اعلان

علماء الأزهر والأوقاف يتحدثون عن الهجرة: الإسلام دين البناء والتعمير.. والإمام العادل في مكانة عالية يوم القيامة

صورة أرشيفية

انطلقت اليوم الجمعة ثامن القوافل الدعوية المشتركة بين علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى مدينة بنها بمحافظة القليوبية بمناسبة العيد القومي للمحافظة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان : ”مفهوم الهجرة بين الماضي والحاضر“, وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا .

وزير الأوقاف: المدن الجديدة تنقل الإنسان المصري إلى حياة آدمية تليق به

فمن على منبر مسجد “الأشراف ” أكد الدكتور محمد عبد الرحمن محمد الأستاذ بجامعة الأزهر ‎أنه عندما اشتد الأذى بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مكة المكرمة ، أذن لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) في السنة الخامسة من البعثة بالهجرة إلى الحبشة قائلًا لهم : (إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ , فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ , حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ) فخرج بعض الصحابة (رضي الله عنهم) إليها ، ونزلوا بأرضها، فأقاموا بِخَيْرِ دَارٍ , وَفي خَيْرِ جوارٍ ، وأمنوا عَلَى دِينهم , وعبَدوا ربهم , حتى بلغهم أن أهل مكة دخلوا في الإسلام فقرروا العودة مرة أخرى، ولما كان الأمر على غير ما سمعوا به ونالهم الأذى مرة أخرى، أذن لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) في الهجرة إلى الحبشة للمرة الثانية , فالمتدبر بعين البصيرة في الهجرتين إلى الحبشة يدرك جيدًا أن هجرة المسلمين الأوائل لم تكن هجرة من دار كفر إلى دار إيمان ، لأن الأصل هو الدفاع عن الأوطان وعدم تركها لظالم أو معتدٍ ، وإنما كانت هجرة من دار خوف إلى دار أمن.

ومن على منبر مسجد ” القاضي ” بين الشيخ محمد جابر صادق بديوان عام الوزارة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أذن لأصحابه (رضي الله عنهم) في السنة الخامسة من البعثة بالهجرة إلى الحبشة ، لم يكن النجاشي ملك الحبشة وقتها على دين الإسلام ، ولكنه كان حاكما عادلا يأمن الناس في جواره على دينهم وأنفسهم وأموالهم، ولهذا قيل: “إنّ اللهَ (عز وجل) ينصرُ الدولةَ العادلةَ ولو كانتْ كافرةً، وتُخذَلُ الدولةَ الظالمةَ ولو كانتْ مسلمةً”، فالملك قد يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم، أما الدولة الظالمة فلا تدوم حتى لو حكمها مسلم، وقد جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) الإمام العادل في مكانة عالية، ومنزلة سامية يوم القيامة في مقدمة السبعة الذين يظلهم الله (عزّ وجلّ) في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فبعدله ينصلح المجتمع كله، وبظلمه يفسد المجتمع .

ومن على منبر مسجد “البنايوسي” ذكر الشيخ محمود أحمد عيسوي مرزوق عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه إذا كان أمر الهجرة المكانية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة قد انتهى بفتح مكة ، فإن كل معاني الهجرة النبيلة لا زالت قائمة , وهي مما يجب علينا أن نحرص عليه , فلقد أصل النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الهجرة الحقيقة إنما هي تحول إيجابي نحو الأفضل والأحسن، كالتحول من البطالة والكسل إلى الجد والعمل والإتقان , ومن الأثرة والأنانية والعصبية الجاهلية إلى الإيثار والإخاء الإنساني الصادق , والإيمان بالتنوع, وحق الإنسان في الاختيار, وحرية المعتقد , وعلاقات حسن الجوار , والعمل على بناء الإنسان إيمانيًّا ، وعلميًّا , وفكريًّا , وسلوكيًّا , وأخلاقيًّا , واقتصاديًّا , واجتماعيًّا بناءً سليمًا راسخًا , يبني الدولة ويصنع الحضارات , ويحقق صالح البشرية جمعاء , ويحفظ كرامة الإنسان كإنسان.

ومن على منبر مسجد ” العطار” أكد الشيخ عبد الخالق صلاح إمام وخطيب مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) أنه لما أذن الله (عز وجل) لنبيه (صلى الله عليه وسلم) بالهجرة إلى المدينة المنورة خرج (صلى الله عليه وسلم) مؤيدًا بنصر من الله (عز وجل) ، لأن الهجرة كانت تحولًا إيجابيًّا لبناء الدولة ، وتحقيق التعايش السلمي والمؤاخاة، وتحقيق وحدة الصف حتى يتمكن النبي (صلى الله عليه وسلم) من إبلاغ رسالة ربه (عز وجل) للعالمين، وفي ذلك يقول الحق سبحانه: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .

ومن على منبر مسجد ” الشهيد عبد المنعم رياض ” بين الشيخ سمير فوزي عبد الله سلامة بديوان عام الوزارة أنه في السنة الثامنة من الهجرة يفتح الله (عز وجل) لنبيه (صلى الله عليه وسلم) مكة المكرمة فتحًا مبينًا ، ويدخل الناسُ في دين الله أفواجًا ويتحول مفهوم الهجرة من معناها المحدود الضيق إلى معان رحبة واسعة لا حدود لها تشمل جميع مناحي الحياة فبعد فتح مكة انتهت الهجرة من دار إلى دار بعد ما كان الانتقال مطلبًا في وقت الضعف , حيث يقول الحق سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} , تغير حكم الهجرة بعد فتح مكة, بقوله (صلى الله عليه وسلم): (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ) .

ومن على منبر مسجد ” البحر” أشار الشيخ عبد الرازق سيد عبد الرازق عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن الفهم الصحيح لمعنى الهجرة الحقيقية يقتضي أن الهجرة التي لا تنقطع على مر العصور هي التحول من الجهل إلى العلم، ومن الضلالة إلى الهدى , ومن سيئ الأخلاق إلى صالحها ، ومن الفساد إلى الصلاح والإصلاح ، بما يسهم في بناء الحضارة وإعمار الكون، لأن ديننا دين البناء والتعمير للكون كله ، قال تعالى : {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}، فأمتنا أمة عمل لا أمة كسل، أمة بناء لا أمة هدم أو تخريب، أمة حضارة، ولم يكن التخلف أبدًا سمة من سماتها .

ومن على منبر مسجد “مصطفى صالح” أكد الشيخ فتحي السيد محمود محمد عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه حري بكل مسلم يحب دينه ويعتز به أن يعمل من أجل رفعة دينه وعزة وطنه بعيدًا عن كل ألوان الزلل ، والشطط ، والتطرف ، كالهجرة إلى جماعات الإرهاب بوهم الجهاد الكاذب تحت الرايات المغرضة الزائفة، أو كالهجرة غير الشرعية التي تؤدي إلى الهلاك ، أو المذلة والمهانة , والتي هي مجرمة قانونًا ومؤثمة شرعا ؛ لأن حرمة الأوطان كحرمة البيوت ، وكما لا يجوز دخول بيت أحد إلا بإذن منه كذلك لا يجوز دخول أي دولة إلا من خلال الطرق القانونية المشروعة ، فكما لا يحب أحد أن يتسلل أحد إلى دولته أو يدخلها بغير الطرق الشرعية القانونية ينبغي ألا يفعل ولا يقبل هو أيضا ذلك تجاه أي دولة أخرى .

ومن على منبر مسجد “العناني” ذكر الدكتور أحمد عبد الهادي علي بديوان عام وزارة الأوقاف أنه لا يفوتنا أن نذكر في هذه المناسبة العطرة بأن شهر الله المحرم أحد الأشهر الحرم ، ويستحب الإكثار من الصوم فيه عامة ؛ قال (صلى الله عليه وسلم): (أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ)، وصوم يوم عاشوراء خاصة؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتِي قَبْلَهُ) ، ولما قَدِمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمَدِينَةَ رَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: (مَا هَذَا) ، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ) فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، قال ابن عباس (رضي الله عنهما): ” حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ) ، أي: صمنا التاسع مع العاشر ، فمن السنة صيام العاشر من المحرم ، ومن تمامها وكمالها صيام التاسع والعاشر منه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً