اعلان

"زواج القاصرات السوريات".. قصص بشعة ترويها اللاجئات عن حياتهن في الأردن.. إتجار بالبشر وغطاء قانوني للاستغلال الجنسي.. وسماسرة محترفون يتربحون من "شرف الفتيات"

لم تخلف الحرب في سوريا الخراب والدمار فقط، وهجرة آلاف الأسر السورية الى معظم البلدان، من المشرق إلى المغرب، بل حلت لعنة الحرب على القاصرات السوريات، بعدما اصطدموا بحياة لا يوجد بها رحمة، فأصبح زواج القاصرات ملاذًا لبعض الأسر السورية، للتخفيف عن كاهلها، أو أنها ترى في الزواج سبيلا إلى حماية "شرف البنات" المعرضات للخطر خارج الوطن، فى ظل الظروف الصعبة التى جعلتهم يتركون وطنهم، ويلجأون الى مختلف البلدان حول العالم.

وتناقلت بعض الصفحات على السوشيال ميديا، فى الأردن، قصة شابة سورية تزوجت وهي في الخامسة عشرة من عمرها وطلقت في السادسة عشرة، إنها نادمة على موافقتها الزواج من خاطب وسيم، وهو شخص غريب عنها تبين في ما بعد أنه زوج سيئ.

أسباب زواج هذه الفتاة الصغيرة وأمثالها باتت أكثر انتشارا في أوسط السوريين الذين يعيشون في المنفى بالأردن بسبب الحرب المستمرة في بلادهم منذ ست سنوات.

وتوثق الأرقام الواردة من تعداد السكان في الأردن زيادة مطردة في زواج القاصرات، ففي 2015، شكلت العرائس اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و17 عاما ما يقرب من 44 بالمئة من جميع الإناث السوريات في الأردن، مقابل 33 بالمئة في 2010.

وفي عام 2015، بلغت نسبة الإناث اللاتي تزوجن دون سن البلوغ 11.6 بالمائة من إجمالي الزيجات التي جرت ذلك العام، مقارنة بنحو 9.6 بالمائة عام 2010.

وغالبا ما تتزوج الفتيات من شبان سوريين أكبر منهن ببضع سنين، وغالبا دون عمل ثابت، مما يساهم في إدامة الفقر، وسيكون لهن على الأرجح أطفال أكثر من اللاتي تزوجن بالغات، مما يرفع معدل الولادة في الأردن.

وقالت ميسون الزعبي، الأمين العام للمجلس الأعلى للسكان في الأردن، لأسوشيتد برس: "إن هذه يعني أن لدينا المزيد من الناس أكثر مما تستطيع الحكومة الأردنية تحمله".

وبلغ عدد السكان الذين يعيشون في الأردن 9.5 مليون نسمة، منهم 2.9 غير أردنيين، ومن بين الأجانب 1.265 مليون سوري، أو ضعف عدد اللاجئين المسجلين في المملكة منذ اندلاع الحب في سوريا في 2011.

ويشمل هذه العدد العمال السوريين المهاجرين الذين جاءوا قبل الحرب، وأولئك الذين لم يسجلوا كلاجئين، وتشمل أرقام الزواج المبكر جميع السوريين في الأردن، وليس فقط اللاجئين المسجلين.

ويتولّى سماسرة الزواج المنتشرون داخل المخيم اختيار الفتيات الأجمل والأصغر لأثرياء معظمهم متزوّج أو متقدّم في السن.

وسلاح هؤلاء السماسرة هو الدولار وحاجة الأسر اللاجئة المحتاجة له لتوفير سبل العيش، وفق اعتقادهم وإبعادهن عن أخطار اللجوء وتشعباته.

ويرفض القانون الأردني تزويج الفتاة إلا بعد تجاوزها سن الـ 18، إلا في حالات معيّنة يُترك تقديرها للقاضي الشرعي، كون هذه السن تعتبر معيارًا للنضج، خصوصًا أن الفتاة قبل ذلك لا تكون جاهزة للزواج جسديًا أو عقليًا أو عاطفيًا.

ولا يكلّف الراغب في الزواج من لاجئة سورية قاصر إلا ملء استمارة ودفع مبلغ نقدي لسماسرة قبل تحقيق مراده في غضون أيام.

تقول السورية الشقراء ريهان التي لم تبلغ الـ 16 سنة، أن والدها اضطر لـ"بيعها وأختها التي لم تبلغ الـ 15 سنة، إلى ثريين عربيين في مقابل 7 آلاف دولار عن كل منهما، وما لبثا أن اختفيا بعد 20 يومًا فقط من عقد القران.

وتؤكّد فريهان أن الثريين، وهما شقيقان الأول في الـ 55 من عمره والثاني في الـ 51، استأجرا لهما شقتين مفروشتين في عمّان، غير انها وشقيقتها افتقدتاهما بعد أسبوعين.

وتضيف أن عقد القران تمّ بورقة خارج المحكمة الشرعية، تحت إلحاح السمسار الذي أخبرهما بأن الزوجين سيثبتان العقد عندما يغادران إلى بلدهما، وتجزم أن الحيلة انطلت على الوالد تحت ضغط الحاجة، وسعيًا إلى أن تنتقل ابنتاه مع زوجيهما إلى موطنهما.

وتذكر بسمة أن السمسار أخبر عائلتها بأن الزوجين سينجزان معاملة لمّ شمل أفرادها في بلدهما، لكن هذه الأسرة بقيت تعيش في مقطورة معدنية وسط صحراء لاهبة صيفًا وقارسة البرد شتاء.

وتؤكّد الدكتور أميرة محمد الضابط في مكافحة الاتجار بالبشر في "منظمة الهجرة الدولية"، أن مثل هذا الزواج "يكون قصير الأجل عادة ويمكن ألاّ يدوم أكثر من 24 ساعة"، معتبرة أنه "غطاء قانوني للاستغلال الجنسي".

وقالت: "على رغم أن الزواج المبكر شائع في الأرياف السورية، إلا أنه من وجهة نظر إنسانية، انتهاك صارخ لحقوق الإنسان".

ووفق القاضي الدكتور أشرف العمري في دائرة قاضي القضاة الأردنية، ينتهي أكثر من 50 في المئة من زواج اللاجئات السوريات القاصرات بالطلاق.

وعلّل العمري هذه النسبة المرتفعة من الطلاق، إلى أن كثرًا من المتقدمين إلى الزواج أثرياء باحثون عن المتعة.

وأضاف أن هذا النوع من الزيجات لا يستمر أكثر من أشهر وأحيانًا أيامًا قليلة، مشيرًا إلى أن مهور هؤلاء القاصرات غالبًا ما تكون مرتفعة، قياسًا إلى المهور المتعارف عليها، لأن موافقة ذويهن على تزويجهن أشبه ما تكون بصفقة، للخلاص من حالة الفقر التي يعيشونها، كاشفًا أن الدائرة تسجّل شهريًا أكثر من 6 آلاف حالة زواج مبكر بين اللاجئات السوريات.

وأوضح العمري أن غالبية القاصرات، المعروضات للزواج، يكن عادة من المتسرّبات من المدرسة، نظرًا إلى حاجة ذويهن لعملهن، أو لبعد المدارس عن مساكنهن، ما يتطلّب نفقات مواصلات لا يستطيعون توفيرها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً