اعلان
اعلان

كتكوت الرئيس

فاجأتني شقيقتي القاطنة في محافظة الفيوم ، حيث النشأة والاسرة بعرض مغري استعدادا لشهر رمضان ، توفيرا للنفقات وضمانا لجودة السلع ، بتربية نوع جديد من الكتاكيت تقدمه احدى المزارع التي اطلقت على منتجها الجديد "كتاكيت عبد الفتاح السيسي "، تيمنا بالرئيس وتأكيد على ولاء صاحب المزرعة وتفائله به .

تفاصيل العرض تضمن ، ان الكتاكيت لا تبيض ، وبعد شهرين يمكن ذبحها ، بعد ان يصل وزنها لاكثر من 3 كيلو جرام ، كما ان صحتها جيدة وتتحمل تقلبات الجو ، والفاقد فيها قليل للغاية.

الحقيقة ان هذا العرض دفعني للخوض في طريقة تفكير المصريين ، وقدرتهم البارعة على تمجيد الرؤساء وتخليدهم ، حتى وان كان ذلك رمزيا ، لكنه في النهاية يعبر عن ثقافة تمكنت من رؤس 100 مليون مصري، يرفع جميعهم شعار "بطيخ مولانا "، دون خجل او حتى تستر او خوف من تقلبات المستقبل، اعتمادا على مبدأ ذاكرة السمك التي يعاني منها الجميع.

ولا يمكن هنا بأي حال من الاحوال، توجيه اي لوم للرئيس سواء كان عبد الفتاح السيسي او سلفه او حتى خلفه ، فجميعهم وعن ثقة لن ولم يطلبوا هذا التأليه، ولكنهم يجدون انفسهم مضطرين لقبوله تحت ضغط الامر الواقع ، فهذه الحالة التي نراها في كل مؤسسات الدولة ، دون ان يطلب الرئيس نجد من يبدو متطوعا لمنح هذااو منع ذاك بدعوى تعليمات او تكليفات الرئيس .

الاغرب هو ان ما يطلبه الرئيس من حكومته او مساعديه، لا ينفذ رغم استماته في تكليفه كـ"تجديد الخطاب الديني " أو دفع "عجلة الانتاج" او "الابتكار" في التصنيع او حتى الزراعة ، او على الاقل الالتزام بأصول المهن ، سواء كانت فيما يخص الاطباء او المدرسين او الصناع وصولا الى الوزراء ، فالجميع يرى ان "الحنجلة " و"التنطيط" هو الحل الامثل لانتزاع ثقة الرئيس ، او على الاقل اتقاء شر الملاحقات الحكومية لمخالفات او خروج عن النص

فعلى مدار اكثر من عامين هما عمر حكم الرئيس السيسي ، لم نرى وزيرا مبتكرا ، او مسئولا متطوعا، يقدم حلا لازمة ارتفاع الاسعار ، او علاج نقص او تدني الخدمات في قطاعه ، او ابتكار لحل ازمة من تلك التي يأن منها المصريين ، فالجميع اصبح متقنا للتملق والنفاق ، واكتفى اكثرهم لوضع لافتات التأييد ، وتكميم افواه المنتقدين ، والصاق تهم الخيانه لكل من تجرأ وانتقد قرارا ، او رفض تصرفا او تصريحا .

الاغرب من كل ذلك، ان ممثلي الدولة العميقة نجحوا بكل فخر في تعليم رجال الدولة الجدد، اساليب "التأليه" والتخليد وخداع الرئيس نفسه ، دون ان يعتبروا مما وقع لاسلافهم ، وكأن ثورة لم تقم او شعبا لم يسقط نظام الفاشية الدينية ، ورغم ذلك تظل الحالة المأساوية التي يعاني منها الجميع حتى تلك التي انتقلت الي الشعب نفسه ، واصبح هو الاخر يسلك مسلك مسئوليه في اختصار الطرق وكل على طريقته ، ويبقا الكتكوت هو رمز خلود المسئولين في مصر ، وهو ما يجعلنا نعتب على فراعنة مصر لتجاهلهم كتكوت الشعب المصري الذي اصبح مؤخرا حكاية جديدة في مسلسل نفاق الوزراء والرؤساء .

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً