اعلان

إعلاميون وسياسيون: قطر اختارت شروط المصالحة بنفسها

لم يكن الرفض القطري للشروط الـ13 التي وضعتها دول المقاطعة مصر والسعودية والإمارات والبحرين، رفضًا قاطعًا، بل كان رفضًا "مقتطعًا"، حيث استخلصت الدولة الخليجية المقاطعة من هذه المطالب، 5 أمور يمكنها تخفيفها ثم الموافقة عليها، وهو ما تم بالفعل، حسب مصادر دبلوماسية قالت إنه من الممكن التوقيع على اتفاق في الكويت قريبا.

خلال اليومين الماضيين تم الإعلان — بشكل غير رسمي- عن موافقة قطر على مبادرة جديدة تتضمن 5 شروط، وهي مغادرة الداعية يوسف القرضاوي وحركة "حماس" للدوحة، وعودة القوات التركية إلى بلادها، ومراقبة التحويلات المالية القطرية للجهات المقاتلة، وتقديم المستندات الخاصة بالمنظمات على أراضيها للجهات الأمنية الأمريكية، وتقليص برامج التحريض بقناة الجزيرة والتعهد بعدم مهاجمة دول الخليج ومصر.

وحسب الصحف الكويتية، فإن الولايات المتحدة دخلت بكامل ثقلها على خط الأزمة القطرية، دعما للوساطة الكويتية الساعية لإيجاد حل ينهي التوتر في المنطقة، ويوقف التصعيد، ويستجيب لطلبات الدول المقاطعة، وينهي هواجسها في الوقت ذاته.

ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية، عن مصادر دبلوماسية، قولها إن الاجتماع الذي عقد بين وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بواشنطن ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبد الله ناقش النقاط النهائية لاتفاق سوف يتم إنجازه بين الأطراف الخليجية، تضمن واشنطن تطبيقه وتشرف الكويت على تنفيذه ومتابعته.

يقول الصحفي في إحدى وسائل الإعلام القطرية "ن. مسلم"، لـ"سبوتنيك"، إن قطر من البداية لم تغلق باب المصالحة، فعندما أعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رفض دولتنا للمطالب التي أرسلتها دول المقاطعة مع الكويت، قال إن المطالب لا تتوافق مع القوانين الدولية، ولكن قطر مستعدة للحوار.

ويكشف مسلم أن الجميع في قطر، يدركون أن الدولة الخليجية سوف تعود إلى أحضان أشقائها العرب، لأنها تعتبر نفسها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وتركيب الشرق الأوسط، كما أنها عنصر فاعل وقوي في المعادلة السياسية والدبلوماسية العربية خلال السنوات الماضية، ولا يمكن أن تتنازل عن كيانها وهويتها أبدًا.

ويشير مسلم إلى أن الموقف القطري الرسمي حتى الآن هو رفض لائحة أو كما يسمونها "وثيقة المطالب" التي رفعتها الدول المقاطعة في وجه الدولة، ولكن الرفض لا يعني إغلاق طرق وسبل الحوار، بل على العكس، إن المناخ الإيجابي بالنسبة لحوار من هذا النوع، يجب أن يكون بدون فرض شروط مسبقة، لضمان نجاح أي مفاوضات بين الجميع.

وأكد أن الرفض القطري لوثيقة المطالب ليس تعاليًا أو رفضًا للمصالحة مع الدول المقاطعة، كما يحاول البعض أن يوحي للعالم، ولكن هذا الرفض جاء — حسبما أكد وزير الخارجية القطري- في الإطار العام لمبادئ حفظ السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول، وفي إطار القانون الدولي.

المطالب التي يتحدث عنها الدبلوماسيون في الأيام الأخيرة، تضمنت مطلبين مباشرين يتعلقان بجماعة الإخوان في مصر، وهما طرد قيادات الجماعة الهاربين، وطرد الشيخ يوسف القرضاوي، وجاء مطلب ثالث للتأكيد على ذلك، وهو ضرورة تسليم قوائم بالمطلوبين إلى الأجهزة الأمنية الأمريكية، التي يتضح أنها دخلت على خط الأحداث بقوة.

طرد الإخوان والمتطرفين من قطر — حسب عضو مجلس النواب المصري محمود إسماعيل- خطوة تأخرت كثيرًا، وسبق أن طالبت مصر بها بشكل فردي، أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وكان الطلب تتم مقابلته بالرفض، والآن جاء الدور على قطر أن تعلن قبولها بطردهم كشرط للتصالح مع الدول المقاطعة.

واعتبر إسماعيل، خلال حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ما حدث يعد انتصارًا قويًا للدبلوماسية المصرية، حيث أن ما يتم تداوله حاليًا في الأوساط الخليجية، وفي جلسات المفاوضات، هو نتاج لجهود وزارة الخارجية المصرية في إقناع الدول العربية والغرب أيضًا بأن قطر لها يد في دعم بعض المنظمات الإرهابية، سواء ماديًا، أو إعلاميًا من خلال قناة الجزيرة.

ويوضح عضو مجلس النواب المصري أن من يطلع على المطالب الجديدة سيجد أن 4 مطالب من الـ5 تمس مصر بشكل مباشر، مثل وقف حملات التحريض الإعلامية وطرد قيادات الإخوان وطرد يوسف القرضاوي، بينما تتداخل مصالح مصر مع المطالب الأخرى، ما يدل على أن النصيب الأكبر من هذه المطالب لمصر، ولكن الأهم هو ما يتم تداوله بشأن استعداد قطر للمصالحة.

من جانبه، يعلق الأكاديمي والخبير الإعلامي أحمد عبدالفتاح، على المطلب المتعلق بقناة الجزيرة، مؤكدًا أن قطر عليها أن تبدأ المصالحة بالحد من وصلات السباب التي تقوم بها قناة الجزيرة، والوقف الفوري لكافة حملات التحريض ضد مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وكذلك التوقف عن تصوير المنظمات المعترف بها عالميًا على أنها إرهابية، كحركات مقاومة أو معتدلة، مثل أحرار الشام في سوريا والإخوان في مصر.

وأضاف عبدالفتاح لـ"سبوتنيك" أن تقليص دور قناة الجزيرة وتخفيض عدد برامجها سيكون خطوة قاتلة بالنسبة للنفوذ القطري الإعلامي، لأن دولة قطر تستمد جزء من قوتها من قوة إعلامها المتمثل في قناة الجزيرة، وإذا فقدت نقطة التفوق هذه ستكون هناك بدائل أخرى، وهذه البدائل لن تكون قطرية، وبالتالي ستتبدل كثير من الأمور، حتى بالنسبة للمتلقي والمشاهد العربي، الذي سمم الإعلام القطري أفكاره خلال السنوات الماضية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً