اعلان

شريط فيديو يبرز دموية "الثورة الإسلامية" في إيران

كتب : وكالات

تحولت الثورة الإسلامية في إيران في عام ١٩٧٩، بعد خلع الشاه رضا بهلوي، إلى حركة دموية عنيفة، فقد اعتقل عشرات من كبار مسؤولي النظام السابق، وحوكموا بسرعة، وأعدموا على يد فصيلة إعدام، ليلة تلو أخرى، على سطح مدرسة في طهران، اتخذها زعيم الثورة، آية الله روح الله الخميني، مسكنًا له.

عن تلك المحاكمات والإعدامات السريعة، كتب كسرى ناجي، مراسل خاص لتلفزيون "بي بي سي" الناطق بالفارسية، في مجلة "فورين أفيرز"، كاشفًا عن موقف معارض أعلنه "آية الله علي منتظري"، خليفة "الخميني" المنتظر في حينه، ما أدى لاستبعاده وإخضاعة للإقامة الجبرية، حتى توفي في عام ٢٠٠٩.

ويلفت "ناجي" لصور نشرتها الصحف الإيرانية على صدر صفحاتها الأولى، وتظهر أجساد أولئك القتلى وقد اخترقها الرصاص، من أجل إرسال رسالة واضحة للإيرانيين، مفادها أنه لا عودة للعهد السابق، وقد صدم الإيرانيون من تلك الوحشية التي وصلت إلى مستوى لا سابق له، وخاصة لأن المسؤولين عنها كانوا رجال دين شيعة، ولكن الإيرانيين الذين كانوا لا يزالون متضامنين مع الثورة، وبعدما تخلصوا من أقوى الأنظمة في المنطقة، صمتوا حيال تلك الممارسات العنفية.

وفي الذاكرة الحديثة، لم يحدث أن تسلم السلطة رجال دين، ولا وقعت ثورة بهذا المستوى، وكان لا بد لأصحابها من حمايتها.

ثقافة عنف وحصانة

ويشير الكاتب إلى ما عرف به "الخميني" من قسوة وشدة، وقد أرسى أسس ثقافة عنف مارسها أعوانه واكتسبوا حصانة، ما زالت سارية حتى اليوم، وباسم الثورة، قادت ثقافة العنف، البلاد نحو الفوضى، واكتسبت إيران سمعة البلد المارق، ما أدى لعرقلة مسيرة التطور والبناء فيه.

شريط مسجل

ويشهد التاريخ، كما يلفت "ناجي"، على وحشية مارسها نظام الثورة الإيرانية على مدار ٣٧ عامًا، وخاصة خلال السنوات العشر الأولى، ولكن شريطًا سجِّل قبل ثلاثين عامًا، وظهر مؤخرًا في إيران، يلقي الضوء على ما يعتقد أنه أفظع ملمح من حكم رجال الدين في إيران.

صيف ١٩٨٨

ويركز الشريط على أحداث وقعت في صيف عام ١٩٨٨، عندما أمر الخميني، إعدام آلاف من السجناء السياسيين بسرية تامة، بعدما كانوا محكومين بالسجن لنشاطهم السياسي، وقد انتمى أولئك السجناء إلى مجموعات سياسية مختلفة، كتنظيم مجاهدي خلق، إم كي أو، وتنظيمي الفدائيين وبايكار اليساريين.

وعند الاستماع إلى الشريط الذي يوثق اجتماع عقد في ١٥ أغسطس ١٩٨٨، يُسمع صوت "آية الله علي منتظري"، خليفة "الخميني" في حينه، وهو يوبخ أعضاء لجنة مسؤولة عن الإعدامات، قائلًا لهم: "سأكون صريحًا معكم، لقد ارتكبتم أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وستحاكمون كأكبر المجرمين في إيران".

وقد عقد الاجتماع داخل منزل "منتظري" في مدينة "قم"، وكان جميع أعضاء اللجنة من "الملالي"، وقد تم استدعاءهم لتقديم تقرير حول عملهم، وقد أطلعوا "منتظري" عن أنهم أعدموا ٧٥٠ سجينًا في طهران لوحدها، وأنه ما زال بالانتظار ٢٠٠ سجين، سيلقون نفس المصير، ولم يكن بعلمهم أن "منتظزي" أرسل رسالتين إلى "الخميني" بيَّن فيهما أسباب معارضته الشديدة لتلك المجازر.

وقال للحاضرين" لم أكن أرغب بأن يحكم التاريخ على "الخميني" بوصفه متعطشًا للدماء، ووحشيًا، وشخصًا قاسيًا".

عزل

ويلفت "ناجي" إلى أن الصدام بشأن تلك الإعدامات، أدى بعد بضعة أسابيع، لعزل "منتظري" كخليفة للخميني، ومهد الطريق أمام "خامنئي" لكي يصبح المرشد الأعلى.

وعند وفاة "منتظري" في عام ٢٠٠٩، نشر الشريط المسجل على موقعه الإلكتروني، والذي يديره ابنه، أحمد (رجل دين أيضًا)، ويقول أحمد منتظري لتلفزيون "بي بي سي" بالفارسية، أنه منذ نشره الشريط، طالبته وزارة الاستخبارات الإيرانية بسحبه، رغم أنه انتشر بسرعة عبر الإنترنت.

أدلة جديدة

ويرى "ناجي" أن الشريط سيمنح أسر الضحايا أدلة جديدة لكي يطالبوا بتطبيق العدالة، بعد مضي ٢٨ عامًا، وللبحث عن مكان دفن أعزتهم، كما صدرت مطالبات لإجراء تحقيق في تلك الجريمة.

وقال "أحمد منتظري" أنه أراد عبر نشره الشريط، أن يضع نهاية لمساعي من أرادوا تشويه التاريخ، كما ظهر في مذاكرات أبيه، المكونة من ٦٠٠ صفحة، والتي نشرت عبر الإنترنت في عام ٢٠٠٠، عندما كان لا يزال في الإقامة الجبرية.

قتلة ومسؤولون

ويقول الكاتب: "إن الشريط المذكور لا يسلط الضوء على قسوة "الخميني" وحسب، بل على أعضاء اللجنة، وبعضهم ما زال يشغل مناصب كبرى، بما فيهم وزراء في حكومة الرئيس "حسن روحاني"، كوزير العدل الحالي "مصطفى بورمو حمادي"، وكان في حينه نائب وزير الاستخبارات الإيرانية، ومن بين أعضاء تلك اللجنة الدموية، إبراهيم رئيسي، نائب المحقق العام في طهران في حينه، وهو اليوم من أكثر المقربين من خامنئي، والذي عينه أخيرًا قائدًا لمنظمة آستان قدس رازافي، أكبر هيئة خيرية في إيران.

غضب شديد

ويقال إن ما لا يقل عن ٤٤٨٢ رجلًا وامرأة من السجناء السياسيين، أعدموا خلال أقل من شهرين، بسبب غضب شديد أصاب "الخميني" عندما اكتسحت القوات العراقية منطقة إيرانية جديدة في صيف ١٩٨٨، وبدعم من قوات إيرانية معارضة، كتنظيم مجاهدي خلق، ومن ثم أعلن "الخميني" استسلامه في الحرب (العراقية - الإيرانية)، واشتهر بعبارته "إنهاء الحرب أشبه بتجرع السم".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً