اعلان

الجماعات المسلحة في المحافظات.. خطة "الخلايا النائمة" للتحكم في مفاصل الدولة.. وخبراء: "التعامل الأمني غير كافٍ"

كتب : أحمد سعد

رغم أن ظهور أول تنظيم جهادى في مصر كان من القاهرة، إلا أن الأفكار انتشرت بعد ذلك في العديد من محافظات مصر، بفعل توسع جماعة الإخوان الإرهابية، وانتشار التيار السلفى في ربوع مصر، بالإضافة لوجود عوامل أخرى ساعدت تلك الجماعات بشكل كبير منها الفقر والجهل وغيرها من الأسباب والدوافع.

الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة، تزايد أعدادها خلال الفترة الماضية في المحافظات بشكل ملحوظ، فلا يمر وقت طويل على أنباء القبض على خلايا إرهابية، حتى نسمع عن تصفية خلية أخرى بإحدى المحافظات، كما أن تلك الخلايا تنشط أعمالها خاصة بالتزامن مع الزيارات القادمة إلى مصر، أو المؤتمرات الدولية المنعقدة داخلها.

فبعد سقوط الرئيس المعزول محمد مرسى، اشتدت حركة التنظيمات الإرهابية بشكل كبير في محافظات مصر، فلم تعد الحوادث الإرهابية في سيناء فقط من قبل جماعة أنصار بيت المقدس أو غيرها، لكن أصبحت في الكثير من شوارع مصر، مما دق ناقوس الخطر ورفع من حالة التآهب داخل المحافظات المختلفة للتصدي للخطر الإرهابي والحد من العمليات الإرهابية المتزايدة.

كما أن تمركز الجماعة فى المحافظات المصرية المختلفة دفعها لارتكاب عدة عمليات إرهابية، حيث احتلت محافظة المنيا وبنى سويف المركز السابع فى المحافظات التى شهدت عمليات إرهابية خلال العام الماضى وبدايات ٢٠١٦، وذلك طبقا لمركز مؤشر الديمقراطية الذى يهتم برصد وتحليل الظواهر الإرهابية.

وكشف تقرير لمركز مؤشر الديمقراطية، عن أن وجود الإخوان وعائلاتهم داخل محافظة الجيزة كان سببًا فى انتشار العمليات الإرهابية داخلها، حيث تنشط الخلايا النوعية للجماعة داخل المحافظة وكان آخر حادث نفذته تفجير عقار بالهرم وقتل اثنين من جنود الشرطة وهذا العقار لم يبعد عن كرداسة سوى كيلو متر واحد بجانب استهداف كمائن الشرطة بالهرم وفيصل الذى تكرر خلال الفترة الماضية كثيرًا.

وأكد التقرير أن محافظة الجيزة جائت فى المركز الثالث كأكثر المحافظات عنفًا بعدما شهدت 153 حادثًا، تلتها الإسكندرية بـ137 حادثًا، ثم الشرقية التى انتشرت بها تفجير محولات الكهرباء، واستهداف عناصر الشرطة وشهدت 123 حادثًا، تليها الفيوم بـ111 حادثًا، وبذلك تكون تلك المحافظات الست قد شهدت 59% من أحداث العنف والإرهاب خلال فترة التقرير التى شملت نهايات عام ٢٠١٥ وبدايات ٢٠١٦ حتى ذكرى ثورة ٢٥ يناير بإجمالى 857 حادثًا.

وأشار إلى أن محافظات الغربية وبنى سويف والمنوفية جاءت فى المراكز من السابع للعاشر وشهدت 73، 72، 71 حادثًا، تلاها محافظات القليوبية بـ65 حادثًا ثم البحيرة بـ59، والمنيا بـ53 ثم الدقهلية بـ43، وفى ذيل القائمة محافظة الوادى الجديد وشهدت حادثًا واحدًا.

وأكد التقرير أن محافظة القاهرة لم تسلم من الأعمال الإرهابية حيث شهدت 17 تفجيرًا منذ الذكرى الثانية لثورة 30 يونيو وحتى بداية عام ٢٠١٦، وكانت جريمة اغتيال النائب العام فى تفجير سيارته بحى مصر الجديدة فى القاهرة هى أبرز الأحداث الإرهابية بالمحافظة.

وفي سياق متصل، يقول محمود القطري الخبير الأمني، إن إنتشار العناصر الإرهابية والجماعات المسلحة بالمحافظات، تبرره الخلايا النائمة التي شكلت قاعدة عريضة منذ عزل محمد مرسي، كما أنها تتلقى الدعم والتسليح من المنظمات الإرهابية المعروفة على مستوى العالم وليس مصر فقط، مشيرا إلى أن الدولة في حرب حقيقية مع تلك الخلايا التي يصعب الكشف عنها إلا بتحريات دقيقة، كما أنها تعد أكثر خطرا من التنظيمات المعلنة في سيناء وغيرها.

وتابع القطري في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن المحافظات في مصر تعد مفاصل الدولة، وعليه فإن التمكن منها يدق ناقوس الخطر حول تزايد العمليات الإرهابية، مؤكدا أن سبيل الدولة الوحيد للحد من هذه الخلايا والكشف عليها، هو تشديد الرقابة على الدور الدينية في المحافظات، ونشر الكمائن على مداخلها ومخارجها، إلى جانب الكشف عن هوية القادمين إلى المحافظات المختلفة، مطالبا الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بضرورة متابعة المساجد والحرص على تجديد الخطاب الدينى داخلها ومنع المتشددين من اعتلاء المنابر، حيث إن تلك الخلايا الإرهابية تستمد قواها من المنضمين حديثا لها عن طريق دور العبادة والدروس الدينية غير معلومة الهوية.

ومن جانبه، أوضح الدكتور رفعت سيد أحمد المحلل السياسي، أن الهجوم الأمني المتكرر من الخلايا الإرهابية النائمة في المحافظات المختلفة، يعطى دلالات عدة حول انتشار تلك الخلايا بشكل كثيف، كما أنها تتنوع في مراجعها الدينية وعقيتدها الفكرية، فمنهم من ينضم لجماعات داعشية، ومنهم خلايا إخوانية منذ عزل محمد مرسي، إلا أن الخطر والهدف الإرهابي واحد لاتحيد عنه تلك الجماعات، وهو زعزة استقرار الدولة، ونشر الإرهاب في المحافظات، واستهداف الشباب والمواطنين بالأفكار السامة التي تعمل على التأثير عليهم لتجنيدهم داخل تلك الجماعات.

وأضاف سيد أحمد، أن العمل الإرهابي لم يعد فقط يستتر وراء جماعات تحمل سلاحا في وجه الدولة، وإنما أصبح أكثر ذكاءً ووعيا، للتحكم في وعي وتفكير الشعوب، والتفنن في كيفية تجنيد العناصر وإقناعهم بالعمل تحت راية حماية الإسلام، مشيرا إلى أن التعامل الامني وحده لا يكفي وعلى الدولة العمل على تطوير الخطاب الدينى بشكل جيد والإعتناء به خصوصا في المحافظات والمناطق النائية.

ومن جانبه قال الدكتور عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن مشكلة الإرهاب قد تفاقمت وتجاوز خطرها الحدود الدولية، فلا يقتصر على حدود دولة إسلامية أو عربية، بل أصبح يشكل خطرا دولياً، مشيرا إلى أن استهداف المحافظات المصرية في نشر الفكر الإرهابي ووتأسيس قواعد راسخة للخلايا النائمة، من شأنه التمكن من مفاصل الدولة، واللعب على وتر ضعب الوازع الدينى، إلى جانب انخفاض مستوى التعليم والوعي الفكري في بعض المحافظات، مما هيأ بيئة خصبة لانتشار تلك الجماعات.

وأكد النجار، على ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يلائم استيعاب المفاهيم الخاطئة والرد عليها بأسلوب منطقى يجابه الواقع ولا يغرق فى التفصيلات النظرية البعيدة عنه، مع تقنين ضوابط الحديث والإفتاء في الدين وإصلاح التعليم بما يساعد على تكوين العقل القادر على الحوار والفهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً