اعلان

فرقة "الشاويش حسب الله".. من الحفلات الملكية إلى "Arabs Got Talent"

"أنا حسب الله السادس عشر آخر سلالة آل حسب الله.. السلالة التي غزت جميع الميادين من ميدان الحسنية لميدان المدبح، من القاهرة إلى الإسكندرية، أنا حسب الله رضيع الفن ونابليون أكبر فرقة موسيقية نحاسية".. عبد السلام النابلسي (حسب الله)، من فيلم (شارع الحب).

تفاجأ الجميع، بتقدم فرقة حسب الله الموسيقية، إلى برنامج اكتشاف المواهب Arabs Got Talent، في حلقته الرابعة من مرحلة تجارب الأداء، بموسمه الخامس، الذي يُذاع على شاشة MBC وMBC مصر.

ونال أداء الفرقة إعجاب لجنة التحكيم، المكونة من أحمد حلمي وعلي جابر، ونجوى كرم،وعلّقت الأخيرة قائلةً: "إذا لم أقل نعم فسوف يعطيني التاريخ كف"، وحصلت الفرقة على "3 نعم".

وفي هذا التقرير، نرصد لكم معلومات عن الفرقة الموسيقية العريقة..

على مدار القرن العشرين، ارتبط اسم حسب الله في أذهان المصريين بفرقة من العازفين والموسيقيين تجوب شوارع العاصمة المصرية القاهرة وتقدم ألحانها للمارة.

وانطلقت فرقة حسب الله للآلات الموسيقية النحاسية، من شارع محمد علي بوسط القاهرة التاريخية سنة 1860.

والغالبية العظمى من المصريين بدأت معرفتهم بهذه الفرقة العريقة، من خلال فيلم "شارع الحب" الذي أُنتج عام 1959، تجسيد الراحل عبد السلام النابولسي لدور "حسب الله السادس عشر".

الشاويش حسب الله

أسس الفرقة الشاويش محمد حسب الله، العازف في فرقة الشرطة المصرية، وتحولت مع الوقت إلى جزء أصيل من التراث الموسيقي الشعبي المصري.

كان الشاويش حسب الله أحد أفراد فرقة السواري التي تعمل في خدمة الخديوي عباس حلمي، وكلمة السواري كلمة ذات أصل فارسي أطلقها العثمانيون على سلاح الخيالة؛ فصار لكل خديوي حكم مصر فرقة سواري للتشريفات والتنقلات وخلافه، غير سلاح الخيالة الموجود في الجيش نفسه، وسلاح السواري هذا كانت له فرقة موسيقية، وكان الشاويش محمد حسب الله عازفًا للكلارينت فيها.

تقاعد الشاويش محمد وهو الرجل المُحب للجمال، الذي استمع لشذرات من موسيقى العالم الكلاسيكية التي عزفت في قصور الخديوي الأربعة والتي كانت تعرف باسم السراي: سراي الخرنفش، وسراي الحلمية، وسراي الريدانية التي تعرف الآن بالعباسية، وسراي الدار البيضاء في طريق الجبل بالسويس، واستمع إلى الموسيقى المصرية المتأثرة حينها بالغنج العثمانلي في شوارع ومقاهي وملاهي شارع محمد علي؛ ففكر ماذا يفعل بعد تقاعده المفاجئ، الذي جاء على أثر اغتيال عباس حلمي عام 1854.

رأى الشاويش أن يتجه إلى شارع محمد علي ليس فقط لسماع الموسيقى أو لعزفها، بل لانتقاء عدد من العازفين بلغ عددهم 11 عازفًا في البداية، أسس بهم فرقته الرائدة، ومع الوقت زاد العدد إلى 25 عازفًا كونوا خلطة غريبة وفريدة في حينها، من الآلات النحاسية والطبول، خلقت مزيجًا شعبيًا وسمفونيًا يشد الأذن فور سماعه.

وبسرعة البرق أصبحت فرقة حسب الله من أشهر الفرق، وأصبحت محل تقدير واحترام من زميلاتها الفرق الأخرى، ومن المجتمع المصري ككل، وصار الجميع يطلبونها بالاسم من أكثر المناطق شعبية وحتى المناطق والأحياء الأرستقراطية، وهنا تكمن عبقرية وتفرد وبصيرة هذه الفرقة ومؤسسها.

عزفت الفرقة أمام الخديوي إسماعيل، السلام الرسمي، الذي كان نصه: (أفندينا دخل الديوان والعسكر ضربوا له سلام)، ثم قامت بالعزف بعد ذلك أمام الملك فؤاد والملك فاروق، وفي الأفراح والحفلات الباردة للبشاوات والأعيان، والأفراح الشعبية الحِرشة والساخنة لأبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة.

وعُرفت فرقة حسب الله على المستوى العالمي، فسافرت إلى عدة دول أوروبية، وشاركت في بعض المهرجانات في فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وعدة دول عربية، وشاركت أيضًا في عدة أفلام سينمائية.

واشتهرت الفرقة بالملابس الحمراء منذ تأسيسها، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى اللون الأزرق والأخضر، ومما هو مشهور عن الشاويش حسب الله أناقته الشديدة في ملبسه، حيث كانت أزرار سترته من الذهب الخالص.

وظلت الفرقة تحت قيادة مؤسسها إلى أن رحل هذا الفنان العظيم عام 1945، ولم يكن له إلا ابنة واحدة، فقاد شلبي أحد أعضاء الفرقة زمام الأمور من بعده، ثم بعد شلبي تولى قيادتها ابنه عبد الله شلبي، ويتولى أمرها الآن عزت الفيومي، 73 عامًا، حفيد الشاويش حسب الله من ابنته الوحيدة.

ورغم أن فرقة حسب الله كانت تتمتع بـ"صيت" كبير في الماضي، إلا أن قائد الفرقة يشتكي من تراجع الإقبال عليها، خاصة بعد ظهور "الدي جي والمهرجانات"، وفي نبرة يكسوها شيئًا من الحزن، قال "الفيومي"، في آخر حوار أُجري معه: “ده رزق ربنا مرة يكون كويس ومرة في النازل، نحن نحافظ على كرامة الفرقة ولا نسعى للزبائن وأصبحنا لا نحضر أي أفراح في أماكن شعبية، وأهم حاجة عندنا كرامتنا، لأن الزمن اختلف والسميعة اختفوا والعصر أصبح غير العصر، ومع ذلك نحافظ على الزي الخاص بالفرقة، وهو الجاكيت الأحمر والبنطلون الأسود أو جاكيت أزرق وبنطلون أبيض، أما التشريفة الكاكي فهي مخصصة للأفلام حتى لا يقول أي أحد أننا نرتدي ملابس أشبه بملابس التشريفات العسكرية في الجيش".

لا زالت فرقة حسب الله موجودة حتى الآن في شارع محمد علي، وقد صار عددهم 6 أفراد منتظرين في حالة من الحسرة، أن يأتيهم أحد يطلب منهم إحياء حفل، فأكثر من قرن ونصف القرن من الزمن كان كفيلًا بأن يبدل الحال، حتى يصل بها إلى التسابق في "Arabs Got Talent”!.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً