اعلان
اعلان

ومضات وصفحات من ثقافة جامعة بالحب بين شعبي وادي النيل

السيسي والبشير
كتب : وكالات

لعل زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لوطنه الثاني مصر واجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين الشقيقين تثير ومضات وتفتح صفحات من ثقافة جامعة بالحب بين شعبي وادي النيل.

واذ لا يخفى مغزى وأهمية عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي تبدأ اليوم "الأربعاء" على مستوى رئيسي البلدين الشقيقين عبد الفتاح السيسي وعمر البشير بعد ان كانت تعقد من قبل على مستوى رئيسي حكومتي الدولتين فإن المسائل المتعلقة بدعم التعاون الثقافي بين مصر والسودان حاضرة ضمن أعمال اللجنة المختصة بقطاع التعليم والثقافة وهي لجنة من اللجان القطاعية للجنة العليا.

كما أنه لن يغيب عن الأذهان أن اجتماعات اللجنة العليا المشتركة تتزامن مع الاحتفالات بالذكرى الثالثة والأربعين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة والتي تأسست على تضامن عربي مخلص كان الأشقاء في السودان طرفا فاعلا فيه كما ان اول قمة عربية عقدت بعد حرب الخامس من يونيو 1967 لتعلن للعالم عزم الأمة العربية على الصمود وتحرير الأرض العربية السليبة كانت "قمة الخرطوم" فيما انبهرت الدنيا كلها حينئذ بالتفاف جماهير الشعب السوداني حول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لتكون "البشارة والبشرى بأن النصر قادم رغم قسوة اللحظة ومرارة النكسة".

ولئن خلص المؤرخ المصري الراحل الدكتور يونان لبيب رزق في كتابه: "الثوابت والمتغيرات في العلاقات المصرية السودانية" إلى وجود "ثوابت" لا يجوز المساس بها في العلاقات بين مصر والسودان موضحا أن هناك "خصوصية" بين البلدين صنعتها اعتبارات الجغرافيا ومسيرة التاريخ وحركة البشر على نحو ربما لم يتيسر لأي شعبين في المنطقة فان "الثقافة" من أهم الثوابت في العلاقات بين شعبي وادي النيل.

ودعم التعاون الثقافي بين مصر والسودان يتفق دوما مع حقائق التاريخ ومعطيات الجغرافيا التي تؤكد بدورها أهمية المضي قدما في التعاون الاقتصادي والتجاري وكل مجالات التنمية لشعبين جمعهما القدر بأواصر لا يمكن أن تنفصم.

إنها أواصر ووشائج محبة وقدر مشترك تنساب تلقائيا في إبداعات المثقفين في البلدين الشقيقين مثل الشاعر السوداني الراحل التجاني يوسف بشير الذي كان يذوب عشقا لمصر فيما كانت واحدة من أهم المجلات الثقافية في تاريخ مصر والعالم العربي تحتفي بشعره وهي مجلة "الرسالة" التي ترأس تحريرها الأديب المصري احمد حسن الزيات.

وإذا كان الشاعر السوداني التجاني يوسف بشير يلخص بشعره "الشاعرية السودانية" في رأي كثير من النقاد الذين رأى بعضهم أنه مازال بين كوكبة تتصدر المشهد الشعري السوداني رغم تتابع الأجيال بعده وتدفق مياه جديدة في نهر الشعر السوداني فإن ذاكرة الإبداع الشعري تحفظ ما قاله في حب مصر.

ومن أطرف ما قاله التجاني يوسف بشير بعد شعوره بالإحباط جراء عجزه عن تدبير ثمن تذكرة للسفر إلى مصر: "كلما أنكروا ثقافة مصر كنت من صنعها يراعا وفكرا، نضر الله وجهها فهي ما تزداد إلا بعدا على وعسرا"!

والتجاني يوسف بشير الذي ولد في ام درمان عام 1912 ورحل عن الحياة الدنيا عام 1937 كان من اعلام الحركة الوطنية السودانية وتجلى ابداعه الشعري في ديوانه "اشراقة" بأشواق ومكابدات روحية ووجدانية

وكان الشاعر والكاتب والإعلامي فاروق شوشة الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة قد لاحظ في طرح حول هذا الشاعر السوداني المبدع أنه رحل عن خمسة وعشرين عاما شأنه في ذلك شأن الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي وكلاهما كان يلخص شاعرية بلاده في زمانه.

وبضمير المثقف الكبير وتواضعه يقر فاروق شوشة بأنه سمع بالتجاني لأول مرة من خلال كتاب "الروائع لشعراء الجيل" الذي اصدره الأديب المصري محمد فهمي وهو كتاب حظي بإقبال كبير "بين شداة الأدب" في خمسينيات القرن الماضي.

وقد يكون ما فعله هذا الأديب المصري في خمسينيات القرن العشرين مع هذا الشاعر السوداني الذي قضى في ريعان شبابه وتسليطه أضواء كاشفة على عبقرية التجاني عندما قدمه بكتابه للمثقفين والمهتمين بالأدب والإبداع في مصر والعالم العربي قد تكرر على نحو ما في ستينيات القرن ذاته عندما قام الكاتب والناقد المصري الكبير رجاء النقاش بتقديم أحد أهم المبدعين عبر التاريخ الثقافي السوداني للقارئ العربي آلا وهو المبدع الكبير الطيب صالح.

فلن تغيب عن الذاكرة الثقافية المصرية والعربية الدور الذي نهض رجاء النقاش في تقديم إبداعات الروائي السوداني الكبير الطيب صالح صاحب "عرس الزين" و"مريود" و"ضو البيت" للقارئ المصري والعربي عموما تماما كما كان للكاتب الصحفي الراحل أحمد بهاء الدين إضافة للناقد رجاء النقاش القدح المعلى في تقديم الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش للمتلقي العربي من المحيط الى الخليج.

وبكل الحب والفهم كان الأديب السوداني الكبير الطيب صالح صاحب "ود حامد" و"منسي" يتحدث دوما عن مصر ومبدعيها بل إنه كان كسوداني يقول عن المصريين انهم: "نحن" وكان يبدي دوما إعجابا كبيرا بقصائد العامية المصرية للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي.

ومن الطريف أن الطيب صالح الذي شغل لفترة منصب مدير الدراما في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تحدث بكل التقدير والإكبار عن الفنان المصري الكبير يوسف وهبي وتوقف طويلا امام "تواضع هذا الفنان الكبير أثناء تعاون بينهما في عمل درامي قدمته بي بي سي" من لندن.

وقد تستدعي "لندن والبي بي سي" حالة إبداعية سودانية بالغة التوهج بقدر ما هي كاشفة لعلاقات اجتماعية تتضمن روابط النسب والرحم بين السودانيين والمصريين وهي حالة المبدعة ليلى أبو العلا التي أضحت كاتبة عالمية وواحدة من نجوم الأدب المكتوب بالإنجليزية وتبث اعمالها الدرامية عبر" البي بي سي".

فالروائية السودانية ليلى أبو العلا التي ولدت عام 1964 بالقاهرة ونشأت في الخرطوم تحمل درجة الدكتوراه في الإحصاء من بريطانيا وصاحبة الروايات والمجموعات القصصية: "المترجمة" و"اضواء ملونة" و"منارة" و"حارة المغني" والتي ترجمت ابداعاتها في القصة والرواية من الانجليزية للعديد من اللغات الأخرى هي مصرية الأم ووالدتها استاذة جامعية في "الديموجرافيا" وكانت عميد كلية التجارة في جامعة القاهرة فرع الخرطوم.

وحصلت ليلى فؤاد أبو العلا على جائزة "كاين" العالمية للأدب الافريقي عن قصتها "المتحف" ضمن مجموعتها القصصية "أضواء ملونة" واختارتها صحيفة نيويورك تايمز كواحدة من أهم الكتاب على مستوى العالم في عام 2006 فيما يمكن لقارئ أعمالها أن يرى ألوانا من الحياة الشعبية والشوارع والأزقة في السودان ومصر وبريطانيا.

وتوضح ليلى أبو العلا، التي كان عمها حسن أبو العلا من أبرز شعراء السودان في أواسط القرن الماضي، أنها تكتب بالإنجليزية لأن كل تعليمها كان بالإنجليزية وكذلك أغلب القراءات فيما تعتبر أن اللغة الانجليزية "لغة عالمية وليست لغة الغرب فحسب" كما ترى أن "المسافة بين الشرق والغرب ليست كبيرة مثلما كانت في الماضي غير أن هناك حاجة للحوار ويمكن للأدب أن ينهض بدور إيجابي في هذا الحوار المنشود كما يمكن للأصوات العربية والإسلامية أن تكون جزءا من عملية التبادل الأدبي العالمي".

ولئن جاءت أغلب إبداعات ليلى ابو العلا متصلة بالاغتراب والهجرة وإشكاليات الأفارقة والمسلمين في الحياة بالغرب فهي تقول عن نفسها: "أنا متأثرة بالثقافة المصرية بصورة كبيرة" وتشعر بالفضل والامتنان لوالدها ووالدتها لتشجيعها على القراءة في بدايات تكوينها الثقافي مضيفة: "وقد وفرت لي والدتي على وجه الخصوص الكثير من الكتب وكانت قدوة ممتازة في جمعها لدور الزوجة والأم مع المهنة كأستاذة جامعية".

وفي خضم هذه الوشائج بين المصريين والسودانيين وتجلياتها في مواكب النور والإبداع وعرائس الشعر لم يكن من الغريب أن تتغنى "كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي" ام كلثوم بكلمات الشاعر السوداني الهادي آدم في رائعة "أغدا ألقاك".

وفيما يحق وصف الشاعر الراحل محمد الفيتوري الذي حمل دماء مصرية-سودانية-ليبية بأنه ضمن مكانة خالدة في ديوان الشعر العربي المعاصر لريادته الشعرية المجددة سواء على مستوى المضمون أو الشكل معانقا رحاب الحداثة فإنه يحق أيضا القول بأن قصة الفيتوري إنما تؤكد على أن "مصر هي صانعة النجوم في الثقافة العربية وسماء الإبداع للناطقين بلغة الضاد".

ولعل الشاعر الكبير محمد الفيتورى كان أفضل تعبير في تكوينه ومسيرته في الحياة والإبداع عن مدى التداخل والتفاعل الثقافي العربي وهو الذي عاش سنوات التكوين والدراسة في مصر وانطلقت شهرته منها.

فقصة الفيتورى في الحياة والإبداع دالة لفهم أهمية الدور الثقافي المصري الذي تجلى على لسان الشاعر الراحل كامل الشناوي وهو يقدم ويزكي الشاب محمد الفيتورى للعمل في مجلة آخر ساعة المصرية في بدايات خمسينيات القرن العشرين ويقول لرئيس تحريرها حينئذ محمد حسنين هيكل: "إن مصر تاريخيا هي صانعة النجوم في الثقافة العربية" متنبئا لهذا الشاب بأنه سيكون نجما جديدا من نجوم الإبداع الشعرى تقدمه مصر للعرب.

وقصة الفيتوري الذي توفي في شهر ابريل عام 2015 بمستشفى في العاصمة المغربية الرباط عن عمر يناهز 85 عاما دالة أيضا على مدى عمق وخصوصية العلاقة بين ما يعرف ببلدان "المثلث الذهبي العربي" اي مصر والسودان وليبيا وحقيقة التفاعل الطبيعي على المستوى الثقافي بين المصريين والسودانيين والليبيين.

ومحمد مفتاح الفيتوري الذي يعتبره كثير من المثقفين المصريين "واحدا منهم" ولد بالسودان ونشأ بمدينة الإسكندرية وتخرج من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة وشغل مناصب دبلوماسية في سفارات ليبيا وكانت أفريقيا حاضرة بصورة لافتة في عناوين دواوينه: "أغاني أفريقيا" و"عاشق من أفريقيا" و"اذكريني يا أفريقيا".

وواقع الحال أن مصر كانت حاضرة في إبداعات الفيتوري التي عبرت عن تعدد وثراء وتداخل مستويات هويته العربية والافريقية فيما ارتبط صاحب ديوان " سقوط دبشليم" بأوثق العلاقات مع مثقفين ومبدعين مصريين مثل الشاعر والكاتب كامل الشناوي الذي أخذ بيده في بداية مسيرته الإبداعية التي استمرت حتى وهو يتجول بين عواصم ومدن مثل بيروت وروما والرباط.

ولعل استمرار الدور الثقافي والتاريخي لمصر "كصانعة للنجوم في الثقافة العربية" يتجلى في حالة الكاتب والروائي السوداني الشاب حمور زيادة الذي فاز في عام 2014 بجائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن روايته "شوق الدرويش".

وحمور زيادة من الكتاب السودانيين الذين يرون أن الشهرة الطاغية مصريا وعربيا للطيب صالح صاحب "موسم الهجرة للشمال" وضعتهم في مأزق وظلمت الكثير من الكتاب الجدد ولعل هذه الظاهرة تنطبق أيضا على حالة الشاعر محمد الفيتوري الذي يكاد يكون أشهر الشعراء الذين اقترنوا بالسودان إلى جانب الشاعر الهادي آدم الذي ذاعت شهرته عربيا بعد أن تغنت سيدة الغناء العربي أم كلثوم بقصيدته: "أغدا ألقاك" وكذلك الشاعر الكبير الراحل جيلي عبد الرحمن الذي عاش في مصر منذ أيام الصبا.

وقد يكون الهم السياسي لجيلي عبد الرحمن أحد أقطاب اليسار الثقافي العربي قد جاء على حساب إبداعه الشعري فيما نشر أولى قصائده في مطلع خمسينيات القرن العشرين بمصر وتوزعت كتاباته ما بين عدة صحف ومجلات مصرية مثل المساء والجمهورية وروز اليوسف حتى سافر للاتحاد السوفييتي السابق في عام 1961 وبعد أن امتدت إقامته هناك لنحو 20 عاما تنقل بين عدة بلدان حتى شده الحنين لمصر فضلا عن متطلبات العلاج الطبي بالقاهرة ليرحل عن الحياة الدنيا في شهر اغسطس عام 1990.

ولم يترك جيلي عبد الرحمن للشعر العربي سوى القليل من الدواوين المطبوعة لعل أشهرها: "الجواد والسيف المكسور" وترجم العديد من قصائد الشعراء الروس وعرف بعلاقته الوثيقة وصداقته المخلصة مع المبدع المصري الراحل نجيب سرور.

ولعل الشاعر الراحل محمد الفيتوري أفلت مما يسميه البعض "بلعنة شهرة العمل الواحد على حساب بقية أعمال المبدع" كما كان الحال مع الهادي آدم الذي طغت قصيدته "أغدا ألقاك" على بقية قصائده المنشورة في ثلاثة دواوين وهي ظاهرة تكررت إلى حد ما مع "رواية موسم الهجرة للشمال" التي طغت شهرتها على بقية إبداعات الطيب صالح.

وخلافا لمحمد الفيتوري الذي صنف سياسيا باعتباره في معسكر اليسار شأنه في ذلك شأن شاعرين سودانيين درسا بمصر هما محيي الدين فارس وتاج السر الحسن، فإن الهادي آدم الذي ولد ببلدة الهلالية عام 1927 لم ينتم لأي تيار سياسي فيما يحلو للبعض القول بأنه كان مخلصا لوظيفته الحكومية وجادا في مهام الوظيفة مثلما كان اديب نوبل المصري نجيب محفوظ.

ورائعة "أغدا ألقاك" كانت ضمن قصائد ديوان "كوخ الأشواق" الذي أصدره الهادي آدم من القاهرة عام 1966 فيما تلقى هذا الشاعر السوداني الكبير الذي قضى في نهاية عام 2006 تعليمه العالي بمصر التي احتفت دوما بكل المبدعين العرب وتواصل الآن وظيفتها التاريخية الثقافية كما هو الحال مع المبدع السوداني الشاب حمور زيادة.

وكانت الروائية المصرية سلوى بكر قد وصفت رواية "شوق الدرويش" لحمور زيادة بأنها "عمل كبير ومهم وستكون علامة بارزة في تاريخ الأدب السوداني" وهو الأدب الذي مازال الراحل العظيم الطيب صالح يشكل قطبه الأعظم برواياته الخالدة مثل "موسم الهجرة للشمال"

ومنذ عدة سنوات يعيش حمور زيادة صاحب "سيرة ام درمانيه" و"الكونج" في "وطنه الثاني مصر" ليواصل إبداعه ويكتب أحيانا مقالات وطروحات عبر منابر صحفية وثقافية مصرية فيما نوه الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد بأن روايات هذا المبدع السوداني الشاب تعبر عن قدرته الكبيرة على التصوير البصري وتميز "بغرائبية تعيد للأذهان أدب أمريكا اللاتينية".

ويعتبر حمود زيادة نفسه "محظوظا" لأن إحدى دور النشر المصرية قدمته للقارئ المصري فيما "تلقاه الوسط الثقافي المصري بالقبول" مع تسليمه بأن هناك "أزمة قراءة" في العالم العربي على وجه العموم، مشيرا في الوقت ذاته إلى "عجز النخب الثقافية في التواصل مع الجماهير".

وإلى جانب حمور زيادة صاحب المجموعة القصصية "النوم عند قدمي الجبل" فإن الروائي السوداني الدكتور أمير تاج السر صاحب روايات "مهر الصياح" و"زحف النمل" و"توترات القبطي" و"العطر الفرنسي" و"صائد اليرقات" و"إيبولا 76" عاش بمصر عدة سنوات ودرس في كلية الطب بجامعة طنطا.

والروائي السوداني الكبير الطيب صالح والملقب "بعبقري الرواية العربية" هو "خال" امير تاج السر صاحب روايات "كرمكول" و"سماء بلون الياقوت" و"نار الزغاريد" و"مرايا ساحلية" و"أرض السودان" الذي بدأ مسيرته الإبداعية كشاعر ثم استقر على ضفاف الرواية فيما يكتب احيانا مقالات تنبض بالحب والحنين لسنوات حياته في ارض الكنانة.

ووسط واقع مشحون بالمخاوف والتحديات تشكل رواية "إيبولا 76" استجابة إبداعية للروائي السوداني أمير تاج السر حيال وباء يهدد البشر في منطقة غرب أفريقيا بقدر ما تبرهن على أصالة مثقف عربي يسبق بهذا العمل الإبداعي الروائيين في الغرب ويعبر فيه عن رؤية إنسانية تتحدى الرعب والموت.

ولعل أمير تاج السر في "ايبولا 76" يؤكد حقيقة أن كل شيء في هذا العالم، بما فيه المرض، يمكن أن يكون مصدرا للإبداع ويتحول إلى مادة ابداعية باستعارات وتأويلات ثقافية تنتصر للحياة وتسخر من الموت كأسلوب لمقاومته وإن سلمت بحتميته.

ومن الطريف أن روايته "أرض السودان، الحلو والمر" تحمل رؤية لعلاقة الشرق والغرب وهي العلاقة التي تشكل جوهر أشهر روايات خاله الطيب صالح "موسم الهجرة للشمال" والتي تحمل أيضا بعض الإشارات الدالة على مصر المحروسة التي ترحب اليوم بالرئيس السوداني عمر البشير وبكل الأشقاء في السودان الشقيق.

ولئن رددنا مع الشاعر السوداني التجاني يوسف بشير شعره الخالد حول النيل الذي وصفه "بسليل الفراديس" وخاطبنا معه النيل قائلين: "انت في مسلك الدماء وفي الأنفاس تجري مدويا في انسيابك" فإن النهر الخالد يجمع دوما وسيجمع للأبد بين شعبي وادي النيل ولن يجد كل شقيق سوداني في أرض الكنانة سوى دفق العطر والحب في صدور وقلوب المصريين، وكيف لا ونحن نرتوي معا من النهر الخالد وننتمي له معا بعزة الواثق ؟!.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً