اعلان

مفتي الجمهورية: محاربة الفساد فريضة إسلامية ينبغي أن تُفَعَّل

الدكتور شوقي علام

أكد الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- أن مكافحة الفساد من القضايا التي أَولاها الإسلام عناية خاصة جدًّا؛ حيث عمل على محاربة الفساد ومنعه وإقامة مجتمع عادل سليم.

وأضاف علام خلال حلقة اليوم من برنامج "حوار المفتي" -الذي يُذاع على قناة "أون لايف" يوم الجمعة- أننا عندما نقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، نلحظ أن مفردة "فساد" وما يُشتقُّ منها جاءت بأساليب مختلفة متكررة؛ ما يدل على الكراهية للفساد، فالله سبحانه وتعالى لا يحب الفساد ولايُصلح عمل المفسدين، وهو ما يؤكد لنا أن الفساد بكل مضامينه وأشكاله منبوذ تمامًا في الإسلام.

وأوضح فضيلة المفتي أن الفسادَ خللٌ حدث لدى الإنسان لأنه خالف ما أمر الله سبحانه وتعالى به أو أتى ما نهى عنه، فهو جناية على القواعد الشرعية وعلى القوانين التي وُضعت لتنظيم حياة الناس، وكل مخالفة أو جريمة تُرتكَب هي نوع من الفساد.

وأشار فضيلته إلى أن الفساد يتنوع في مجالات عديدة؛ سواء اقتصادية أو اجتماعية أو أُسرية، حتى فساد العلاقة مع النفس بترك العبادات وغيرها، ويجب محاربة الفساد في شتى المواطن؛ لأن الإسلام جاء ليصلح المجتمعات والأفراد بمنظومة تشريعية متكاملة لكافة تعاملات الحياة؛ مما يؤكد أن محاربةالفساد فريضة إسلامية ينبغي أن تُفَعَّل، وهي من فروض الكفايات التي ينبغي أن يقوم عليها المجتمع بكامله لتحصيل كل ما يؤدي للصلاح ودفع ما يؤدي للفساد.

وأضاف أن مسئولية مكافحة الفساد لا تقع فقط على عاتق الحاكم أو الدولة، بل هي مسئولية مشتركة وفردية رسَّختها الشريعة الإسلامية، وجعلت كلَّ فرد من أفراد المجتمع لديه مسئولية في هذا الإطار، يقول تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: 13]، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كلُّكم راعٍ، وكلُّكُم مسئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ: الإمامُ راعٍ، ومسئُولٌ عن رعيَّتِهِ، والرجلُ راعٍ في أهلِهِ، وهو مسئُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرأةُ راعيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها، ومسئُولٌة عنْ رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيِّده، ومسئُولٌ عَن رَعيَّتِهِ، والرَّجلُ راعٍ في مالِ أبيهِ،ومسئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، وكلُّكُم راعٍ ومسئُولٌ عنْ رَعيَّتِهِ» (رواه البخاري).

وحذَّر مفتي الجمهورية من الوقوع في الشبهات والأمور التي قد تؤدي إلى الوقوع في الفساد، مذكِّرًا بقول النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ فِيهِ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَاقَعَهَا وَاقَعَ الْحَرَامَ،كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَا حَرَّمَ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْإِنْسَانِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (رواه أحمد في مسنده).

وأضاف فضيلته أنه لا يوجد مجتمع يستشري فيه الفساد يكون قائمًا على أساس صحيح، مؤكدًا أن كل دولة يكون لديها الهمة وتحمُّل كل فرد ومسئول لمسؤوليته لن تكون في مهب الريح ولن يطالها الفساد.

وأكد مفتي الجمهورية أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان من الوقوع في الفساد، وكذلك وضع إجراءات وعقوبات إذا وقع الإنسان في الفساد، حتى يكون رادعًا لغيره.

وأشار فضيلته إلى أن من تلك الإجراءات تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هي الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الفساد، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.

وأكد مفتي الجمهورية أن الدول التي تركز على الجانب الأخلاقي وتنمية الضمير والإيمان والرقابة الذاتية؛ تكون بذلك قد قامت بأكبر إنجاز إنساني ممكن في التاريخ، وأضاف قائلًا: "بدون الرقابة الذاتية فإننا سنكون بحاجة إلى عسكري على رأس كل شخص، بل نحتاج كذلك إلى عسكري على رأس كلعسكري ليراقبه!".

وشدد المفتي على ضرورة رقابة الإنسان على كل كلمة تخرج من فمه أو يكتبها، وأنه لا بد من انتقاء كلماتنا ومعرفة ما ستؤدي إليه؛ لأن الكلام قد يؤدي لفساد عظيم وإحداث خلل لدى بعض الناس، وهو كذلك من صور الفساد.

وقال فضيلته: "التشريعات الإسلامية منذ أن جاء النبي مبعوثًا، كانت منظومة متكاملة لإيجاد الصلاح ومحاربة الفساد على كافة المستويات، كما عملت على تعميق الرقابة الذاتية عن طريق غرس القيم وإقامة العبادات على وجه التكليف، فيحدث عند الإنسان شعور بالمسئولية ينطلق به للمجتمع، فيتعامل من منطلق هذه القيم".

ولفت إلى أن الإسلام ركَّز كثيرًا على منظومة الأخلاق والقيم، حيث حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرابة 14 عامًا على أن يغرس القيم والإيمان والمبادئ في نفوس أصحابه؛ حتى ينطلقوا إلى المجتمع ويدافعوا عن الصلاح ويحاربوا الفساد بكافة أشكاله.

وترك لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعده كتاب الله وسنته اللذين هما عصمة للمسلم من الوقوع في الفساد والذلل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً