اعلان

مظاليم السكة الحديد يكشفون المستور.. سائقو القطارات: نحن كبش الفداء للوزير.. والجرارات لم تمتد لها الصيانة منذ 37 عامًا

شريف هاشم وسعيد سالم وبطرس ملاك، ثلاثة سائقين بهيئة سكك حديد مصر، جمعتنا بهم جلسة مصارحة، قصوا فيها بعضًا مما تجيش به قلوبهم، وما يتعرضون له من ظلم واضح - حسب شهاداتهم- فالسائق حسب وجهة نظرهم ما هو إلا "كبش فداء"، جمعه القدر بحظه السيئ فقط ليصبح سائقًا فى الهيئة، ويصاحب الموت على قضبان ممتدة شمالًا وجنوبًا، ليجد نفسه فى نهاية المطاف مدانًا من وزارته، ومسئولًا كل مرة عن مقتل العشرات.

"هاشم" كان الأكثر جرأة ليوافق على الظهور باسمه وصورته الحقيقيتين، عكس "سالم" و"ملاك" اللذين فضلًا أن يوضع لهما اسمًا مستعارًا - خوفًا من الملاحقة -، وهو ما فعلناه.

يحكى "هاشم" عن ذكرياته: "سكك حديد مصر هى منزل العائلة، لكن المنزل سريعًا ما تصدع وأثقل بالفساد"، مضيفًا أنه اعترض فى إحدى المرات على فسادٍ ظاهر، فحاربوه، وشكلوا "كومسيونًا" طبيًا للكشف عليه، والذى خرج بنتيجة أنه مريض بالسكرى، وحسب قانون الهيئة، فإنه المرض الوحيد الذى يُمنع السائق بسببه من ممارسة عمله، ويحول إلى عمل إدارى، وهو ما حدث معه.

"تحولت من سائق إلى كاتب إدارى".. هكذا يروى هاشم تفاصيل حكايته، مضيفًا: "منذ 35 عامًا، أعمل كسائق قطار محترف، استعانوا بى كثيرًا فى مهام داخلية وخارجية، وعملت كمدرب للسائقين، لكن كل ذلك لم يشفع لى وحاولوا استبعادى"، ويشرح كيف اختير مع الوفد المصرى المسافر إلى إسبانيا، مطلع الثمانينيات، للتعاقد على صفقة "الجرارات الألمانية" والتى ما زالت فى الخدمة إلى الآن، وكيف طالتها يد الإهمال بعد أكثر من 37 عامًا على شرائها، قائلا: "لم تمتد يد الصيانة إلى الجرارات بالخدمة من يوم شرائها حتى الآن، رغم أنها هى المحرك الرئيسى للقطار، تعاقدنا حينها على 30 جرارًا بقيمة تسعة ملايين دولار، وقتها، وفى عام 2000 قدمت شركة ألمانية، لصيانة عشر جرارات بعشرة ملايين جنيه، لكن المسئول رفض العرض، لأنه لن يستفيد من وراء الصفقة شيئًا، ومن وقتها لم تمتد يد لصيانة الجرارات بشكل متكامل".

وعن حادث تصادم قطارى الإسكندرية الأخير، ذكر "ملاك" أن السائق لم يكن مخطئًا، حيث إن "السيمافور" كان معطلًا، وقانونًا لا يجوز أن يتحرك القطار إلا بإشارته، ما استدعى أن يبلغ سائق القطار "571" عامل الإشارة الذى تباطأ فى إبلاغ المحطة الخلفية بالعطل، ليأتى القطار 13 بسرعته، وتحدث الكارثة، مضيفًا أن النيابة حولت السائقين للتحقيق، رغم أنهما ضحايا وليسا مجرمين، وهو ما وضعنا كـ"كبش فداء" كل مرة.

ويقص "ملاك": فى إحدى المرات كنت فى طريقى إلى ورشة تابعة للهيئة بمنطقة الزاوية الحمراء، وتوقفت عند مزلقان "أبو خليفة" تمهيدا لدخولى، وفجأة صعد إلى أحد البلطجية، ومعه سلاح أبيض، مهددًا إياى بالتراجع، ولم أدرى إلا وأنا أقود للخلف متراجعًا إلى ورشة أحمد حلمى، محاولًا الاستغاثة بأفراد شرطة النقل و المواصلات، والذين لم يحركوا ساكنًا، ولولا تدخل العناية الإلهية لكنت ميتًا"، مضيفًا أن الجانب الأمنى ضعيف فى مرافق الهيئة وأنهم معرضون للموت دائمًا، سواء من القطارات المتهالكة أو الطرق الضعيفة أو حتى البلطجة وأمور التعدى التى يصادفونها على الطريق.

تناول "سالم" طرف الحديث قائلًا: "فى إحدى المرات، قدت قطار النوم فى رحلة إلى أسيوط، وأثناء الرحلة مرورًا بملوى بمحافظة المنيا، وجدت جوالًا يتحرك على القضبان الممتدة أمامى، توقفت رغم التعليمات، ريبة وخوفًا، وما لبثت أن وجدت بالجوال شخصًا مقيدًا، ولولا ستر الله لقتلت الرجل التزامًا بتعليمات الهيئة".

وأضاف "سالم" أن كثير من الخدمات تنقصهم، فالخدمات الطبية سيئة للغاية بمستشفى السكة الحديد، كما أن رواتبهم ضعيفة، ودلل على كلامه بكشف لراتبه عن الشهر الماضى، والذى وجدناه لا يتجاوز 2100 جنيه، رغم خبرته التى تخطت الخمسة وعشرين عامًا بالسكة الحديد كسائق.

واختتم السائقون الثلاثة حديثهم، بعدما سردوا حكايات كثيرة لن نستطيع ذكرها كاملة، وأجمع السائقون فى نهاية حديثهم على طلب واحد وهو إقالة وزير النقل الدكتور هشام عرفات، وإقالة كل المسؤولين المتسببين بفساد الهيئة، والتى أصبحت مكدسة بأطنان من الفساد، صعب على السائقين تحملها وحدهم.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً