اعلان

"أهل مصر" تجيب على السؤال الصعب.. من يدفع فاتورة شهادات الادخار والاستثمار مرتفعة العائد ؟ الدولة جمعت 350 مليار جنيه من بيع الشهادات.. وفاتورة الأرباح 65 مليار تدفعها البنوك الكبرى نصيب الأسد للبنك

صورة تعبيرية

"أهل مصر" تجيب على السؤال الصعب.. من يدفع فاتورة شهادات الادخار والاستثمار مرتفعة العائد ؟

الدولة جمعت 350 مليار جنيه من بيع الشهادات.. وفاتورة الأرباح 65 مليار تدفعها البنوك الكبرى

نصيب الأسد للبنك الأهلى.. ورئيس "المشروعات الصغيرة والمتوسطة": المقترضين سيدفعون الأرباح

الارتفاع الجنوني لمعدلات التضخم بعد قرار التعويم أضاء "لمبة الإفلاس".. والمصريين أنقذوا "محافظ المركزي" بأموالهم

بالتزامن مع قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، وإطلاق الحرية للبنوك في تحديد سعر الدولار حسب العرض والطلب طبقا لآلية "انتر بنك الدولاري"، قامت البنوك العاملة في السوق المصرية، بإطلاق منتج ادخاري جديد جذب آلاف العملاء المتعاملين مع القطاع المصرفي وعدد لا بأس به من هواة ادخار أموالهم خارج أروقة البنوك.

المنتج الجديد تمثل في طرح البنوك شهادات ادخار - مطلع نوفمبر الماضي - بنسبة أرباح تصل إلى 20 %، وهي النسبة الأعلى ربحية في تاريخ المنتجات المصرفية التي طرحتها البنوك المصرية (استثمارية أو ادخارية)، بعد أن كانت لا تتخطى نسبة الأرباح 16% على تلك الشهادات.

الغرض من طرح هذه الشهادات بتلك النسبة المرتفعة

الغرض من طرح ذلك المنتج الادخاري وغيره من المنتجات الاستثمارية بتلك الربحية العالية، يتمثل في خفض وتقليص معدلات التضخم التي سجلت 20.73 %، عن طريق امتصاص قدر كبير من السيولة النقدية الموجودة بحوزة المصريين، علما بأن تلك النسبة المرتفعة للغاية هي النسبة الأكبر التي سجلتها معدلات التضخم في التاريخ المصري الحديث، ويعد قرار تحرير سعر الصرف هو المتسبب الأكبر فيها، حيث سجلت معدلات نوفمبر الماضي نسبة تضخم وصلت إلى 33.5% مقابل 2.81% خلال شهر أكتوبر الذي سبقه.

تحكمات صندوق النقد أجبرت "المركزي" على طرحها

طرح الشهادات الادخارية ذات العائد المرتفع، بمثابة "الدواء المُر" الذي لجأ مقرري السياسة النقدية في البلاد إلى إجبار مصر على اجتراعه، تلبية لرغبة صندوق النقد الدولي، الذي اشترط على مصر السعي بجدية لخفض معدلات التضخم الكبرى والتي وصلت بالتزامن مع إمداد مصر بالقسط الأول من القرض "2.75 مليار دولار" إلى 16.4 % في أكتوبر الماضي، لتسجل مصر ارتفاعا مروعا في نسبة التضخم خلال شهر واحد فقط نسبته 17.1 %، وهو ما لم يحدث تاريخيا سوى في الدول التي شارفت على الإفلاس.

"أرضة" التضخم التهمت الجنيه بضوء أخضر من محافظ "المركزي"

أغلب العاملين في القطاع المصرفي - على رأسهم طارق عامر محافظ البنك المركزي - وكبار رجال الاقتصاد والمحللين، كانوا يعلمون ما سوف تفعله "أرضة" التضخم لو وضعت أمام "الجنيه" دون رادع، ولذلك فقد قرر عامر في بداية فترته كـ"مقرر أعلى للسياسة النقدية في البلاد" استبدال الجنيه المعدني بالورقي، لكي يسهل على حشرة الأرضة التهامه بأريحية، حيث أنها لم تبقى ولم تذر أي قيمة للجنيه، بعد أن انخفضت قوته الشرائية لكافة المنتجات السوقية، وانهار صريعا بسرعة هائلة أمام سائر العملات الأجنبية، ولذا فقد قام المحافظ برفع نسبة الربحية على الشهادات التي طرحها في البنوك، لتصل إلى 20 %.

ارتفاع القيمة الربحية على شهادات الادخار لا يعوض "انتكاسة" الجنيه

مؤشرات انهيار الجنيه أمام الدولار بعد تحرير سعر الصرف أجبر المواطن على الهرولة إلى البنوك، لشراء أكبر قدر ممكن من شهادات الادخار مرتفعة العائد، تفاديا للخسائر الهائلة التي مُنيت بها مدخراته الشخصية من العملة المحلية، إدراكا منه بأن القادم أكثر ضبابية، فطبقا للمؤشرات الاقتصادية، خسر الجنيه أكثر من 100% من قيمته أمام الدولار، حيث يتداول الأخير بعد قرار تحرير سعر الصرف بما يتخطى حاجز الـ 18 جنيه "رسميا" في البنوك، بعد أن كان سعره قبل التعويم 8.88 جنيها، ولذلك فإن ما سعى المواطن إلى تعويضه يقدر بنحو 20% فقط من أصل ما يدخره، وهي قيمة ربحية الشهادة التي سعى لشرائها من البنوك، مع الوضع في الاعتبار الانخفاض الذي ألم بربحية ما يدخره حاليا في البنوك، وينتظر عائده كل ربع عام لمدة ثلاثة أعوام.

مصر رفعت نسبة ربحية شهادات الاستثمار والادخار في عام بمعدلات غير مسبوقة

لفترة طويلة من الزمن حينما كانت المؤشرات المالية والاقتصادية مستقرة قبل ثورة يناير، لم تتخطى نسبة العائد على الشهادات الادخارية والاستثمارية 10%، إلى أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مسئولية البلاد، واعتلى عرش "المحروسة"، حيث استهل فترته الرئاسية بمشروعه القومي، المتمثل في حفر مجرى ملاحي موازٍ لقناة السويس، أو عرف بـ "قناة السويس الجديدة"، فراهن على كسر عائق التمويل بطرحه شهادات استثمار أمام المواطنين للمشاركة بأموالهم في تنفيذ المشروع الذي انطلق بعد عام واحد فقط من بدء الإعلان عنه، وكان الحافر أمام المصريين لتمويل حلم الرئيس، نسبة الـ 12% التي أعلن عنها هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق، وهي النسبة التي حفزت المصريين لشراء شهادات المشروع الجديد من البنوك الثلاثة الكبرى "الأهلى – مصر – القاهرة "، في ظرف أسبوعين، ليجمع الرئيس مبلغا هائلا بلغ وقتها 64 مليار جنيه.

الرقم الذي جمعته الدولة شجع محافظ البنك المركزي وقتها على التفكير بشكل اقتصادي أكثر احترافية، يجمع من خلاله أكبر قدر ممكن من السيولة المالية بحوزة المواطنين، لاستغلالها في خفض معدلات التضخم المرتفعة، إلى جانب إنعاش الحراك المصرفي في البنوك المصرية عبر جذب أكبر كم ممكن من العملاء يتعاملون بأموالهم خارج القطاع، وقد نجح في ذلك عبر طرحه شهادات ادخار بنسبة تتراوح بين 12.5% إلى 13.5%، حيث جمعت البنوك وقتها ما يقرب من 40 مليار جنيه.

عقب قرار التعويم، أو تحرير سعر الصرف، أصدرت البنوك شهادات بعوائد أكثر ارتفاعا تنوعت بين 16% و20%، تلبية لقرار طارق عامر محافظ البنك المركزي، الذي سعى لامتصاص غضب المصريين عقب قرار التعويم بعد أن خسرت العملة المحلية على إثره أكثر من 100% من قيمتها أمام العملة الأمريكية، حيث شهدت تلك الشهادات إقبالا كبيرا من المصريين الساعين إلى تفادي أكبر قدر ممكن من الخسائر التي تعرضت لها مدخراتهم، حيث وصلت حصيلة البنوك الثلاثة الكبرى إلى ما يقرب من 250 مليار جنيه منذ إيذان البنك المركزي بإطلاقها في 3 نوفمبر الماضي.

واعترافا من الدولة بجميل المواطنين الذين ساعدوا الرئيس في تنفيذ حلمه "مشروع قناة السويس" قام وزير المالية بالتعاون مع محافظ البنك المركزي، بإصدار قرار يقضى برفع نسبة العائد على شهادات الاستثمار الخاصة بالمشروع، إلى 15.5%، لتتكلف الدولة عبء تسديد 6.72 مليار جنيه إضافية - هي قيمة رفع فائدة شهادات قناة السويس - فوق القيمة الأساسية التي تسددها لأصل الـ 64 مليار جنيه التي تم جمعها للمشروع.

الدولة مطالبة بتسديد أرباح تتراوح بين 16%: 20% لأكثر من350 مليار جنيه

بحسبة بسيطة فإن الدولة في الوقت الحالي ممثلة في البنوك، مطالبة بتسديد أرباح مجمل شهادات الاستثمار والادخار التي جمعتها من جيوب المصريين، بنسبة تتراوح بين 16% إلى 20% لأكثر من 310 مليار جنيه، إلى جانب أرباح قيمتها 13.5 % لحوالي 40 مليار جنيه، وبحسبة بسيطة فإن فاتورة أرباح المواطنين المتعاملين على تلك الشهادات تقترب من حوالي 60 مليار جنيه تقريبا، فهل تستطيع البنوك تسديد تلك الأرباح دون عوائق ؟!!

من يدفع فاتورة تسديد فائدة تلك الشهادات؟

حازم حجازي رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلى أجاب على السؤال المطروح، والذي يؤرق المتابعين والمتعاملين مع القطاع المصرفي، حيث قال إن سعر الفائدة لا يوضع من أجل تغطية شهادات مرتفعة الربحية فقط، وتلك الشهادات تعد جزء من معادلة تكلفة الأموال، وفي نفس الوقت توجد في البنوك منظومة متعارف عليها، وهي سعر الإيداع والخصم بكل بنك على حده، وهذه الأسعار ارتفعت عن الفترة السابقة، وبالتالي تسعير تلك المنتجات المرتبطة بالإقراض اختلفت ومن ثم تم رفع قيمة الفائدة كي لا يخسر البنك، والبنك في الأساس هو وسيط تجاري، يتلقى أموال من المودعين بفوائد متفق عليها مسبقا، مثل فائدة الـ 16% و20%، بعدها يعيد إقراضها للمقترضين بأسعار مختلفة، وفي الأساس تعتبر تلك المنظومة هي الأساس في ربحية البنوك، ولذلك فإنه كان من الضروري رفع نسبة الفائدة على القروض، كي لا تقع البنوك تحت طائلة الخسارة وحتى تتمكن في الوقت ذاته من أداء دورها كوسيط، وهو ما ظهر جليا في تعاملات البنوك منذ وقت تحرير سعر الصرف، حيث تم رفع نسبة الأرباح على تعاملات تمويل الأفراد، فبعد أن كان لوقت قريب يتراوح بين 14 %: 16 %، فإن البنك الأهلى رفع تلك النسبة من 18%: 21% "حسب المخاطر"، أما بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإنها تخضع حاليا لمبادرة البنك المركزي، الذي قرر رصد 200 مليار على مدار 4 سنوات، لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بسعر فائدة يتراوح بين 5 %: 7 %، علما بأن هناك عدد كبير من المشروعات المتوسطة لا تخضع للشروط التي وضعها البنك المركزي لتلك المبادرة، وبالتالي فإن تلك المشروعات يتم التعامل معها بهامش فائدة يتخطى سعر الخصم والإيداع الذي وضعه البنك المركزي 15.75 بقليل، حيث يرفع البنك الأهلى مثلا تلك القيمة إلى 17.25، لكي يتمكن من رفع قيمة أرباحه، علما بأن محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البنك الأهلى بـ 27 مليار، يتعامل عليها 51 ألف عميل، نسبة أرباحها المقدرة من الفوائد 12%، تصل إلى 20% في نهاية الـ 4 سنوات وفقا لتوجيهات البنك المركزي، وهو ما يدفع البنك الأهلى وأغلب البنوك العاملة في السوق المصرفي الي التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق غرض المنظومة العامة للدولة في تنمية تلك المشروعات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً