اعلان

مسجد المعيني.. جدران تروى تاريخ الدمايطة (صور)

لم يكن مجرد مسجد أثري إنما هو قصة شعب وشاهد عيان على إبداع واتقان فن العمارة الإسلامي، تحدثك تلك الجدران عن ملاحم وطنية، ويعكس منبره مدى تقديس الأجداد للعلم ومنحه مراتب عليا، لم تستطع يد الإهمال والفساد على كتمان تلك الأسرار فعلى مر العصور تعرض للعديد من المحالاوت التي تبغي اندثاره ولكنه ظل باقيا ليروي لنا ما كان عليه هذا العصر.

"مسجد المعيني" بمحافظة دمياط، أطلق عليه هذا الاسم نسبة لمؤسسة محمد بن محمد بن محمد معين الدين، أو "معين الدين الفارسكورى" أحد وجهاء دمياط بالعصر المملوكى والذي احتل مكانة القضاه وهي مرحلة اعتاد عليها وجهاء هذا العصر إذ كانت تشترى بالمال كنوع من الوجاهة، فضلًا عن كونه واحدًا من أشد المتصوفين أنذاك.

شيد المسجد فى عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، أحد سلاطين المماليك عام 710 هجرية و1310 ميلادية، بغرض استخدامه في نشر العلم، ويتوسطهم صحن مزخرف، لنشر وتعليم المذاهب الأربعة، فضلًا عن وجود خلاوى للمتصوفين والذي كانوا يعتبرونه بمثابة منزل لهم. 

يقع مسجد "المعيني" بمنطقة "الشارع الأعظم"، الشرباصى حاليا، والذي اشتهر بتجارة الأرز والغلال، كما أنه يعد مكان يقنط به وجهاء المدينة أنذاك، وتجلى فن العمارة بهذا المسجد فقد تم تشييده دون أعمدة معتمدين على رفع المأذنة والقبة من خلال جدارن جانبية، فكان لموقعة أثرًا بالغًا في هذا إذ كان يقع على النيل مباشرة الأمر الذي أدى إلى اللجوء لإنشائه على قناطر ليرتفع عن مياه النيل.

"مسجد ـ مدرسة ـ خانقاه" مسميات حيرت التاريخ والمؤرخين، فلم يتمكن أحد حتى الأن من معرفة المقصد الحقيقى لإنشائه، ربما كان لعمارة المكان أثرًا كبيرًا فى ذلك، فتارة يتضح أنه كان مشيدًا كونه مدرسة لنشر العمل خاصة مع وجود أماكن كانت تستخدم كسكن للطلاب الوافدين من بلدان أخرى، وتارة أخرى تجده مسجدًا على طراز عال من العمارة الإسلامية، بينما قال أخرون أنه كان "خانقاه" بيتًا للتصوف فحسب سجلات محكمة دمياط الشرعية أنه كان يقع بدمياط فى هذا العصر أكثر من 17 متصوفًا، فضلًا عن وجود خلاوى للمتصوفين داخل المسجد نفسه ليظل "المعينى" لغزا تاريخيًا لم يتمكن أحد من فك رموزه.

كان ذلك قبل أن يتحول المسجد إلى قبلة الباعة الجائلين من أبناء دمياط والمحافظات المجاورة، فقد شوهت التعديات والإشغالات هذا المنظر الجمالى وسط غفلة من قبل مسئولى المحافظة، ليحتضن المسجد بائعى الفاكهة والجلود ولا عزاء للتراث.

فيقول الشيخ عصام إمام المسجد نحن نمتلك أعظم مكان أثرى عرفه التاريخ، فهو يعد أقدم مدرسة تاريخية، ويجب التعامل معه بشكل أفضل من ذلك، لافتًا إلى أن "مسجد المعينى" لم يأخذ حقه كمكان أثرى.

وأضاف إيهاب الصياد صاحب أحد المحال التجارية المجاورة للمسجد،قائلًا: مجاورتى له تشعرنى أنى بحى الحسين، وأتمنى أن ينال حظه كمكان أثرى.

فيما قال الشيخ بكر عبد الهادى وكيل وزارة الأوقاف بدمياط، أن هذا المكان له من المكانة التاريخية ما يجعلنا نتحدث عنه لعدة سنوات، مشيرًا إلى أن المحافظة تسعى لتخليد تلك الأماكن بكافة الطرق، لافتًا إلى وجود خطة للتنسيق بين كافة الإدارت وخاصة التربية والتعليم للقيام بنشر قصة تلك الأماكن الأثرية التى تحتوى عليها المحافظة، فضلًا عن القيام برحلات تثقيفية داخل تلك المساجد ليعلم أبنائنا قيمة ما نملك.

وقال "عبد الهادى" أن دمياط بها العديد من الأماكن الدينية الأثرية، والذى يعكس مدى تدين هذا الشعب فى السابق وحبه فى التعليم وتقديسه له، مؤكدًا أن دمياط تمتلك مقومات كبيره لجذب السياحة بكافة أنواعها.

وفى سياق متصل قال ياقوت ورد نائب رئيس مجلس مدينة دمياط، أننا دوما تعمل على رفع الإشغالات بكافة مناطق المحافظة، ولكن هناك خطة خاصة لتلك الأماكن، لافتًا إلى أن ما نراه بشوارع المحافظة لا يمكن تجاوزه إلا إذا تم التعاون التام بين الجهات التنفيذية وبين المواطنين، مشيرا إلى أن منطقة "مسجد المعينى" واحده من أهم المناطق التاريخية التى تمتلكها المحافظة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الرئيس السيسي يفتتح مركز البيانات والحوسبة الحكومية.. بث مباشر