اعلان

بعد الحوادث الأخيرة.. هل تسعى الدولة لخصخصة السكك الحديدية؟.. وزير النقل ينفي.. وبرلمانيون وخبراء: قريبا بالأسواق

يبدو أن حادث قطاري الإسكندرية الأخير، كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وأظهرت ما خفي من عيوب متأصلة في هيئة سكك حديد مصر وأنظمتها التي لم تحدث منذ الاحتلال الإنجليزي لمصر، فبدأت الأقلام تكتب، واتجهت العيون إلى المرفق الهام، تقيمه وترصد أخطائه، حتى إن الحكومة بدأت في اتخاذ إجراءات للسيطرة على خسائر المرفق ووقف نزيفه المتكرر.

وأعلنت وزارة النقل، أمس، أنها انتهت من إعداد مشروع قانون يلغي احتكار الحكومة لخدمات السكك الحديدية، حيث سيتم عرضه على مجلس الوزراء قريبا، تمهيدا لعرضه على مجلس النواب، الأمر الذي يأتي مخالفا لما نفاه وزير النقل الدكتور هشام عرفات، منذ أيام عقب حادث القطار، حينما أكد أنه ليس هناك نية لدى الحكومة المصرية في خصخصة السكة الحديد، وأن المرفق هام ويعتبر عمود فقري لمحدودي الدخل والفقراء.

وقال هشام عرفات في تصريحات سابقة لـ"أهل مصر" أنه ينوي تحويل هيئة السكة الحديد إلى هيئة اقتصادية، وهو الأساس الذي بنيت عليه، حسب حديثه وقتها، الأمر الذي ينفي فكرة الخدمية عن الهيئة، ويؤسس لفكرة الخصخصة، حسبما ذكر خبراء اقتصاديون.

وأعلن "عرفات" في أكثر من حديث صحفي، في الأيام الماضية، أن هناك دراسة لمشاركة القطاع الخاص في تطوير السكك الحديدية، مؤكدا أن مشاركة القطاع الخاص لا يعني خصخصتها، الأمر الذي يتنافى مع إعداد وزارة النقل لمشروع قانون ينهي احتكار الهيئة لخدمات وتشغيل السكة الحديد منفردة، وهو ما يثير بين المواطنين حالة من الارتباك والتساؤل عن مصير الهيئة الفعلي.

وفي هذا السياق، ذكر النائب محمد بدوي، عضو لجنة النقل بمجلس النواب، لـ"أهل مصر" أن هيئة السكة الحديد "ميراث متهالك"، خسر منذ عام 1998 ما يوازي 50 مليار جنيه، ولا تستطيع الدولة تطويره بشكل كامل حاليا، نظرًا للحالة الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى ضرورة طرح مناقصة فورية للتوصل إلى شركة عالمية أو محلية كبرى تتسلم مهام إدارة المرفق، لتطويره بشكل جيد، فالعقول الجديدة هي الحل، حسبما ذكر.

فيما أشار النائب محمد عبد الله زين الدين، وكيل لجنة النقل بمجلس النواب، في تصريحات صحفية، إلى أن الوزير طلب تعديل القانون 152 لسنة 1980، بشأن إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، حتى يتمكن القطاع الخاص من المشاركة فى تطوير السكة الحديد، موضحا أنه يوجد قانون 67 لسنة 2010، الخاص بتنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، ويعتمد الإطار التنفيذى لتطبيق برنامج المشاركة مع القطاع الخاص على عقد إتاحة المرافق والخدمات، يقوم بمقتضاها القطاع الخاص بتنفيذ تلك المشروعات عن طريق عدة أدوار بما فى ذلك التصميم والتمويل والبناء والتشغيل والإدارة والصيانة ونقل الملكية للدولة، على أن تقوم الجهة الإدارية بسداد مقابل تلك الخدمات بعد بدء التشغيل.

وحسب رأي خبراء، فإن مصر لن تستطع في الوقت الراهن، خصخصة السكك الحديدية، فالمشروع خدمي من الدرجة الأولى يخدم قطاعات عريضة من المواطنين، يوميا، مشيرين إلى أن سوء الحالة الاقتصادية نتيجة الاصلاحات الأخيرة، يقف حائلا أمام تطبيق الخصخصة، لكن من الممكن أن يتم ذلك على مراحل تبدأ بخصخصة الإدارة، وتسليمها لشركة أجنبية تديرها بشكل اقتصادي، مع ضمانات بتوفير الخدمات لمحدودي الدخل والفقراء في قطارات الدرجة الثالثة وبشكل آدمي أيضا.

وبخصوص خصخصة مرفق السكة الحديد، فليست مصر الأولى التي تفكر في الأمر، فهناك تجارب سابقة في دول أخرى، مثل بريطانيا العظمى والتي أنشأت سكك حديد مصر كثاني خطوط السكة الحديد في العالم، فتم بيع مبنى القطارات المسمى بـ "هندسة السكك الحديد"، في ظل حكومة "مارجريت تاتشر"، وفي عام 1993، تمت خصخصة السكك الحديدية بشكل قانوني، عبر قانون هيئة النقل والسكك الحديدية الجديد، حيث تم بيع شركات الصيانة لـ 13 شركة، ونقلت ملكية القطارات إلى 3 شركات، وتم منح حق الانتفاع لشركة تشغيل القطارات تحت إشراف الدولة، كما انتقلت ملكية قطارات الشحن إلى شركتين، وهو ما كانت نتائجه، انخفاض تكلفة الضرائب، وانخفاض الأسعار، وتحسين خدمة العملاء، وتنشيط المزيد من الاستثمارات.

كما اتجهت الحكومية اليابانية لخصخصة السكك الحديدية، ونجحت في ذلك ليتم خصخصتها في عام 1978، وأصبحت هناك 200 شركة خاصة وشبه خاصة تنافس في تشغيل السكك الحديدية اليابانية، والتي كانت تتكبد خسائر تزيد عن تريليون ين ياباني سنويا، وفقا لبيانات البنك الدولي.

وكانت المملكة الأردنية الهاشمية هي الأولى من نوعها في الدول العربية والشرق الأوسط، التي منحت حق الامتياز "الإيجار التشغيلي" للقطاع الخاص لتمويل وإدارة سكك حديد العقبة على نطاق واسع، لمدة 25 عاما، وأعلنت المملكة العربية السعودية أيضا طرحها لمناقصة لخصخصة القطاع.

ليتساءل المواطن المصري، بعد التصريحات والقرارات المتضاربة من المسئولين يوميا، عن مصير السكك الحديدية، ومصير وسيلة النقل الأكثر مناسبة لمحدودي الدخل والفقراء.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
في ذكرى تحريرها.. القطارات تعود إلى سيناء وتعبر كوبرى الفردان الجديد "صور"