تضبطُ مَوجاتِ مِذْيَاعِك الخَلَويِّ

على صَوتِ نَاي..

نسْعَلُ منْ قَسْوَةِ البَردِ

والنَارُ تُدفئ مجلسَك العذبَ

تَرَى فى عُيونِ صَبيكَ

هذا النُعَاسَ الجَميل

نَرى دَمَنا يَتدفقُ

والضَارياتُ تُمزقُ أشلاءَنا

...

بينما كان يَطلبُ قَادَتُنا أن نُوليَ

صوبَ دِيارِ العَدُوِّ

ـ ديارِكَ ـ

نزرعُ ألغامَنا فى الحُقولِ

وأسَفلَ جِسرِ المُشاةِ

وأن نَتجَهزَ بالمَدْفَعِيةِ

نَنتظرُ البَدءَ

نُشعلُ آخِرَ تبغَاتنا

ريثما تَنتهى من صَلاتِكَ

تَدخلُ فى النَومِ

نبدأُ فى قَصْفِ بلدتك المطمئنةِ

..

مُنذُ قَدِيمٍ

وَرَثْنَا السُهُوبَ الجَدِيبَةَ

ليس لنا شَاطِئٌ أو نَخِيلٌ

وأَرْضُك خَضْرَاءُ شَاسِعَةٌ

وبَنُونَا يَمُوتُونَ فى القَحْلِ

..

فليسَ لنَا غَيرُ أن نَتدافعَ كالسَيلِ

ليسَ لنا غَيرُ هذا الحَديدِ

لنَأخُذَه سَاترًا ولَبُوسًا

ونَقتلَ آخِرَ مَنْ يَتبقَى من الجُنْدِ

فى الحِصْنِ

ننسِفُ مَبْنَى البَريدِ

ودَارَ الحُكُومَةِ

نَهدمُ دَارَك أنتَ

ولابُدَ أنَكَ

مِن بعدِ حين

ستصنعُ نَصْلا

وتَفْجَأنِى

وأنا أتَمددُ فى ظِلِّ بَيتى الجَديدِ

وبيتِك من قَبلُ..

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً