اعلان

6 سيناريوهات محتملة للعلاقة بين واشنطن وبيونج يانج بعد تصريح ترامب المفاجئ

ترامب
كتب :

كان التصريح الذي أدلي به أمس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن "تشرفه بلقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونج"، كان أقوى مفاجآت ترامب التي فجرها بعد تخطيه حاجز المائة يوم في حكم الولايات المتحدة الأمريكية، ومبعث المفاجأة يكمن في أن هذا الإعلان جاء في إطار تكثيف كلا الجانبين من التحذيرات المتبادلة بسبب تطوير بيونج يانج أسلحة نووية وصواريخ في تحد سافر لقرارات الأمم المتحدة.

كما أنه يأتي بعد بضعة أيام من تصريح ترامب يوم الخميس الماضي بشأن برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية التي قال فيها "إنه من المحتمل أن يندلع صراع كبير مع كوريا الشمالية"، وأضاف أنه يفضل إنهاء النزاع بالسبل الدبلوماسية.

يمثل التهديد الكوري الشمالي أكبر تحد يواجه الرئيس الأمريكي ترامب الذي كان قد تعهد بمنع بيونج يانج من امتلاك القدرة على ضرب أمريكا بصاروخ نووي، ويعكس تصريحه حول لقاء الزعيم الكوري الشمالي تغليبه لرغبته في فتح صفحة جديدة من الحوار بين واشنطن وبيونج يانج تعلو فيها لغة الحوار على الصدام العسكري، ويؤشر إلى أن أمريكا الجديدة تقف على أعتاب مرحلة مختلفة في العلاقات الدبلوماسية الخارجية في ظل إدارة ترامب، وأن النظرة الاستعلائية المشحونة بهواجس القوة تحولت إلى نظرة أكثر رصانة، وإدراكا لضرورة الحوار مع دول شرق آسيا عامة وكوريا الشمالية خاصة.

دعوة أحدثت رد فعل عالمي قوي، وأشعلت تصريحات المسؤولين وكبار القادة العالميين حول العالم بشأنها، وبات الجميع مترقبا ينتظر رد الفعل الكوري على هذه الدعوة، وما ستسفر عنه الأيام المقبلة، فالرئيس الأمريكي ونخبته الحاكمة لم يأتوا من ظهير السياسة الأمريكية، وبالتالي لا أحد يمكنه توقع منهجهم في التعامل مع هذه الإشكالية وغيرها من قضايا العالم.

السير على طريق حافل بالألغام هو الميراث الذي تركه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لخليفته ترامب، والمؤكد أن ترامب رجل الاقتصاد الفذ، لا يريد توريط بلاده في حرب جديدة، وأنه يؤسس لمنهج جديد لأمريكا، وهو أنه لا مزيد من الحروب في المستقبل، وأنه يريد حل الأزمة التي واجهها رؤساء سابقون للولايات المتحدة سلميا، لإدراكه جيدا أن الاقتصاد الأمريكي يعاني الكثير من المشكلات بعدما انزلقت البلاد في حربي الخليج الأولى والثانية وغزو العراق وحرب أفغانستان، وجميعها أثقلت كاهل الاقتصاد وربما تدفعه إلى الانزلاق نحو التباطؤ.

ومعطيات الموقف تشير إلى وجود سيناريوهات ستة محتملة يمكن أن تترتب على غزل ترامب ليانج:

السيناريو الأول أن تضغط الصين - وهي الحليف المقرب والداعم لكوريا الشمالية - على بيونج يانج لقبول الحوار مع أمريكا، على أن تستضيف بكين لقاء القمة بين ترامب ويانج.

السيناريو الثاني أن يطرح ترامب عروض سخية وحوافز مجزية على كوريا الشمالية مقابل السماح بالتفتيش الشامل لمنشآتها النووية ووقف كافة الاختبارات.

ويتمثل السيناريو الثالث في رفض يانج أي شروط مسبقة للحوار، وأن يملي هو بشروطه على المجتمع الدولي لقبول وقف البرنامج النووي.

والسيناريو الرابع يتمحور حول دخول الصين كوسيط لإقناع حليفتها كوريا الشمالية بقبول عروض أمريكا، والتلويح بالتخلي عنها حال رفضها هذه الوساطة.

والسيناريو الخامس يكون برفض كوريا اللقاء نفسه، وفي هذه الحالة ستضيق أمريكا والصين الخناق عليها لترضخ لمطالب المجتمع الدولي وتقبل الحل السلمي.

السيناريو السادس أن يتجاهل كل هذه المساعي ويقوم بإطلاق صاروخ كرد عملي على دعوة ترامب.

وتعود الأزمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية إلى قيام كوريا الشمالية في عام 1994 بنقل قضبان وقود نووي من المفاعل النووي في يونجبيون، مما اضطر الولايات المتحدة لوضع خطة لضرب المفاعل، وقاد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر جهودا دبلوماسية ساهمت في تهدئة الأوضاع طبقا لما عرف باتفاق 1994، وأبرز ما شمله الاتفاق كان قيام كوريا الشمالية بإغلاق هذا المفاعل لمدة 8 سنوات مقابل قيام تجمع من الشركات الدولية ببناء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف في كوريا الشمالية.

وفي عام 2002 انهار هذا الاتفاق في أعقاب اتهام الولايات المتحدة لكوريا الشمالية بالقيام بتنفيذ برنامج سري لتخصيب اليورانيوم، لكن كوريا الشمالية نفت هذه الادعاءات، وفي عام 2006 بدأ منعطف جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بعدما قامت الأخيرة بتنفيذ أول تجربة نووية لها، وهذا الأمر أدى إلى التوصل لاتفاق خلال 4 أشهر فقط في إطار ما عرف بالمحادثات السداسية التي ضمت كل من الولايات المتحدة والكوريتين وروسيا والصين واليابان.

وقضى الاتفاق بمنح كوريا الشمالية مساعدات في مجال الطاقة ومكاسب دبلوماسية وأمنية مقابل التخلي عن البرنامج النووي، وفي يوليو 2007 قامت كوريا الشمالية بتنفيذ الاتفاق عبر إغلاقها مفاعل يونجبيون من جديد، وقامت الولايات المتحدة برفع اسم كوريا الشمالية من على لائحتها الخاصة بالإرهاب.

ومرة أخرى، توقفت المفاوضات نتيجة الخلاف بين الجانبين على طريقة التحقق من التزام كوريا الشمالية بالاتفاق، وفي عام 2009 قامت كوريا الشمالية بتجربة لإطلاق صاروخ طويل المدى مخصص لحمل أقمار صناعية، فيما رأت الولايات المتحدة أنها تغطية على تجربة صاروخ باليستي طويل المدى قادر على ضرب أهداف على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

ونتيجة لهذا قام مجلس الأمن بإصدار قرار غير ملزم يقضي بتشديد العقوبات على كوريا الشمالية، مما حدا بالأخيرة إلى الانسحاب من المحادثات السداسية، وإعادة تشغيل المفاعل وطرد المفتشين والتهديد باستئناف التجارب النووية، وبالفعل بدأت كوريا الشمالية في تنفيذ تهديداتها عبر إجراء تفجير نووي تحت الأرض ترافق مع تجربة إطلاق صاروخ قصير المدى.

وفي عام 2011 وبعد وفاة الرئيس الكوري كيم يونغ إيل، تولى ابنه كيم يونغ أون سدة الحكم، وسعى إلى حل أزمة بلاده النووية ليعرب عن أمله في مواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة، وفي عام 2012 قالت كوريا الشمالية إنها ربما توقف أنشطتها النووية مقابل الحصول على الغذاء، ورحبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بهذا التصريح ووصفته بالتقدم، وأعلنت قيامها بإرسال 240 طنا من المعونات الغذائية لكوريا الشمالية.

وفي عام 2013 صدر قرار من مجلس الأمن يطالب كوريا الشمالية بإنهاء برنامجها النووي، لكن الأخيرة رفضت القرار في إشارة إلى تحديها للعقوبات الدولية ونيتها الاستمرار نحو هدفها بامتلاك أسلحة نووية، مما أدى إلى تصعيد غير مسبوق في التوترات الأمنية بشبه الجزيرة الكورية نتيجة لقيام كوريا الشمالية بتنفيذ ثالث تجاربها النووية، وأعادت تشغيل مفاعل يونجبيون.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً