اعلان

في مثل هذا اليوم.. تألمت مصر وبكت إسرائيل.. القاهرة تعيش يوم تاريخي لأول مرة يجمع بين ذكرى نكسة يونيو وانتصار العاشر من رمضان

للتاريخ مواقف ولحظات لا تنسى، وللأقدار حسابات في الغالب تخالف كل التوقعات، واليوم اتحد التاريخ والقدر ليعلن عن ميلاد اليوم، الإثنين، العاشر من رمضان الموافق 5 يونيو، حيث يوافق تاريخين من أهم تواريخ مصر في العصر الحديث، ذكرى نكسة يونيو المؤلم، وتاريخ انتصار أكتوبر المجيد لمصر، والمبكي لإسرائيل بعد هزيمة هي الأقوى والأقسى والوحيدة في التاريخ الإسرائيلي.

و«زي النهارده» فى ٥ يونيو ١٩٦٧، شن سلاح الجو الإسرائيلى هجوما على جميع المرافق الجوية المصرية ودمرها خلال ٣ ساعات فضربت المطارات والقواعد الجوية وحطمت طائراتها وحدث ارتباك لدى القوات المصرية

تظل نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ الحدث الأسوأ في تاريخ مصر، وبخاصة مع تداعياتها الخطيرة التي نعيش آثارها إلى اليوم، فخلال 6 أيام فقط احتلت إسرائيل من الأراضى العربية ما لم تكن تحلم به، فضلا عما خلفته من آثار نفسية في نفوس العرب والمصريين.

واليوم أيضا، تحتفل مصر هذا العام بالذكرى 45 لانتصارات العاشر من رمضان - السادس من أكتوبر 1973- وسط أجواء خاصة، حيث تصادف أن يكون ذكرى النصر هو نفسه يوم ذكرى نكسة الخامس من يونيو 1967.. 45 عاما هجرية مرت على انتصار العاشر من رمضان ولايزال السؤال محيرا.. كيف تحولت الهزيمة إلى انتصار فى 6 سنوات فقط رغم أن كل حسابات المنطق آنذاك كانت تؤكد أن مصر تحتاج إلى عشرات السنوات كى تستجمع قواها مرة أخرى وتتخطى الآثار النفسية والمعنوية للهزيمة.

فى الحقيقة فإن الروح المعنوية للجندى المصرى كانت بمثابة أكبر مفاجأة فى حرب العاشر من رمضان، ولم يصدق أحد أن هذا الجندى الذى عبر القناة واقتحم حصون خط بارليف المنيع فى شجاعة نادرة، هو نفسه الذى شاهده العالم وهو ينسحب من أرض الفيروز قبل سنوات قليلة، فى ظروف إنسانية قاسية، كل الحسابات العسكرية كانت تقدر أن الجندى الذى هزم فى سيناء لا يمكن أن يخوض أى حرب هجومية قادمة أبداً، وأن ذلك يحتاج إلى أجيال، وعلى هذا التقدير بنت إسرائيل خطتها العسكرية لاحتلال طويل الأمد لجزء غال من أرض مصر وزادت ثقتها فى نفسها وفى قواتها وجيشها.

وفى الحقيقة فإنه لا يمكن أن نتعرف على حجم المعجزة التى حدثت للجندى المصرى إلا برسم صورة واضحة لهزيمة 67 لنعرف حجم الدمار النفسى الذى حدث للجيش المصرى، فقد كانت حرب 67 مريرة فى أحداثها ونتائجها، حتى إن العالم أجمع وعلى رأسه إسرائيل اعتقد أنه لن يكن هناك أى أمل فى إعادة بناء الجيش المصرى مادياً دون إعادة بناء الروح المعنوية التى انهارت نتيجة الهزيمة القاسية، والأخطر من ذلك تلك الصدمات النفسية التى أصيب بها الشعب المصرى كله.

لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية استطاعت فيها مصر أن تحقق انتصارا عسكريا على إسرائيل بل كانت اختبارا تاريخيا حاسما لقدرة الشعب المصرى على أن يحول حلم التحرير وإزالة آثار العدوان إلى حقيقة، هذا الحلم الذى كان يؤرق كل مصرى من العسكريين والمدنيين.

تلك الحرب التى تحملت فيها القوات المسلحة المسئولية الأولى وعبء المواجهة الحاسمة وكانت إنجازا هائلا غير مسبوق، إلا أن الشعب المصرى بمختلف طوائفه وفئاته كان أيضا بطلا فى الحرب ولولا قوة تحمله وصبره لما كان للنصر أن يتحقق، حتى إن تلك الحرب المجيدة يطلق عليها »حرب الشعب« المصرى كله, حيث لا توجد أسرة مصرية لم تقدم شهيدا أو مصابا أو مقاتلا فى تلك الحرب.

ويعتبر الشعب المصرى البطل الحقيقى فى تلك الحرب لأنه استطاع فى زمن قياسى تجاوز محنة النكسة وما حدث فى 1967، فرغم الحزن الشديد إلا أنه ما لبث أن ساند النظام وأرجع النكسة إلى ما كان من تآمر القوى الاستعمارية، ومن هنا رفض الشعب تنحى جمال عبدالناصر وأصر على بقائه ليواصل المسيرة وتحقيق النصر.

واتخذت العديد من الإجراءات والقرارات لم تجد معارضة أو تذمرا منه فى ظل الإحساس الشعبى بضرورة ترشيد الاستهلاك فتحمل الشعب المصرى نفقات زيادة الإنفاق العسكرى من 5.5% من الناتج المحلى عام 62 إلى 21.5% عام 1973، وتحمل الشعب أيضا تمويل احتياجات القوات المسلحة.

ومما لا شك فيه، فإن العبور حدث تنبهر له العقول، فضلا عن عبقرية التخطيط، فإن قدرة مصر على خداع الجميع كانت أهم عوامل تمكين القوات المصرية من أداء مهامها بامتلاك كامل لزمام الأمور وحرمان إسرائيل من أى ضربة مضادة، والحقيقة أن ملف الخداع يعتبر واحدا من أهم وأخطر ملفات التحضير لحرب أكتوبر، حيث أكدت مصر من خلال هذا الملف أنها استوعبت كل دروس المواجهات السابقة مع إسرائيل، ولعل ذلك هو سر نجاح مخطط الخداع فى تحقيق هدف تضليل إسرائيل بعيدا عن النوايا الحقيقية لمصر وأذاقتها من نفس الكأس.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً