اعلان

بطل من سيناء (4).. الشهيد محمد السواركة.. حكاية "ابن الشيخ زويد" الذي قتله "ولاد العم".. استخدم حيلة ذكية للهروب من الاحتلال الإسرائيلي والالتحاق بالشرطة.. وعشق قراءة التاريخ (صور)

لقراءة الحلقات السابقة أضغط هناخرج العميد محمد سملى السواركة مع صديقه عمرو صالح العميد بالقوات المسلحة، من قطاع الأمن المركزي برفح بعد يومًا شاقًا من العمل المتواصل، لمحاولة التوصل لأماكن الإرهابيين في سيناء، استقلا السيارة سويًا للمنزل، ساد الصمت طويلًا إلى أن وصلا لمنتصف الطريق، ليقطع السواركة هذا الصمت، ويقول لصديقه: "سارة بنتي يا سيدي طلعت زيي بتحب القراءة.. طلبت مني كتاب عن التاريخ وأنت عارف أنا بحبها أد إيه وعايز أجيبه لها في الإجازة".. ليرد عليه صديقه: "ربنا يخلهالك وتحضر فرحها وتشيل أولادها كمان".. فيجيب محمد بنظرة ضائعة وفكر مشتت: "يا مين يعيش".وخلال حديثهم (التخيلي)، يظهر فجأة على بعد خطوات من السيارة عدد من الإرهابيين، يحملون أسلحة، في تلك اللحظة كان العميد السواركة قد وصل إلى كمين الشعرواي، لتحاول تلك العناصر الإرهابية خطفه ولكنهم فشلوا في ذلك، فقرروا إطلاق الرصاص عليه وهو وصديقه العميد صالح، لتصعد روحهم إلى خالقها في ثوان معدودة.البطولات لا تنتهي في سيناء، هي مسلسل طويل أبطاله رجال القوات المسلحة، يسطرون حلقاته بدمائهم من آن لآخر، وفي الوقت الذي يسود فيه الصمت ويشتد فيه سواد الليل، تعلو أصوات المدافع والأسلحة الثقيلة، معلنة عن بطولة جديدة لأحد قوات الجيش المصري، تقوي عزيمة الشعب المصري في حربه ضد الإرهاب، وتنال من الروح المعنوية لما تبقى من فلول الإرهاب بسيناء.

وتنشر "أهل مصر" على مدار عدة حلقات، حكايات لأسود من الجيش المصري في سيناء، قدموا دمائهم رخيصة، وسجلوا بطولات لن تمحى من الذاكرة بمرور الوقت.- طريقة هروبه من الاحتلال للالتحاق بكلية الشرطة:منذ الصغر عشق محمد السواركة حب الوطن، فقرر أن يلتحق بكلية الشرطة، ونظرًا للحرب التي كانت دائرة في سيناء ذلك الوقت، على خلفية وقوعها في قبضة إسرائيل، لم يجد الشاب الصغير الذي حصل على شهادة الثانوية العامة عام 1978، طريقًا للوصول إلى الكلية، إلا بانضمامه إلى الـ"الصليب الأحمر"، الذي نقله إلى القاهرة، وبذلك وضع قدمه على أول طريق الوصول لكلية الشرطة.اجتهد الشهيد في كلية الشرطة إلى أن تخرج وعمل ضابطًا في قطاع الأمن المركزي بالقاهرة، ومن ثم انتقل للإسماعيلية، وبعد فترة، صدر قرارًا بنقله إلى قطاع الأمن المركزي بالعريش في ثمانينات القرن الماضي.لم يكن يتخيل الشهيد محمد، أحد أبناء قبيلة السواركة، التي تعد من أكبر القبائل في سيناء، أن يعود مرة أخرى إلى حضن قبيلته ووطنه، ولكن هذه المرة يمتلك قدرة على إنقاذ وطنه من قبضة الإرهابيين، ويحمي عائلته.نجح السواركة في التدرج الوظيفي، إلى أن وصل لرتبة عميدًا بقطاع الأمن المركزي بوزارة الداخلية لتأمين الحدود، وكان مثالًا يحتذى به بين زملائه، طول فترة خدمته.في يوم السابع والعشرين من رمضان منذ ثلاثة أعوام، خطط عدد من التكفريين، بالشيخ زويد، أن يتخلصوا من ابن مدينتهم، فهاجموه هو وصديقه العميد بالقوات المسلحة عمرو صالح، أثناء توجههم إلى البيت بقرية الشلاق بالشيخ زويد، واسقطوهم شهداء. الأهالي: "الناس كانت بتحبه.. والقبيلة رفضت تاخد العزاء"ولشدة الموقف، رفضت قبيلة السواركة، أخذ العزاء في شهيدهم، عازمين الأمر على رد حقه وحقه أطفاله، والانتقام ممن قتلوه، وعلى الجانب الآخر، شنت القوات المسلحة، عمليات هجوم موسعة على عدد من البؤر الإرهابية في سيناء، انتقامًا لمقتل محمد السواركة، وعمرو صالح.بنظرة حادة ودموع حبيسة ويد موضوعة على قلب موجوع، تروي سارة ابنة الشهيد السواركة، "بابا ده أحلى أب في الدنيا كلها، وكان دايمًا يقولي متخافيش، ويقولي خليكي متواضعة مهما كان اللي قدامك.. مش قادرة اتعود على غيابه.. وحشني كلامه وضحكته وحضنه".وتابعت سارة قائلة: "أبويا لما استشهد في رمضان عرفنا إزاى الناس كلها بتحبه.. منعوا نفسهم وقتها من أنهم يعملوا كعك العيد من حزنهم عليه".ويقول محمد أبو سمور، أحد أصدقاء الشهيد السواركة، "محمد مكنش حد يقدر يقول عنه كلمه وحشة.. راجل كده كان دايمًا بيضحك ونضيف من جواه.. يارب يجعل مثواه الجنه ويحمي ولاده الصغيرين".وتابع صديق الشهيد: "عمرو صالح اللي استشهد هو كمان، كان صديق محمد السواركة وكاتم أسراره، كنا بنعتبرهم أخوات.. الله يرحمهم اشتغلوا واستشهدوا سوا".ويروي أحمد أبو عبدون، أحد جيران الشهيد، "محمد اللي استشهد ده عمرنا ما هنقدر ننساه.. إزاى ننسى واحد خدمنا وكان بيحمينا، ده بالرغم من سلطته، كان بيعلم ولاده ميستغلوش المناصب عشان يضروا الناس أو يخدموا نفسهم، الله يرحمه ويصبرنا على فراقه".ويتابع أبو عبدون وهو ينظر إلى منزل الشهيد: "البيت ده كان زي بيت العمدة كده.. كل الناس في القرية بتتجمع عنده.. كنا بنعتره أبونا مش مجرد جار"، مضيفًا: "بنته ذكية زيه ومتفوقة.. وراحت الإسماعيلية عشان هي في ثانوي دلوقتي.. ربنا يحميها ويعوضها خير على غياب أبوها".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً