اعلان

في فن البانتومايم

    دائما يكون الكلام هو المعبر عما يجول بخاطر الإنسان، ففى القديم قالها الفيلسوف (تكلم حتى أراك)، إلى أن تطور الفعل فأصبح الكلام لا يعادل حقيقة المتكلم، ومنها ظهرت لغة الجسد وتلك العلوم اللتى يحاول منها الإنسان فهم الأخر وتحليل شخصيته.

وقبل أن تفقد الكلمة معناها و من عصور مضت فى اليونان القديمة ظهر فن التمثيل الصامت الذى أطاح بالكلمة من فوق الجبل، واحتل مكانها حركة يد، إنحناءة جسد، تضخيم حركة أداء الفعل ، لكن العقل دائما يسأل.. هل زهد الإغريق القدامى الكلام فأثروا أن يظلوا صامتين.. أم أنهم أرادوا أبتداع فن أخر يضاف إلى جبال فنونهم الضخمة.. هذا سؤال أجابت عليه الكثير والكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه عبر مئات السنين.

ظل فن الأداء دون الكلمة أو (البانتوميم) يتطور مع الزمن حتى دخل فى الفنون الأخرى وأصبح له رواد وأساتذه و نظريات تراكمت بأشخاصها عبر التاريخ إلى حتى وصلت بنا إلى ما نحن فيه الأن ، و شتان ما بين التمثيل الصامت وفن البانتوميم، فكلاهما أختار رفض الكلمة، لكن الأول أستخدم نفس الأدوات فى التعبير عن حالة ما ، أما الأخر فهو يحتل عقلك دون أداة مساعدة ، لا يملك سوى جسده، لا ديكور حوله، لا مؤثرات صوتيه أو بصرية ، فقط هو وحده بجسده ، يتحول إلى شجرة ، يصبح طائرة ، طفلا صغيرا يقتله البكاء أو إمرأة لعوب تمارس البغايا على قارعة الطريق ... إنه الضاحك الباكى الحقيقي، أنه الرافض المعترض لكل من ترهبهم الكلمات ، إنه المقاتل الصامت حتى وإن سقط يسقط يافعا لا تحركه الرياح و لن يستطيع الزمن الزمن اللعب بالكلام وتأويل ما قال، لأنه فى الأصل لم يقول، وإنما أختار أن يصبح لوحة عبر الزمن .

أقيمت يومى الثلاثاء والأربعاء بـ ساقية عبد المنعم الصاوى مسابقة المايم وتقدم إليها عدد 10 فرق تم تصفية 5 منها، وحصل البعض منهم على الجوائز والبعض الأخر خرج حزينا وكانت لجنة التحكيم مكونة من الفنان والرسام د. حسين العزبى، وهشام جمعة مهندس الديكور، وسماء إبراهيم فنانة الديكور، والبانتوميم والتأليف المسرحى ، والحقيقة ولا أخفى سرا أننى شعرت بالفزع من عدم معرفة أصحاب العروض المشاركة لفن البانتوميم ، بالرغم من سهولة البحث فى عصرنا الحديث و بضغطه واحدة على زر الإنترنت تستطيع أن تأتى بأخر هذا الفن منذ أن بدأ، فهناك العالمى الراقص الإنجليزى ( جون ويفر)، وأهم من أنتجوا فنون البانتوميم (الإنجليزى ديفيد جاريك )، وأيضا ( الفرنساوى أوجست هاريس ) الملقلب بـ أبو البانتوميم الحديث .

كذلك هناك من المشاركين من تعامل مع الموضوع بسطيحة ولم يكلف نفسه العمل بجدية وكان هذا واضحا جدا فى مستوى العروض التى قدمت ، لكن إنصافا للحق كان هناك بعض المشاركين لديهم بالفطرة الإحساس بقيمة الموضوع و فقط لا ينقصهم سوى إثقال الموهبة بالدراسة الأكاديمية ..

البانتوميم فن عظيم يرقى إلى عروض البالية ويستطيع أيضا النزول إلى العامة فى الشوارع ... ليجعل العالم سعيدا أو تعيسا فقط دون الكلام ...

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً