اعلان

هنا مستشفي "أبو الريش".. قصص أطفال الغلابة مع طابور الانتظار.. أجهزة لاتعمل ومرضى يتألمون.. سيدة تبحث لطفلها عن "كيس دم" (فيديو وصور)

دونت إسراء، التي تخطت حاجز الحادي والعشرين،في أكتوبر من العام الماضي، قصتها مع التبرع لمستشفى"أبو الريش" بالسيدة زينب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وذكرت: "بتاع الأمن بقوله عاوزة اتبرع جري جابلي كرسي وكان ناقص يشيلنى.. جنب سور المستشفى بالليل هتلاقوا ناس نايمة في الشارع دول أهل الأطفال اللي جوه.. ياريت كلنا نتبرع للمستشفى عشان الأطفال تعيش"، يومًا تلو الآخر، تنقلت الرسالة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن وصلت منذ ساعات لصفحة ابنة محافظة الشرقية، خديجة صلاح، إخصائية التخاطب وتنمية المهارات، بعد أن أخذت حظها من التنقل عبر العشرات من جروبات "واتس آب".جلست "كريمة مصطفى" في عربة المترو تنتظرعلى مقعد يجاور الباب تنتظر الوصول لـ" محطة السيدة زينب"، تداعب طفلتها "غادة" التي يظهر عليها علامات الإجهاد، تحدث طفلتها تكمل عامها الخامس: "ادعي ربنا يا غادة مستشفى أبو الريش تكون فاضية النهاردة وجهاز أشعة الصبغة يكون اتصلح عشان انتي تعبتي خلاص".في المحطة حملت صغيرتها على كتفها، تسأل عن موقع المستشفى، بإشارة صغيرة من الأصبع الأصغر للضابط الذي يجلس على كرسي خشبي يتهز يفتش حقائب الركاب، حصلت كريمة على وجهتها.بمجرد خروج "كريمة" من الباب الأيمن لمحطة السيدة زينب وقع نظرها على مبني ضخم، تتدرج ألوانه بين الأبيض والأصفر، لا تخلو عدة أعمدة به من اللون الأخضر والأحمر، تمسكت بطفلتها التي خلدت في نوبة من النوم العميق، بخطوات تسارع بعضها البعض، ركضت نحو باب العيادات الخارجية بمستشفى "أبو الريش" بعد أن نالت حظها من الوقوف ما يزيد عن نصف ساعة في طابور التذاكر، الزحام الشديد دفعها للبحث عن مكان تنتظر فيه لجأت لأحد الأرصفة القريبة من باب المستشفى الخلفي، أملًا في إطعام طفلتها قبل الكشف.لم تكن "كريمة" هي الوحيدة التي تجلس بطفلتها، فـ"الحاجة خيرية" كانت خير جليس لها، دقائق وبدأ الطرفين في تبادل الحديث عن المستشفى، فتقول كريمة: "متعرفيش يا حاجة الزحمة هتخف أمتى لإن أنا جاية من الشرقية وطالعة 6 الصبح من البيت عشان بنتي عندها إلتهاب رئوي"، لم يكن من "خيرية" إلا أخذ الطفلة بين يدها، قائلة: "يا بنتي أنا وحفيدي اللي عنده 4 سنوات من 10 الصبح هنا وقاعدين في الشارع منتظرين نتيجة التحليل أصبري وعلى الظهر المكان بيفضى وقتها ادخلي براحتك".بإجهاد وتثاقل، خرجت "سعدية" وشقيقتها "نادية" من باب العيادات الخارجية لمستشفى "أبو الريش" تحمل كل منهن طفلها، فأتخذت الأولى من كرسي بلاستيكي مغطى بقطعة ملابس نسائية مقعدًا لها بينما لم تجد الآخرى مكانًا تريح فيه قدميها إلا الرصيف، أما الطفلة "هناء" صاحبة الـ15 عامًا، التي تجلس من الخامسة صباحًا إلى السابعة مساءً أمام منضدة خشبية مرصوص عليها ملابس الأطفال، أملًا في بيعها لأهالى الأطفال المرضى، فبدأت في متابعة حديث الشقيقتين، ناظرة إلى صغارهم بنظرات تملأها الدموع.في الرابعة من فجر اليوم، كانت "سعدية ونادية" في السيارة الميكروباص، متوجهين إلى محطة مترو حلوان، فتقول الأولى لـ"أهل مصر": "أنا وإختي ساكنين بعد حلوان بكتير، وصلنا المستشفى على 7 الصبح وبقالنا 4 ساعات عشان ندخل نكشف واختي سايبة بيتها عشان مجبش لوحدي، والمعاملة وحشة جدًا لدرجة إني عيطت من زعيق الممرضة فيا قدام عيادة الأنف والأذن عشان ورقة الكشف وقعت مني بعد ما هي سجلتها في الدفتر".بكاء الأطفال يتناغم مع نداء الباعة الجائلين في خلق سينفونية من الضجيج الذي لا ينقطع أمام العيادات الخارجية لمستشفى "أبو الريش" التي تستقر أمامها منضدة خشبية محملة بـ"السميط" الذي أخذ حظه من الهواء البارد، أما عن يمين الباب الحديدي للعيادات، فاستقر شاب في الثلاثين من عمره بـ"نصبة" شاي، والتصق بجانبه رجل في السبعين من عمره يدلل على ألعاب الأطفال البلاستيكية، التي تصدر أصواتًا تجذب الأمهات عن الأطفال الذي يغط بعضهم في نوم عميق.على بعد خطوات من العيادات الخارجية، جلست "نعيمة" ذات السبعين عامًا، يستقر حفيدها الذي لم يتم عامه الرابع على قدمها، بينما تحاول حفيدتها التي تماثله العمر، في دفن رأسها بأحضان جدتها، رغبة في الأختباء من أشعة الشمس التي تداعب خصلات شعرها الأسود، فتقول الجدة لـ"أهل مصر": "أنا كنت بتعالج في المستشفى سنة 2008 أيام لما الذكرة كانت بجنيه، ودلوقتي معرفش بكام لكن جايبة ولاد ابني عندهم سخونية شديدة، ويارب المستشفى تكون أفضل من الأول زي ما سمعت من الستات".في مقدمة الشارع الذي تقع به عيادات مستشفى "أبو الريش"، يقف "عبدالله" بعربة الفول، يشبع البطون الجائعة، القادمة من كافة محافظات مصر، حاملة الأطفال المرضى، بينما يتابع الشاب الذي لم يتخطى حاجز الثلاثين تقديم أطباق الطعام للسيدات، استقرت عائلة يظهر عليهم علامات الحزن والانكسار بجانب العربة، فيقول الأب الذي يحمل طفلته الذي يجهش بالبكاء على كتفه لـ"أهل مصر": " بنتي عندها إلتهاب رئوي وكنت عايز أعمل لها أشعة بالصبغة لكن الجهاز بايظ وعمالين دايخين أنا وأمها بقالنا أيام وللاسف ساكنين في بني سويف".الزوجة التي لا يظهر من نقابها الأسود إلا أعين تراقب طفلتها المستقرة على كتف زوجها وصوت يشبه النحيب، تروي لـ"أهل مصر" ما سمعته عن "أبو الريش": "إحنا سمعنا إن فيه أهالي مرضى بيطلب منهم تبرعات بالدم لو مش ليهم بتتحط في الثلاجة لمريض تاني، وفيه بيشتري الدواء على حسابه والناس خلاص مبقاش في جيبوهم فلوس للأكل مش العلاج كمان".أخذ "عمر" الشاب الذي أكمل عامه الـ25، يتنقبل بالصينية المعدينة المحملة بأكواب الشاي الساخن الذي يتصاعد منه الدخان الكثيف، بين الجالسين أمام مستشفى "أبو الريش" الذين يبحث كل منهم عن مصدر للدفأ لا يجده إلا في كوب من الشاي الثقيل ذو السكر الكثيف، بينما يتحرك "عمر" أمام المستشفى، تصطف عشرات الأسر بأطفالها على الكراسي الخشبية أمام "القهوة البلدي" التي تبعد خطوات عن باب العيادات الخارجية.على منضدة مغطاة بقطعة قماش زرقاء، اصطفت الأسرة المكونة من 7 أفراد، حول أطباق الفول وأقراص الطعمية الساخنة وأكواب الماء الباردة، فيقول "هاشم" كبير الأسرة: "إحنا من الصعيد وجايين عشان الأطفال عندهم برد شديد وطلعنا من بيتنا 3 الفجر ولحد دلوقتي منتظرين الدور وقولنا نقعد على القهوة نأكل بدل ما نقع من طولنا".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً