اعلان

هل أتاك حديث "بشير عياد"؟

   كنا نشعر أنه أصغر منا سنا، بسبب حيويته المتدفقة، وخفة ظله الدائمة، وسرعة بديهته المدهشة، فضلا عن أناقته التى لا تفارقه، حتى عندما اشتد به المرض، وتوغل وتغول فى كبده، كان يقاوم فى هدوء، لم يساورنا شك فى أن الموت سوف يواصل "فصوله المؤلمة" معنا، وينتزع من بيننا شعلة الإبداع التى لا تتوقف عن التوهج والنضج، كان الأمل يحدونا فى أنه سوف يتعافى ويواصل سيرته ومسيرته مع الإبداع، ويكمل حلمه بتقديم موسوعته عن السيدة "أم كلثوم"، ولكنه الموت الذى لا يرحم، ولا يملك أى قدر من المشاعر الطيبة، الموت الغادر الذى يقتل الفرحة فى مهدها، ويغتال الضحكة فى أوجها، وينشر الكرب العظيم فى أى مكان حلّ به، الموت الذى يكره السعادة، ويعشق الحزن، الموت الذى انتزع مبدعا من طراز فريد، اسمه "بشير عياد"، قبل عام بالتمام والكمال، يبقى الموت هو الحقيقة الوحيدة فى هذا العالم، التى لا تقبل جدلا، الموت هو الذى يقتل حياتنا، يجهض سعادتنا، يباغتنا فى أية لحظة دون استئذان.. الموت هو الذى يردنا إلى "اليقين"، إذا استبدت بنا الوساوس والشكوك.. "كفى بالموت واعظا"، الموت هو ذلك الغاشم الذى لا يرحم، لا يشغله اليتامى من الأطفال، ولا الثكالى من النساء، ولا بكاء القلوب، ولا دموع العيون، يضرب ضربته، وينصرف هادئ البال، فى ذكراه الأولى، لن أتكلم عن "بشير المبدع"، ولا "بشير القابض على مفاتيح الإبداع"، ولا "بشير الإنسان"، ولا "بشير الصديق المخلص"، ولا "بشير الناصح الأمين"، ولا " بشير العنيد"، ولا "بشير المعتز بنفسه وكرامته"، ولا "بشير الأنيق المتأنق"، ولا "بشير السخى الكريم"، فقد كان كل هؤلاء ويزيد، كان إنسانا رائعا، نفرح بحضوره، فحضوره كان طاغيا، ونفتقده حال غيابه، ونشعر بأن شيئا كبيرا ينقصنا، ولكنها إرادة الله، وقضاؤه الذى لا راد له، فهو من خلق الموت وجعله نهاية حى، فكل ابن آدم، وإن طالت سلامته، على آلة حدباء محمول، وعزائى حكمة "مونتيسكو": يجب أن لا نبكي على أصدقائنا ، إنها رحمة أن نفقدهم بالموت و لا نفقدهم و هم أحياء".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً