اعلان

بطل من سيناء (6).. "قنص 12 إرهابيًا وهو مصاب".. قصة المجند "عبدالرحمن" الذي روى تفاصيل جنازته قبل استشهاده.. وآخر رسالة لوالدته: "أنا هموت قريب أوعي تزعلي"

كان الطفل الصغير "عبد الرحمن" يحمل في كفه الرقيق سلاحًا من "البلاستيك"، يجري وراء قرنائه من الأطفال، ليلعبوا سويًا لعبة تشبه المطاردة والقبض على المجرم، ومع مرور الأيام، زاد حبه وتعمق تفكيره في القبض على كل من يتعدي على وطنه، لم يكن عبد الرحمن متولي الذي ولد في محافظة المنصورة، كغيره من الفتيان، الذين لا يحملون همًا للدنيا، راغبين في التنزه وتكوين صداقات على أبعد الحدود، بل كان رجلًا بمعنى الكلمة، وظهرت تلك الصفة واضحة عندما قرر أن يعمل في المرحلة الثانوية، لمساعدة والده على مشقة الحياة.

مرت الأيام، وأيقن الشهيد عبد الرحمن الذي استشهد في الرابع من يوليو عام 2015، أن دخول الجيش هو الشيء الوحيد الذي سيحقق حلمه، فأنهى دراسته بالمعهد الفني الصناعي بالمحلة الكبري، وقرر أن يتقدم للتجنيد، لينول شرف الخدمة في سيناء، لكن ظروف عائلته المادية، وقفت حائلًا بينه وبين تحقيق حلمه، ولذلك جمع الأموال من أصدقائه والتحق بالجيش، وتم اختياره للخدمة في سيناء.

البطولات لا تنتهي في سيناء، هي مسلسل طويل أبطاله رجال القوات المسلحة، يسطرون حلقاته بدمائهم من آن لآخر، وفي الوقت الذي يسود فيه الصمت ويشتد فيه سواد الليل، تعلو أصوات المدافع والأسلحة الثقيلة، معلنة عن بطولة جديدة لأحد قوات الجيش المصري، تقوي عزيمة الشعب المصري في حربه ضد الإرهاب، وتنال من الروح المعنوية لما تبقى من فلول الإرهاب بسيناء.

وتنشر "أهل مصر" على مدار عدة حلقات، حكايات لأسود من الجيش المصري في سيناء، قدموا دمائهم رخيصة، وسجلوا بطولات لن تمحى من الذاكرة بمرور الوقت.

أمام حضور لفيف من قيادات الجيش، وقف قائد الكتيبة التي كان يعمل بها الشهيد المجند عبدالرحمن محمد متولي رمضان، صاحب الـ22 عامًا، بكمين الرفاعي، في سرد شجاعة البطل الشهيد، كيف تحامل المجند الشاب على نفسه بعد إصابته، وثابر حتى قتل 12 إرهابيًا في أرض المعركة التي دارت بين أفراد كتيبته والإرهابيين المهاجمين لهم.يقول قائد الكتيبة: "في بداية المعركة أصيب بطلقة في جنبه فقلت له نصًا "اجمد يا عبدالرحمن، فرد يا فندم أنا جامد وقايم أكمّل، قام وضرب حوالي 12 وقتلهم وكان بيضحك وسعيد من نيشانه الصائب وعدد القتلى اللي أسقطهم، وكنا أنا وعبدالرحمن فوق المبنى لقنص الإرهابيين، وزمايلنا تحت بيرموا قنابل لحد ما ربنا كتب له الشهادة بطلقة في الرأس".قبل المشهد السابق بـ10 أيام فقط، أخبر الشهيد "عبد الرحمن" والده بقرار نقله للخدمة في سيناء، وطلب من أبيه إلا يخبر والدته، خوفًا على انفعالها وخوفها عليه من الخدمة في تلك المنطقة الخطرة. 

- "ابني كان عارف أنه هيموت وكلمني يوصيني مزعلش":"عبد الرحمن كان طيب وحنية الدنيا فيه" بتلك الكلمات بدأت والدة الشهيد عبد الرحمن التي ترتدي جلبابًا أسودًا فضفاضًا، ويظهر الانكسار واضحًا في نظرة عينيها، تروي تفاصيل حياة نجلها الذي استشهد في إحدى العمليات الإرهابية بالشيخ زويد، موضحة أن الشهيد كان يعلم بقرب نهايته.وتتابع والدة الشهيد: "ابني استشهد الساعة 6 الصبح وقبلها بيوم كلمني وقالي ادعيلي يا ماما أنا هقولك حاجة تزعلك بس سامحيني عشان حاسس أن موتي قرب أوي"، كانت تلك هي المكالمة الأخيرة التي دارت بين الشهيد عبد الرحمن ووالدته قبل استشهاده على يد إرهابين بمدينة الشيخ زويد في الرابع من يوليو عام 2015، الذي يصادف نهاية شهر رمضان المبارك."في الوقت اللي كان ابني بيموت فيه أنا حسيت وبالليل مقدرتش استحمل احساسي ده، قلبي كان وجعني على ضنايا، كلمت أبوه وقولتله كلم عبد الرحمن وطمني"، وتتابع: "بعد ما كلمته لقى قائد الكتيبة اللي فيها عبد الرحمن بيتصل بيه ويبلغه أن ابنه استشهد، وكان هو أول واحد أخد الصدمة"."استشهد وأنا كان بقالي 5 شهور مشوفتوش، كان واخد إجازة 5 أيام لكن أنا كنت مسافرة، والإجازة ده أخدها مكافأة عشان هو أفضل واحد عرف يضرب بالسلاح خلال فترة تدريبه".

- "الفراق وجع في القلب ملوش دواء":لا يوجد إنسان لم يشعر بمرارة الفراق من قبل، ولكن الفراق الذي شعرت به والدة البطل الشهيد عبد الرحمن الذي استطاع أن يقتل 12 إرهابيًا قبل استشهاده بالرغم من الإصابة التي تلاقاها في جانبه الأيسر، كانت مختلفة تمامًا، ولخصتها والدة الشهيد في عبارة من جملتين وهي: "الفراق ده وجع في القلب ملوش دواء، عمري ما هخف منه إلا لما أموت وأقابل ابني الله يرحمه".

لمتابعة الحلقات السابقة اضغط هنا

- "ابني كسب الشهادة عند ربنا":"أن استشهدت يبقي كسبت أحسن مقام عند ربنا وأن رجعت يبقي بقيت بطل".. تلك هي الكلمات التي بدأ والد الشهيد عبد الرحمن بها حديثه عن نجله، ويقول: "أنا فرحان أنه مات شهيد وبيدافع عن أرض بلده"."كان عارف أنه هيموت قبل استشهاده بـ3 أيام، كلمني وقالي كل تفاصيل جنازته وكان بيضحك وفرحان، وده خوفني من أنه يسشتهد بجد واتحرم منه"، كانت تلك هي تفاصيل المكالمة الأخيرة التي وردت بين الشهيد ووالده.

- "كان مصاب ولكن قدر يقتلهم":"ابني قدر يخلص مصر من 12 إرهابي مرة واحدة، بالرغم من أنه كان مصاب، ومفيش طلقة غلط فيها، والحمد لله نال الشهادة في الآخر، ربنا يوعدنا بالمنزلة اللي أخدها عند ربنا".. لم يستطيع والد الشهيد أن يتحدث عن نجله الذي حرم منه وهو في العشرين من عمره، قبل عيد الفطر بأيام قليلة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً