اعلان

"سعيد طوسي".. القصة الكاملة لرجل الدين الإيراني المتهم في قضايا جنسية

سعيد طوسي

تنشر "أهل مصر" تقرير صادر عن صحيفة "المصدر" الإسرائيلية بشأن "سعيد الطوسي" قارئ المرشد العام الإيراني، المتهم باعتداء جنسي على مجموعة فتيان من تلاميذه، ما أشعل الرأي العام الإيراني في الأيام الأخير بشأن القضية والمفارقة التي تحملها ..

سعيد طوسي، رجل دين إيراني مقرّب من الخامنئي متهم بإعتداء جنسي على فتيان. وتثير هذه الفضيحة عاصفة في الخطاب العام الإيراني وتلحق ضررا أكثر بصورة رجال الدين الرسميين في إيران

تحقق السلطة القضائية في إيران في هذه الأيام بقضية الإعتداء الجنسي بعدة فتيان من قبل رجل الدين المقرّب من النظام الإيراني، والتي نجحت في أن تثير مجددا انتقادا جماهيريا عارما تجاه المؤسسة الدينية.

يقف في مركز القضية محمد جندم-نجاد، المدعو سعيد طوسي، قارئ قرآن عمره 46 عاما، ومتّهم من قبل بعض تلاميذه أنّه اعتدى جنسيا عليهم خلال السنوات السبع الأخيرة عندما كانوا قاصرين. أثارت القضية اهتماما خاصا بسبب مكانة طوسي الذي يعتبر مقربا من قيادة النظام وعلى رأسها المرشد الأعلى، علي خامنئي. شارك طوسي، الذي هو عضو مجلس القرآن الأعلى في إيران، في السنوات الأخيرة، في مراسم قراءة أجزاء من القرآن بحضور خامنئي، وقرأ في شهر أيار الأخير من القرآن في مراسم افتتاح المقرّ الجديد للمجلس (البرلمان) الإيراني.

تحقق السلطة القضائية في إيران في هذه الأيام بقضية الإعتداء الجنسي بعدة فتيان من قبل رجل الدين المقرّب من النظام الإيراني، والتي نجحت في أن تثير مجددا انتقادا جماهيريا عارما تجاه المؤسسة الدينية.

يقف في مركز القضية محمد جندم-نجاد، المدعو سعيد طوسي، قارئ قرآن عمره 46 عاما، ومتّهم من قبل بعض تلاميذه أنّه اعتدى جنسيا عليهم خلال السنوات السبع الأخيرة عندما كانوا قاصرين. أثارت القضية اهتماما خاصا بسبب مكانة طوسي الذي يعتبر مقربا من قيادة النظام وعلى رأسها المرشد الأعلى، علي خامنئي. شارك طوسي، الذي هو عضو مجلس القرآن الأعلى في إيران، في السنوات الأخيرة، في مراسم قراءة أجزاء من القرآن بحضور خامنئي، وقرأ في شهر أيار الأخير من القرآن في مراسم افتتاح المقرّ الجديد للمجلس (البرلمان) الإيراني.

نُشرت الإدعاءات ضدّ طوسي للمرة الأولى منذ عدّة أشهر، ولكنها لم تحظ باهتمام شعبي واسع. ولكن حدثت نقطةُ التحوّل بعد أن نشرت شبكة "صوت أمريكا" بالفارسية شهادات الشبان مقدّمي الشكوى. ادعى ثلاثة منهم، لم يتم الكشف عن هويّتهم، أنّ لديهم شهادات تدين طوسي وتشتمل على تسجيلات، يعترف فيها كما يُزعم بأفعاله ويعرب عن ندمه. يوثّق أحد التسجيلات طوسي وهو يقول إنّ المرشد الأعلى يعلم بالقضية وأمر بإغلاق الملف لئلا يمسّ بمكانة قرّاء القرآن. أعرب مقدّمو الشكوى في رسالة إلى رئيس السلطة القضائية، صادق لاريجاني، عن استعدادهم لنقل كل الشهادات التي بحوزتهم إلى السلطة القضائية للتحقيق في القضية.

أثار النشر ردود فعل غاضبة في مواقع التواصل الاجتماعي، أجبرت طوسي ومسؤولين في النظام على الردّ. في رسالتين للإعلام نفى رجل الدين جملةً وتفصيلًا كل الادعاءات ضدّه معربا عن ثقته بإثبات براءته. ولكنه ادعى أنّه قرر كسر صمته في أعقاب التقارير عبر "وسائل الإعلام المرتبطة بـ "الاستكبار العالمي" [لقب للغرب] والصهيونية العالمية". اتهم الإعلام الغربي بإشاعة تقارير كاذبة بهدف المس به، بالنظام الإيراني وبالمرشد الأعلى، مدعيا أنّ كل الادعاءات ضدّه كاذبة ومزوّرة.

وتطرّق نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، محمد رضا حشمتي، إلى القضية في تعليق نشره في الموقع الإخباري "تابناك" في 20 تشرين الأول. دعا حشمتي مقدّمي الشكوى إلى التحلّي بالصبر إلى حين انتهاء التحقيق، مدعيا أنّه ليس من شأن خطأ ارتكبه رجل دين واحد ما يجيز الطعن بعموم قرّاء القرآن. ودعا نائب الوزير السلطة القضائية إلى التحقيق بالقضية بشكل فوري واتخاذ إجراءات إذا اتضح أنّه قد ارتكب أي شخص كان مخالفات، ولا سيما إذا كان مسؤولا عن التعليم القرآني. وأضاف حشمتي، مع ذلك، على الشعب تجنّب إطلاق الشائعات والأقوال التي قد تمسّ بـ "قدسية الإسلام وخدمة القرآن".

وفي 23 تشرين الأول تطرق الناطق باسم السلطة القضائية للمرة الأولى إلى القضية. في مؤتمره الصحفي الأسبوعي أكّد غلام حسين محسني إيجائي أنّ هناك تحقيق يجري فعلا بالاشتباه بتنفيذ مخالفات أخلاقية من قبل طوسي، ولكنه أشار إلى أنّه في هذه المرحلة لا يمكن إثبات ادعاءات مقدّمي الشكوى. وقد أشار إلى أنّ بعض الاتهامات الموجّهة ضدّ رجل الدين قد ألغيت لعدم توفر الأدلة، ولكن في أعقاب طعن قُدم ضد قرار القاضي واستنادا إلى أدلة أخرى أمر قاض آخر بالاستمرار بالتحقيق. وأكّد الناطق باسم السلطة القضائية أنّ نشر التفاصيل حول التحقيق قبل استيضاح تفاصيله مخالف للقانون، الشريعة الإسلامية، والقيم الأخلاقية.

في حين أنّ الإعلام الرسمي في إيران قد اكتفى بشكل أساسيّ بتقارير وقائعية حول القضية، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي سريعا بتعليقات المتصفّحين. انتقد بعضهم نشر تفاصيل القضية قبل إثبات إدانة طوسي بل ودعمه آخرون. في المقابل، علّق الكثير من المتصفّحين بشدّة، مشتكين من تأخير نشر تفاصيل القضية ومتهمين رجال الدين. ووجّه بعضهم اتهامات خطيرة ضدّ السلوك الأخلاقي لرجال الدين مدعين أنّ القضية توفّر أدلة أخرى على ازدواجية المعايير لديهم. "تتعارض إقامة الحفلات الموسيقية مع أهداف الجمهورية الإسلامية، ولكن اغتصاب الأطفال في أحد فصول القرآن يتّسق مع تعليمهم الديني"، كما غرّد أحد المتصفّحين، متطرقا إلى الصراع حول إقامة حفلات موسيقية.

اشتملت تعليقات المتصفحين أيضًا على عبارات ساخرة تجاه رجال الدين واتّهامهم باشتهاء الأطفال. برز من بين التعليقات نشر رسم كاريكاتير من أعمال رسام الكاريكاتير المقيم في المنفى والشهير، مانا نيستاني. يظهر في الكاريكاتير طوسي وخلفه ستار وهو يعتدي جنسيا على الفتيان الذين يحاولون التهرب. وكُتبت جنب الكاريكاتير العبارة: "قارئ القرآن المفضّل على المرشد مشغول، نرجو عدم الإزعاج!".

وتؤجّج قضية طوسي مجددا الخطاب حول مكانة رجال الدين في إيران وتوفر أرضية خصبة للانتقادات الجماهيرية المتزايدة تجاه المؤسسة الدينية، وخصوصا رجال الدين الرسميين. ويتمثّل الاغتراب المتزايد في أوساط رجال الدين تجاه المواطنين، على سبيل المثال، بالفرح والسخرية من قبل متصفّحين إيرانيين في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تدهور الحالة الصحية لأمين "مجلس الخبراء"، آية الله محمد رضا مهدوي كني، التي أدت إلى وفاته في تشرين الأول 2014.

ويمكن أن نجد دليلا على هذا الاتجاه أيضًا في المدونة الشخصية التي يديرها في السنوات الأخيرة رجل الدين رضا تاران، تحت اسم "رسائل من المدرسة الدينية". في المدونة، التي توفر لمحة خاصة عن المؤسسة الدينية الشيعية، يصف تاران، من بين أمور أخرى، اضمحلال مكانة رجال الدين. وهو يشير إلى أنّه قبل الثورة الإسلامية كان رجال الدين متضامنين مع نضال مواطني إيران من أجل العدالة وضدّ الاضطهاد من قبل السلطات، وساهم الأمر كثيرا في التعاطف معهم من قبل المواطنين. ولكنهم أصبحوا اليوم متماهين مع النظام الإسلامي، وبدلا من انتقاد الحكومة والرقابة على ممارساتها أصبحوا منفّذين لسياساتها. كما وتؤثر المكانة الاقتصادية الجيدة نسبيا لرجال الدين وتجنّبهم الحفاظ على علاقة وثيقة بالمواطنين، بحسب كلامه، في البُعد بين رجال الدين والمواطنين البسطاء.

حتى لو لم يكن في القضية الأخيرة ما يضع تحدّيا حقيقيا أمام المؤسسة الدينية كلها، فإنّ الكشف عن تورّط رجال الدين في الفساد وأعمال غير أخلاقية قد يعمّق من الاغتراب الذي يشعر به مواطنو إيران تجاه المؤسسة الدينية ويضعف أكثر مكانتها الشعبية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً