اعلان

"الرقص الشفيف" قصة للمصرية الجزائرية "إيناس نور"

إيناس نور
كتب :

وكان المسرح يدور على عموده المثبت عليه، وراقصة البالية رغم جرح قدميها المزمن وذبذبات الموسيقى التى أتت على توازن عمودها الفقري؛ تراقص السكون وتنحت منه الوقت الحنون وسط اجتياح الموت.

لا تؤمن تنورتها القصيرة بتجليات الحزن أو حذاؤها المربع المُقدمة بحزَّات الألم، إنها تشرع بانسيابية حركاتها دين الفرح، وبانطلاقتها في الهواء التحرر من كل أنين، وتنسج من آهات الموجوعين سحابة شفافة تتنزل على عيونهم أملا ورؤى.

لا عِلم لي على التعيين ما سرُّ ذلك الإصرار على حفظ سمفونية البقاء في تناغم مهما تدمرت الأطر وتآكلت حواف المسرح وتغيمت آذان السامعين وتلوثت بصيرتهم، بقاء تلك الراقصة تذيب جليد المادة من بين وجوه الحياة لأمر عجيب توقف له العقال ولم يجدوا جوابا مثلي.

لكنني لكثرة ملاحظتى لها واقترابي منها تسلل داخلي إيمانها بما تفعل، ولم يكن ذلك على سبيل الاستمتاع أو التسلي، بل كانت تحيا بنشر السرور وامتصاص الشحنات السلبية التي تؤزم الواقع أكثر مما هو متأزم.

إن لم تر لهذه الراقصة نموذجا في حياتك فاسع إلى وجودها واسع إلى تشجيعها واسع إلى توفير ما تحتاج لتبدع في سماء الضباب صفاءً تجلو به الأنظار.

نظِّف قلبك من أدران التخلف والتقوقع والجمود واجدل من خيوط العنكبوت النابتة عليه وترا يصلح أن ترقص عليه صانعة البهجة حينما تمر في جولتها التمريضية، أو كن هادئا يمنح جوهرها بعض الوقود فتشكل من خريطتك المهترئة عالما جديدا تمكن فيه الحياة.

لا تقف أمام تجليات الراقصة على وتر القلوب حتى لا يصيبك من لعنتها ما يصيب الواقفين أمام مروحة الحق.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً