اعلان

مرضى "الروماتويد" يكتوون بنار نقص "البنسلين": "بنموت واحنا لسا على وجه الحياة"

داعبت أشعة الشمس الأرض بنشاط كعادتها كل صباح، بينما تفتح هاجر التي اكتشفت إصابتها بـ"الروماتويد"، منذ 3 أشهر، جفونها بتثاقل، استعدادًا لخوض يوم جامعي جديد في عامها الثاني بكلية التربية، حاولت أن تحرك أطرافها، لكن السيطرة مفقودة، أصرت على النهوض، لكن ذاكرتها استعادت ما شعرت به سابقًا، بعد التأخر في جرعة "البنسلين"، فأناملها لم تكن قادرة على التمسك بالقلم أثناء المذاكرة، فاستسلمت وتركت جسدها يهوي على السرير.

لم تستطيع أزمة نقص البنسلين، أن تمحو ابتسامة هاجر الهادئة، صاحبة الـ22 عامًا، التي بدأ جسدها يتحمل وخز حقن البنسلين في أغسطس الماضي، بعد ألم 4 سنوات في المفاصل، دفعها لإجراء تحاليل "بكتريا سبحيه"، أثبت إصابتها بالروماتويد "الحقنة المصري بـ7 جنيه والمستورد بـ10 لكن المستورد أخف ألم وحرقان"- طبقًا لرواية هاجر بنت محافظة المنوفية لـ"أهل مصر".

تستعد هاجر نفسيًا قبل جسديًا لتحمل آلم حقنة البنسلين، فتعبر عن يوم الجرعة بقولها: "بأخد الحقنة كل 15 يوم، بيكون يوم قمة الوجع، بحس بميه نار في جسمي، وآلم في المعدة ومش بحس بطعم الأكل فتره، وبتعب من أقل مجهود".

منذ بدء أزمة البنسلين، وهاجر تجوب الصيدليات وتدق أبواب الأصدقاء والأقارب بحثًا عن الحقنة "المنوفية لفيت فيها والحقنة غير متوفرة، لكن واحدة صحبتي عندها روماتيد زيي، أخوها سافر إسكندرية عشان يشتري لينا حقن بسعر 50 جنيه"- حسبما وصفت.

من هاجر التي تتطاير مخاوفها حولها من استمرار أزمة البنسلين، إلى عائشة التي يحتضن كفها علبة البنسلين لطفلها محمد، تزامنًا مع جلوسها أمام صيدلية الإسعاف، في انتظار شقيقتها التي انهكها الوقوف في طابور انتظار الحقن بالصيدلية "طابور الوجع اللي أخره شفاء مؤقت" حسبما لقبته.

بجسده المرتعش ومفاصله الحمراء ودرجة حرارته المرتفعة، أطل محمد صاحب الـ15 عامًا، على والدته، التي تعمل في الحياكة منذ 5 سنوات، بعد وفاة زوجها، يستعطفها أن تجلب حقنة البنسلين، التي كشف الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن أزمة نقصه بالأسواق ستحل في الـ20 من ديسمبر الجاري"لما بشوف أبني كده وأنا مش عارفة أخفف عنه بتمني أموت.. حسى بالعجز والضعف قدام وجعه"- حسبما وصفت لـ"أهل مصر".

المسافة التي تقطعها عائشة من مسقط رأسها "البحيرة" إلى صيدلية الإسعاف بالقاهرة، قادرة على قتل نشاط جسدها، الذي لم يعد قادرًا على الانتهاء من تصميم الملابس النسائية وخدمة أطفالها الثلاثة، الذين لازالوا في طور الطفولة، لكن نقص البنسلين بالقرب منها دفعها للشقاء "ده ابني لو دفعت عمري مش كتير عليه، بصحى من 4 الفجر وأسيب ولادي عند أمي وبجيب أختي عشان عندها روماتيد ونركب ونقعد على الرصيف قدام صيدلية الإسعاف لحد ما ناخد الدواء بالروشتة".

دقات قلوب الجالسين أمام أبواب صيدلية الإسعاف، لم تعد تحمل شغف انتظار الحصول على البنسلين، بعد أن قال أحد مسئولي الصيدلية أن الدواء نفذ وغدًا سيأتي المزيد، فيصف عبد الرحمن علي المشهد الذي تعرض له من أيام لـ"أهل مصر": "أنا من 7 الصبح واقف على باب الصيدلية فرحان أني أخيرًا لقيت البنسلين لبنتي اللي مش قادر اتحمل دموعها وفجأة يطلع واحد يقول الدواء خلص تعالوا بكرة يكون أتوفر ليكم.. بنتي بتتوجع ذنبها إيه عشان يحصلها كده".

تأخر جرعة البنسلين، لازالت بصماته محفورة في جسد شاهندة، صاحبة الـ12عام، من الآلام التي تغزو كل قطعة بجسدها وشحوب وجهها، فيروي والدها: "البنت بقالها يوم تعبانة ومش قادرة تتحرك عشان الجرعة أتاخرت، بس نحمد ربنا عرفت أشتري لها الجرعة ومنتظرين الوجع يهدى.. ربنا يتولاها".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً