اعلان
اعلان

كاتب بريطاني: كلنا "استالينيون" مع سوريا

جوزيف ستالين
كتب : وكالات

استهل الكاتب البريطاني جدعون راخمان مقاله في "الـفاينانشيال تايمز" بمقولة "لـجوزيف ستالين": "موت فرد مأساة، موت مليون مجرد إحصائية"، مؤكدا أن تلك المقولة عادة ما تعتبر تجسيدا للوحشية المنافية تماما للقيم الإنسانية والليبرالية المتفاخَر بها في الغرب الديمقراطي.

واستدرك "راخمان" قائلا: "لكن عندما يتعلق الأمر بالحرب في سوريا، نجد أن الغرب قد استطاع التعايش مع مقولة ستالين، وكذا بقية العالم، على مدى السنوات الأربع الماضية، كتبتُ العديد من المقالات حول سوريا مليئة بالإحصائيات المرعبة: في أول عام نوهتُ عن سقوط 50 ألف قتيل؛ وفي العام الثاني كانت الحصيلة 100 ألف؛ وفي الثالث بلغت 200 ألف؛ والآن ربما تجاوز العدد نحو 400 ألف قتيل. الشيء الذي ظل ثابتا لم يتغير هو أن تلك المقالات حول سوريا لم تجذب سوى القليل من القراء".

وقال راخمان: "إن قصة أو صورة لمأساة واحدة بين الحين والآخر ربما أثارت فورة خاطفة من التعاطف في الغرب، كتلك التي أثارتها صورة الطفل السوري ذي الثلاث سنوات وقد لفظته الأمواج على الشاطئ التركي".

وأكد الكاتب أن ثمة شيئا غامضا ومزاجيا في تلك الفورات التعاطفية التي قد تستطيع صورة واحدة أن تثيرها فيما تعجز عن ذلك صورٌ أخرى ربما كانت لا تختلف عنها كثيرا، لكن أحدا لا يلتفت إليها.

ولفت راخمان في هذا الصدد إلى أن عدد الغرقى في المتوسط جراء محاولة الهجرة يبدو مُحّقِقا رقما جديدا هذا العام، غير أن معظم الرأي العام يبدو قد توقف عن الاهتمام.

ودعا صاحب المقال إلى ضرورة أن يحاول الساسة الغربيون بطريقة ما أن يصيغوا سياسة إزاء سوريا تأخذ في الاعتبار هذا التقلب في المزاج الشعبي، بين التجاهل والفوران العرَضي.

ولفت راخمان إلى أن القادة الذين اتكأوا في سياساتهم على أساس افتراض أن عاطفة الناخبين ستظل مشتعلة على مدى شهور، هؤلاء القادة قد نالوا عقاب افتراضهم الخاطئ.

وعاد الكاتب بالأذهان إلى الصيف الماضي، مُذّكِرا كيف حمل العديد من الألمان لافتات مكتوبا عليها "مرحبا باللاجئين هنا"؛ مما شجع "آنجلا ميركل" على اتخاذ قرار بترجمة تلك الكلمات حرفيا؛ ففتحت أبواب ألمانيا أمام أكثر من مليون مهاجر؛ لكن بعد أن حقق اليمين المناوئ للهجرة مكاسبا ضخمة في الانتخابات المحلية في وقت سابق من الشهر الجاري، فإن ميركل اعتذرت علنيا على سياستها إزاء اللاجئين، وهكذا فإن تعاطف العام الماضي قد تحول إلى ندمٍ العام الجاري.

وفيما يتعلق بـباراك أوباما، فعند الحديث عن سوريا، يتم اتهام الرئيس الأمريكي بالإفراط في القسوة والتعاطف في ذات الوقت: حيث يعتقد العديد من الليبراليين الأمريكيين أن فشله في التدخل لإيقاف سيول الدماء سيظل أبدا وصمة على سُمعة المستر أوباما، فيما يواجه الرئيس في ذات الوقت هجوما ضاريا من اليمين على رغبة أوباما في السماح للمزيد من اللاجئين السوريين بدخول الولايات المتحدة.

وقال الكاتب: "إذا كان الحنق المشتعل الآن جراء القصف الروسي لقافلة مساعدات في سوريا يبدو بمثابة منعطف في الجدل الغربي، فإن التجربة تقول: إن أية إثارة للاهتمام في سوريا سرعان ما تنتهي إلى حالة من الارتباك واللامبالاة. إن المستر أوباما يعرف أن الفوران المفاجئ للحس العام هو قائد مضلل على صعيد السياسة".

وأكد راخمان أن المسألة تزداد صعوبة عندما يتعلق الأمر بتوفير ملجأ؛ ففي بلاد تموج بالتنوع مثل ألمانيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والمجر، وبولندا، في أمثال تلك البلاد يتم استغلال الخوف من المهاجرين واللاجئين.

وشدد الكاتب على أنه في ظل المعطيات الراهنة حيث بريطانيا على طريق الخروج من الاتحاد الأوروبي، و"دونالد ترامب" يقترب بشكل خطير من البيت الأبيض، وحيث مستقبل ميركل السياسي يكتنفه الغموض، في ظل تلك المعطيات من الحماقة تجاهل المخاطر التي قد تنجم عن سياسة أكثر انفتاحية إزاء اللاجئين وما قد تستتبعه تلك من تعزيز لمكاسب اليمين المتطرف في الغرب.

واختتم راخمان قائلا: "لكي يتسنى الحفاظ على السياسات الليبرالية في الداخل، ربما يتعين على الساسة الغربيين أن يغضوا الطرف عن انتهاكات تتعرض لها قيم ليبرالية في الخارج."

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
يديعوت أحرونوت: إدارة بايدن تدرك أن نتنياهو لا يستطيع قيادة إسرائيل