اعلان

"في بلدي نذهب إلى السجن أولاً ثم نصبح رؤساء".. من "نيسلون مانديلا" إلى "يعقوب زوما".. زعماء دفعوا الثمن من أجل شعوبهم

كتب : سها صلاح

"يموت من لا يستحق الموت و يعيش من لا يستحق الحياة".. مقولة تنبأ بها المناضل "نيلسون مانديلا" قبل وفاته في 2013، في منزله بجوهانسبورج عن عمر 95 عاماً.

كان "مانديلا"يشعر أن جنوب إفريقيا بعد مناضلته التي دامت لسنوات ستصبح ديمقراطية إلي الأبد، لم أنها ستتقسم و ستتحول إلي ديكتاتورية علي يد "يعقوب زوما" الذي من المفترض أن يتم تنصيب رئيساً آخر بدلاً منه الأحد المقبل.

-انتهاء الفصل العنصري

في فبراير عام 1992، صوت المواطنون البيض في جنوب إفريقيا على استفتاء بادر به الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق "فريديريك ويليم دي كليرك"، وذلك من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري الأبارتايد الذي كان معمولًا به منذ خمسينات القرن الماضي.

وقد كانت الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا في ظل هذا النظام العنصري تمتلك الكثير من المزايا التي ترفعها إلى مرتبة الأسياد؛ بينما تعاني الأغلبية السوداء الحرمان من الكثير من حقوقها الإنسانية المشروعة.

وقد فرض هذا النظام فصلًا بين العرقين -الأبيض والأسود- في المواصلات العامة والمدارس والمستشفيات والأراضي والأماكن العمومية، انحيازًا لمصلحة الأقلية البيضاء على حساب الأغلبية السوداء التي عانت أشد المعاناة في ظل الأبارتايد، وفقاً لمؤسسة corruptionwatch الأفريقية.

بالإضافة إلى كل هذا، فإن النظام كان يمنع الزواج بين السود والبيض، كما يمنع السود من تملك أراض في المساحات التي تم تخصيصها للبيض، أما بالنسبة للحقوق المدنية كالمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات، فإن البيض وحدهم كانت لهم هذه الحقوق.

وعلى الرغم من أن كل هذا انتهى في بداية التسعينيات، فأصبحت جنوب إفريقيا تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مستوى عالٍ من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان، خاصةً بعد أن أصبح المناضل نيلسون مانديلا، الذي قضىقرابة السبعة وعشرين عامًا في المعتقل بسبب نضاله ضد نظام الفصل العنصري.

-مانديلا "الثائر"

قبل 27 سنة من الآن، خرج نيلسون مانديلا من السجن 1990، بعد ربع قرن من الزمن قضاها خلف القضبان، خروجه شكل حدثًا عالميًا، تناقلته صحف وشاشات، وتابعته في أدق تفاصيله، وبعد مرور كل هذه السنين.

ملامح طفولية، بشرة زنجية، شعر أبيض، وسيرة استثنائية من النضالات، كرست اسم "ماديبا" أو "مانديلا" كواحد من أهم رموز مواجهة التمييز العنصري، وسطوة الأبيض على الأسود.

الشاب المقاوم الشرس، الذي هَز الرأي العام الدولي، في النصف الثّاني من القرن الماضي، لم يستسلم لتحولات المنطق السياسي، ولا لهشاشة الجسد الإنساني، وظل طويلاً مُحافظاً على وهج البدايات، ليتحول من "منتفض محلّي" إلى "بطل أممي"، شاهداً على واحدة من أكثر اللحظات التاريخية حرجاً.

كتب مانديلا في "حواري مع نفسي": "القديس ليس سوى مذنب يُحاول التكفير عن خطاياه"، القداسة تأتي من إدراك الخطيئة، استيعابها، الإقرار بها، عدم الرجوع إليها، والبحث عن سبيل للتطهُّر منها.

-عودة مؤشرات الفساد

عادت في الوقت الحالي مؤشرات الفساد التي تزداد يومًا بعد يوم في جنوب إفريقيا، وبالتحديد منذ بداية رئاسة "يعقوب زوما"، الرئيس الحالي لجنوب إفريقيا الذي قاربت ولايته الثانية والأخيرة على الانتهاء، إذ ينتظر المواطنون انتخابات حاسمة لاختيار خليفته سنة 2019.

وطبقًا لمؤشر الفساد العالمي الذي تنشره المؤسسة الدولية للشفافية كل عام، فإن جنوب إفريقيا في عام 2016 احتلت المركز الرابع والستين من أصل 177 دولة، وبذلك تكون قد تراجعت 26 مركزًا عن المركز 34 الذي احتله في عام 2001.

-783 تهمة علي "زوما"

يواجه رئيس جنوب إفريقيا يعقوب زوما 783 تهمة، تتنوع بين غسيل أموال وسوء استخدام السلطة ونهب أموال عامة.

ومن أخطر هذه الاتهامات قضية تعاونه سنة 1999 مع رجل الأعمال الجنوب إفريقي "شابير شايك"، إذ يُتهم الاثنان بالحصول معًا على رشاوى وعمولات من شركة سلاح فرنسية من أجل تسهيل طريق الشركة للفوز بصفقة مع الحكومة الجنوب إفريقية، وقد اتُّهم يعقوب زوما بشكل رسمي في هذه القضية عام 2000.

واستمرت القضية في حيز التحقيقات حتى تم إسقاطها عام 2009 عندما فاز زوما بالسباق الرئاسي، وكان السبب المُعلن من هيئة التحقيقات أنها حصلت على تسجيل هاتفي للمدعين الذين رفعوا هذه القضية، إذ وجدت هيئة التحقيقات أن السبب الذي دفع هؤلاء للتحرك ضد زوما له خلفيات ودوافع سياسية بالأساس.

ولكن المعارضة عادت في سبتمبر الماضي لتحيي هذه القضية القديمة ضد زوما مرة أخرى، ومن الجدير بالذكر أن عام 2019 سيشهد انتهاء ولاية الرئيس زوما، وفي حالة تم ثبوت هذه التهم عليه قد تبدأ إجراءات قانونية لعزله من منصبه.

في إحدى التهم الغريبة التي قد تسمع عنها لأول مرة في العالم وفي جنوب إفريقيا، تم توجيه تهمة "الاستيلاء على الدولة" إلى يعقوب زوما، وذلك بسبب تورطه في السماح لمجموعة من أفراد عائلة "غوبتا" بالتأثير في السياسة والمسار الديمقراطي في جنوب إفريقيا.

سيجتمع أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم غداً ، لاختيار من يمثلهم في الانتخابات الرئاسية القادمة في 2019، ومن ضمن هؤلاء المُرشحين، تبرز السيدة "نكوسازانا دلاميني- زوما" زوجة الرئيس الثالثة السابقة، والتي كانت تشغل منصب رئيسة الاتحاد الإفريقي مدة خمس سنوات منذ عام 2012 وحتى يناير عام 2017، وسبق لها أن شغلت عدة مناصب حكومية في جنوب إفريقيا؛ فقد كانت وزيرة للصحة في حكومة نيلسون مانديلا ثم وزيرة للخارجية في عهد الرئيس "كجاليما موتلانثي".

و يقول موقع "ساوث هيستوري أفريقيا " أنفرصة نكوسازانا دلاميني زوما قوية في الانتخابات القادمة، و اذا نجحت ستساعد زوجها من الهرب بأفعاله، و ستظل روح"مانديلا" مؤرقة علي ضياع الديمقراطية التي ناضل من أجلها لسنوات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً