اعلان

حواديت "أهل مصر".. وحدي في الحياة

تخرجت من كلية العلوم، وكنت من أوائل دفعتى، واتيحت لى فرصة التعيين معيدة فى كليتى، وكانت فرصة لى، حيث إن قسمى كان فى حاجة ماسة هذا العام لتعيين معيدين.

تعرفت فى الكلية على زوجى فى هذه المرحلة، فقد كان معيدًا فى القسم نفسه، ويكبرنى بثلاثة أعوام، وللحق فقد ساعدنى كثيرًا حتى أكمل دراستى، وسهل على مشوارى فى إتمام الماجيستير، تقدم وقتها لوالدى رحمه الله، ووافق أبى عليه، لما رَآه فيه من خلق طيب ومستقبل جيد.

كان زواجى منه فى البداية "زواج عقل"، فأنا وهو فى بداية حياتنا العملية، كلٌ منا فى حاجة للآخر، لم أكن مثل صديقاتى أبحث عن الحب والرومانسية، بل كنت شخصية جادة، أعرف هدفى منذ دخولى لتلك الكلية العملية بعد أن فاتتنى كلية الطب، التى كان حلم حياتى الالتحاق بها، حددت هدفى فى التفوق منذ البداية، وها أنا ذَا حققت ما كنت أتمناه، بعد زواجى بعامين رزقنا الله بابنى الأول، وكنت قد أجلت حملى حتى انتهى من مرحلة الماجيستير، وبالفعل وفقنى الله لها بفضل مساعدة زوجى لى كثيرًا.

أنهى زوجى بعدها هو الآخر مرحلة الدكتوراه، اتفقنا على أن أنتظر قليلًا حتى يكبر ابنى ويستطيع الاعتماد على نفسه، وفى هذه الفترة من حياتى مات أبى، مررت بحالة نفسية شديدة، فوالدى كان دومًا سندًا ومشجعًا لى ودافعًا قويًا على التفوق، وفى هذه الفترة أيضا جاءت فرصة لزوجى ليعمل أستاذًا فى إحدى الجامعات بدولة خليجية، وكان الراتب مغريًا جدًا، حتى أنه عرض على الأمر، وهو شبه متخذ لقراره.

سيدتى توقعت فى البداية أن أسافر أنا وابنى برفقته، لكنه رفض، وقال: إنه سيذهب فى البداية ليتحسس الأمور، وبعد ذلك سيأتى لمرافقتنا.

سافر زوجى، وشعرت بعدها بأنى وحيدة فى الحياة، فموت أبى جاء وأنا فى أحوج الأوقات إليه، فأخى الوحيد متزوج من أمريكية، ويعيش معها هناك، ولا يربطه بِنَا سوى بضع مكالمات فى المناسبات والأعياد من كل عام، مرت الأيام ثقيلة لا يخفف منها سوى ابتسامه ابنى الصغير وصوته وهو ينطق اسمى، أول مرة طالت غيبة زوجى، وكلما طلبت منه الإسراع فى استقدامنا، يبرر الأمر بأنه فى حاجة إلى بعض الوقت.

تخيلى مر عام وعامان وهو كما هو فى اختلاق الأعذار، ثم فاجأنى بأن الحياة هناك مكلفة فى السكن والإقامة، وأنه يفضّل أن أظل أنا وطفلى هنا، ويبقى هناك بمفرده، حتى يستطيع جمع أكبر قدر من المال ويرجع سريعًا ولا تطول غربته، ولم أوافق فى البداية لكن مع إصراره ووعده أنه سينزل لنا مرتين فى العام، وأننا سنزوره فى الأعياد، اضطررت للموافقة.

أكملت دراستى وأخذت الدكتوراه هذه المرة وحدى، بدون أى دعم منه أو مساعدة، وطلبت منه أن يحضر المناقشة معى، فليس لى أحد سواه بعد أبى الذى مات، لكنه اعتذر وتحجج بأنه لا يستطيع النزول، فالوقت هو وقت امتحانات جامعته، ظلت الأمور هكذا عدة أعوام هو هناك وأنا هنا، أصبح ابنى لا يعرف أباه إلا من خلال الصور والشات والفيديو، كبر ابنى ودخل المدرسة ولا أحد حوله، إلا أنا وبعض زيارات متقطعة من جده وجدته لأبيه وعمه فى الأعياد والمناسبات.

مرت على أوقات عصيبة وأنا مع ابنى وحدنا، فكثيرًا ما كنّا نمرض ولا نجد أحدًا حولنا، ودخل ابنى المستشفى مرتين، وكنت أنا فقط معه، وفى كل مرة أخبر أبيه بأن ابنه سيقوم بإجراء عملية، وأنه يجب أن يكون معى، فيعتذر ويرسل لى أخاه، ليقف معى، لم أعد أشعر بأنى متزوجة، وأصبحت حياتى بلا معنى، ولا أفهم ماذا حدث فى سلوك زوجى بعد سفره، صارحت والده ووالدته بأنى أريد الطلاق وأنى لا أعلم وضع زوجى وسر رفضه رؤية ابنه، وجدت تعاطفًا شديدًا منهما، فهما لا يعجبهما الوضع وأخبرانى بأنهما حاولا مع ابنهما كثيرًا كى يرجع، ولكنه رفض، وقال إنه مرتاح فى مكان عمله، وأنه لم يعد يرغب فى العودة.

فى خضم الصراع داخلى ألقى إلى حمايا بصدمة لم أتحملها، فقد صارحنى والده بأن ابنه تزوج منذ أربعة أعوام من امرأة أجنبية، تعمل معه دكتورة فى الجامعة وأنه يرانى مثل ابنته، ولا يرضى بما يحدث معى، كان وقع الخبر على صادمًا، حتى أننى لم أتمالك نفسى، وخاف والده على أن أنزل من منزلهم وأنا بتلك الحالة، عشرة أعوام وأنا لا زوجة ولا مطلقة

..عشره أعوام وأنا أربى ابنى وحدى متحملة كل مسؤولياته..عشرة أعوام وأنا أحفظه فى نفسه وعرضه وهو متزوج ويعيش حياة طبيعية وصار له من زوجته ولد وبنت وأنا لا أدرى.

ماذا أفعل وأنا ليس لى سند فى هذه الحياة، لمن أشكو حالى، لقد أضاع هذا الرجل أجمل أيّام حياتى ودمرنى.. كيف أرد كرامتى وانتقم منه؟.

الرد

لم تضع أجمل أيّام حياتك بعد، فما زلت صغيرة، وما زالت الحياة أمامك، لست وحدك، فقد منحك الله ابنًا سيكون لك سندًا وعونًا فى الحياة، إن أنت أحسنت تربيته.

هذا الزوج خائن، ليس لأنه تزوج، ولكن لأنه لم يخبرك بزواجه ويخيرك، ولَم يعدل بينك وبين زوجته، التى اختصها هى وأولادها بوقته، وماله واهتمامه، وتواجده معهم، فى الوقت الذى حرمك أنت وابنك من رعايته.

لقد عاش زوجك حياة طبيعية مع زوجة وأبناء، وتركك أنت فريسة للوحدة والمسؤولية، وهو يعلم جيدًا أنك وابنك ليس لكما أحد فى الحياة سواه، لم تذكرى فى حكايتك أى نوع من المشاكل كانت بينكما قبل سفره، حتى أجد له ما يبرر له فعلته وأنانيته المفرطة، لقد أعطى لنفسه حق الحياة والتمتع وسلبه منك، فلم يعطك حقك كزوجة ولَم يتركك لغيره ليرعاك، لم يراع الله فيك، ولا فى ابنه، مثل هذا الرجل أسرعى فى إخراجه من حياتك وانفصلى عنه تمامًا، وليساعدك فى ذلك والداه، اهتمى بابنك وعملك فقد حققت فيهما نجاحًا، حقًا يحسب لك، وسيعوضك الله برجل يكون لك زوجًا وأبًا وأخًا إن شاء الله.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً