اعلان

النار تحت الرماد.. كواليس الصراع الخفى بين مؤسستى القضاء والرئاسة.. "أبو العزم" يعيد ترتيب مجلس الدولة.. و"دكرورى" يلجأ للقضاء

المستشار أحمد أبوالعزم

قرار الرئيس السيسى، باختيار المستشار أحمد أبوالعزم رئيسًا لمجلس الدولة، الأربعاء الماضى، أنهى مبدأ الأقدمية المعمول به فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ولم ينجَ منه سوى هيئة النيابة الإدارية فقط، حيث تولى أقدم مرشحيها رئاسة الهيئة، وما بين احترام القانون وسلطة الرئيس من جهة وعرف شيوخ القضاة ثمة أزمة مكتومة، تنشب ما بين مؤسستى الرئاسة والقضاء.

فقد أصدر الرئيس السيسى قرارًا بتعيين المستشارة رشيدة فتح الله رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية، باعتبارها أقدم نواب الهيئة، رغم بلوغها سن التقاعد بعد شهرين، وبالتالى سيتوجب على المجلس الأعلى للنيابة الإدارية ترشيح 3 أعضاء من أقدم 3 أعضاء مرة أخرى قريبًا.

وقال مصدر قضائى بهيئة النيابة الإدارية: إن اختيار فتح الله رئيسًا للنيابة الإدارية، تم وفقًا لمبدأ الأقدمية، لأنها أقدم نائبة بعد المستشار على رزق، رئيس الهيئة الذى أنهى فترة رئاسته، وأن اختيار المستشارة رشيدة وفقًا لمبدأ الأقدمية لا يتعارض مع القانون.

- تيار الاستقلال

أصدر الرئيس السيسى قرارًا بتعيين المستشار مجدى أبوالعلا رئيسًا لمحكمة النقض، وهو ثانى أقدم أعضاء المحكمة الحاليين، بعد المستشار أنس عمارة، الذى تم تجاوزه بموجب القانون، الذى يسمح لرئيس الجمهورية بالاختيار من المرشحين الثلاثة الذين يرشحهم مجلس القضاء الأعلى.

ويستمر المستشار مجدى أبوالعلا فى رئاسة محكمة النقض لمدة عامين مقبلين، حتى يبلغ السن القانونية للتقاعد، وبذلك يترأس مجلس القضاء الأعلى بحكم رئاسته لمحكمة النقض.

وكشف مصدر قضائى عن أن اختيار الرئيس للمستشار مجدى أبوالعلا، لتولى منصب رئيس محكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء، خلفًا للمستشار مصطفى شفيق، الرئيس الحالى الذى انتهت ولايته، من بين الثلاثة مرشحين بعد استبعاد اسم المستشار أنس عمارة، أقدم نواب رئيس محكمة النقض لارتباطه بـ"تيار الاستقلال"، وخلافه المستمر مع المستشار حسام عبدالرحيم، وزير العدل الحالى، خلال فترة توليه رئاسة محكمة النقض، ما دفع عمارة آنذاك للاستقالة من منصب مدير نيابة النقض.

وقالت مصادر إن القناعات الشخصية للمستشار أبوالعلا هى ما جعلته يحظى بتأييد ودعم كل القضاة، فهو يرفض التداخل بين السياسة والقضاء، ويعتبر أن القاضى العامل بالسياسة يرتكب جريمة وخطيئة لا تغتفر وتفقده صلاحيته.

- لعنة المعزول

قرر السيسى تعيين المستشار حسين خليل حمزة رئيسًا لهيئة قضايا الدولة، وهو ثالث أقدم الأعضاء حاليًا، بعد المستشار محمد ماضى والمستشار منير مصطفى.

وقال مصدر قضائى إن استبعاد ماضى من رئاسة الهيئة جاء لاختياره عضوًا فى الهيئة الاستشارية القانونية للرئيس المعزول محمد مرسى فى مايو ٢٠١٣، وهى الهيئة التى كان المستشار محمد مسعود، رئيس مجلس الدولة الحالى رئيسًا لها، فيما تم استبعاد المستشار منير مصطفى نتيجة زواجه بأجنبية، حسب المصدر.

ويعد المستشار حسين عبده خليل حمزة، الرئيس الجديد لهيئة قضايا الدولة، هو ثالث أقدم الأعضاء الحاليين، حيث تولى العديد من المناصب القضائية.

- فتنة "الدكرورى"

استمر تباين ردود الفعل بين قضاة مجلس الدولة إزاء تعيين المستشار أحمد أبوالعزم رئيسا للمجلس، وهو رابع أقدم قاض به، تجاوزا لمبدأ الأقدمية المطلقة، وبالمخالفة لقرار الجمعية العمومية لمستشارى المجلس، التى رشحت أقدم الأعضاء المستشار يحيى دكرورى منفردًا لمنصب الرئيس.

وبعد استبعاد "دكرورى" أصدر بيانًا قصيرًا لقضاة المجلس، عبر فيه عن اعتزازه بثقة الجمعية العمومية ووصفه بـ"وسام أثبت للشعب استقلال أعضاء مجلس الدولة وعزتهم، ستظل تتفاخر به الأجيال القادمة"، مضيفا أنه أراد تسجيل شكره وتقديره لهم "فى سجل التاريخ الذى يوثق ويرصد" معربًا عن رضاه التام عن نفسه لإرضائه ربه وضميره ووطنه، ومعبرًا عن أمله ألا تترك الأحداث الأخيرة فى القضاة، إلا مزيدًا من العزة والكرامة.

واختتم دكرورى بيانه بعبارة:"دمتم حصنا للعدالة، فكلنا زائلون، ويبقى مجلسكم عظيمًا للشعب ومن أجل الشعب" ومهرها بتوقيعه مقترنًا بوظيفته الحالية كنائب أول لرئيس مجلس الدولة.

وعبر بيان دكرورى ضمنيًا عن استمراره فى منصبه القضائى كرئيس للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، نافيًا بذلك ما تردد فى أروقة المجلس عن نيته الاستقالة أو السفر إلى الخارج فى إعارة لدولة خليجية، كما عكس البيان رغبته ــ باعتباره أقدم الأعضاء ــ فى تعظيم دور أعضاء الجمعية العمومية وتقليل شعورهم بالإحباط لصدور القرار الجمهورى بالمخالفة لقرارهم.

وقالت مصادر قضائية مطلعة إن دكرورى سيبدأ خلال ساعات إجراءات الطعن على قرار تعيين أبوالعزم، وذلك من خلال تقديم تظلم إلى رئاسة الجمهورية لاستيفاء الإجراءات الشكلية، تمهيدًا لإقامة الطعن رسميًا أمام المحكمة الإدارية العليا.

وفى هذا السياق كشفت المصادر عن عقبات قد تواجه الطعن الذى سيقيمه قاضى تيران وصنافير، أبرزها احتمال تنحى عدد من القضاة فى الدائرة التى يجب أن تنظر الطعن ــ وهى الدائرة الثانية بالإدارية العليا ــ نتيجة حضورهم الجمعية العمومية التى رشحت دكرورى منفردًا لرئاسة المجلس، رغم وجود رأى بأن مجرد حضور جمعية دعا لها رئيس المجلس لا يمنع القاضى من الفصل فى منازعة كهذه ــ أو لإبدائهم رأيًا فى قانون تنظيم تعيين رؤساء الهيئات القضائية من قبل، مما يطرح احتمال إحالة الطعن المزمع إقامته إلى رئيس مجلس الدولة الجديد، وهو أحد الأشخاص الذين سيتم اختصامهم فى الطعن، لتحديد دائرة أخرى لنظره، باعتباره الرئيس الأعلى للمحكمة الإدارية العليا.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً