اعلان

حكايات الجماعات الإسلامية.. "الصوفية" قطار كرامات من بغداد للقاهرة

في أواخر القرن السادس الهجري، قرر الزاهد الفقيه الشيخ الكبير أحمد بن على الرفاعي، الملقب بـ"أبو العلمين"، و"شيخ الطرائق"، و"أستاذ الجماعة"، تأسيس طريقة صوفية تُدعى "الطريقة الرفاعية" في العراق ثمّ انتقلت إلى مصر عبر أبى الفتح الواسطي أواخر نفس القرن حيث أنشأ الواسطي رباطًا له ولمريديه بالإسكندرية عُرِفَ برباط الواسطي.

وخلال عصر المماليك في مصر ازدهر نشاطه، حيث انتسب إليها الكثير من المصريين في هذه الحقبة، ولقد جعل شيوخها لهم رايةً باللون الأسود تُميّزهم عن باقي الطرق الصوفية.

شيخ الطريقة الرفاعية

الإمام أحمد الرفاعي الكبير، ولد أحمد بن على بن أحمد بن يحيى، المعروف بـ"أحمد الرفاعي" في قرية "أم عبيدة" من قرى مدينة "واسط" بالعراق عام "512 هـ - 1118م"، وشاءت الأقدار أن يُتوفَّى أبوه قبل مولده، فكفله وعنى به خاله "منصور البطائحي"، وكان رجلًا ورعًا صالحًا، واشتهر بـ"الرفاعي" نسبةً إلى جدِّه السابع رفاعة، وكان من أشراف مكة، وغادرها إلى المغرب، واستقّر في موطنه الجديد، وظل نسله هناك حتى هاجر أحد أحفاده، وهو أبو الحسن على والد الإمام الرفاعي، ونزل العراق وأقام بقرية أم عبيدة.

توفى الإمام الرفاعي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى، سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة من الهجرة النبوية، بمدينة أم عبيدة العراقية، بعد إصابته بداء البطن -الإسهال الشديد- لأكثر من شهرٍ.

درس الرفاعي القرآن العظيم وأتم حفظه وترتيله على الشيخ الورع عبد السميع الحربوني، وكان له من العمر سبع سنين، وفى هذه السنة توفى أبوه في بغداد وكفله خاله الشيخ منصور البطائحي، وهو من أدخله إلى الواعظ الصوفي أبى الفضل على الواسطي فتولَّى أمره وقام بتربيته وتأديبه وتعليمه؛ حتى برع بالعلوم النقليّة والعقليّة ففاق جميع أقرانه.

وفى العشرين من عمره أجازه شيخه الشيخ أبو الفضل علي، مُحدِّث واسطٍ وشيخها، إجازةً عامة بجميع علوم الشريعة والطريقة، وألبسه خرقته المباركة وأعظم شأنه ولقبه بـ"أبا العلمين.

وكان الإمام الرفاعي يجمع الحطب بنفسه ويشدُّه ويحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين وأصحاب الحاجات، ويقضى حاجات المحتاجين، ويُقدِّم للعميان نعالهم، ويقودهم إلى مطلوبهم، وكان يمشى إلى المجذومين والزمنى ويغسل ثيابهم ويحمل لهم الطعام، ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء.

جامع الرفاعي بالقاهرة

اسمه الأصلي هو "مسجد الذخيرة"، ويُنسب هذا المسجد إلى أحد أحفاد الشيخ الرفاعي الكبير، ويُسمّى على أبو الشباك، جاء والده إلى مصر في "683 هـ"، وتَزوّج حفيدة الملك الأفضل، أحد أمراء المماليك، فى عهد السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، فأنجب منها ولده علي، ورحل أحمد الصيّاد، حفيد الإمام الرفاعي الأكبر، عن مصر قبل أن يولد ابنه علي، الذى بقى في كنف أمه وأخوالها في مصر، واتخذ طريقة جدِّه الصوفيّة، وأخذ يدعو لها، وجعل من سكن أسرته وعائلته، في سوق السلاح، مقرًا للطريقة الرفاعية، على أن على أبو الشباك الرفاعي الصغير، لم يكن أول من أدخل طريقة جدِّه لمصر، فقد سبقه الشيخ أبو الفتح الواسطي، الذى جاء إلى مصر من العراق في أوائل القرن السابع الهجري، وأقام في الإسكندرية.

ومسجد الرفاعي الحالي، كان يشغل جزءًا من أرض مسجدٍ قديم، يرجع إلى العصر الفاطمي، عُرِفَ بـ"مسجد الذخيرة"، ولقد اشترت السيدة خوشيار هانم، والدة الخديوي إسماعيل سنة "1286هـ"، أرض مسجد الذخيرة، والأماكن المحيطة بزاوية الرفاعي، من الجهات الأربع، وأمرت ببناء ضريح لسيدي على أبو الشباك وسيدى يحيى الأنصاري، ومدافن لها ولمن يموت من ذريتها، على أن يظل المسجد بمسمى "جامع الرفاعي"، وبنى المسجد على مساحة "1767" مترًا مربعًا، واستغرق بناؤه ثلاثة وأربعون عامًا، من "1268 هـ"، وحتى عام "1329 هـ"؛ والسبب فى ذلك يعود إلى وفاة خوشيار هانم، فتوقف العمل في بنائه، حتى استأنفه ورثتها، والمسجد به مقابر أكثر أفراد الأسر العلوية، لهذا كلَّفت خوشيار أكبر مهندسي مصر وقتها، حسين فهمى باشا بتصميمه، ويوجد بداخل المسجد قبر الملك فاروق الأول، والخديو إسماعيل، ووالدته، وقبر شاه إيران رضا بهلوي، ومحمد رضا بهلوي"-بتصرف من موسوعة مساجد مصر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً