اعلان
اعلان

يعيش "وراء الستار" بلا هاتف.. البغدادي يبحث عن "أرض التمكين".. ويخطط للـ"معركة الأخيرة" لداعش ستكون قرب نهر الرقة لاستعادة نفوذ التنظيم

كتب : سها صلاح

أدت الهزائم التي حدثت لتنظيم " داعش" إلى تضييق الخناق على زعيمه أبو بكر البغدادي، الذي يعيش في الخفاء، محاطاً بدائرة ضيقة من المخلصين له.

فمع تساقط مدن "داعش" واحدة تلو الأخرى، من الموصل والرقّة إلى تلعفر وقريباً دير الزور، في ظل ضربات مكثفة للتحالف الدولي، لم يعد للبغدادي الذي سبق أن شغل الدنيا وأثار الرعب في كل مكان سوى منطقة نائية في وادي الفرات بين الحدود السورية والعراقية والأردنية، يحتمي بها من غارات الجو وهجمات البر .

وصارت هذه المنطقة الصحراوية التي تقطنها عشائر سنية عصيّة على الحكومات، المعقل الأخير للتنظيم والأمل المتبقي له بأن يطلق منها حرب عصابات في السنوات المقبلة ، بحسب " أ ف ب"ّ.

صعب المنال

وأُعلن عن مقتل البغدادي مرات عدة بعد غارات جوية حاولت النيل منه، لكن هذا الرجل الذي لم يظهر للعلن سوى مرة واحدة ملقياً خطبة جمعة بعد تنصيبه "خليفة"، ما زال حياً على الأرجح، ويعيش متوارياً في وادي الفرات، بحسب الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند قائد التحالف ضد التنظيم في العراق وسوريا.

وكانت روسيا قالت في شهر يونيو الماضي إن هناك "احتمالاً كبيرًا" أن يكون البغدادي قد قتل في مايو خلال ضربة جوية نفذتها روسيا على مدينة الرقة شمالي سوريا التي تعتبر العاصمة الفعلية لتنظيم داعش.

ومنذ ذلك الوقت، كثفت المجموعات التي تحارب تنظيم "داعش" من عملياتها العسكرية البرية حيث تشير التقديرات إلى أن 2000 مسلح محاصرون في الرقة.

وقال تاونسند، مطلع سبتمبر الجاري "لم أر أي دليل مقنع، أو معلومات استخبارية أو شائعة من أي مصدر تفيد بموته، بل هناك مؤشرات استخباراتية تدل على أنه ما زال حياً".

ويرى أن "المعركة الأخيرة مع تنظيم داعش ستكون في الوادي"، ويقول "حين نعثر عليه أعتقد أننا سنحاول أولاً قتله، الأرجح أنه ليس هناك من جدوى لمحاولة القبض عليه".

ويرجح الخبير الأميركي آرون زيلين أيضاً أن يكون البغدادي مختبئاً في ذلك المثلث الحدودي، سواء في قرية أم في مغارة قرب النهر.

ويقول هذا الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط لوكالة الأنباء الفرنسية، إن البغدادي وقادة التنظيم "يحاولون الحفاظ على حياتهم في هذه المرحلة استعداداً لعودتهم".

ويضيف "إنهم يتبعون الطريقة التي اعتُمدت في العراق بين العامين 2009 و2012، حين هُزم التنظيم السابق، تكتيكياً على يد العشائر السنيّة والجيش الأميركي، لكنه تمكّن من الصمود استراتيجيا"، إلى حين تحول إلى تنظيم داعش.

وكان يعتقد أن البغدادي موجود في مدينة الموصل قبل أن يبدأ التحالف الدولي عملياته العسكرية لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش في أكتوبر 2016.

ولم يظهر للعلن سوى مرة واحدة في السنوات الأخيرة إذ ظهر في مقطع فيديو في الجامع النوري بمدينة الموصل يوم 5 يوليو2014 بعيد استيلاء التنظيم على المدينة.

ويرى مسؤولون عراقيون أن الإيقاع بالبغدادي لن يكون بالأمر السهل، فهو يعيش في سرية تامة محاطاً برجال من أبناء عشيرته يحظون بثقته ويعرفهم منذ زمن طويل، وهو لا يرى الضوء ولا يستخدم أياً من وسائل الاتصال الحديثة، بل ينقل رسائله عبر وسطاء سريين.

والمنطقة التي يرجح أنه يعيش فيها الآن تقطنها عشائر سنيّة ينتشر بين معظم أبنائها المنهج السلفي، وقد استقبلوا مقاتلي التنظيم على أنهم أبطال محررون في وجه السلطات السورية والعراقية التي يعارضونها بشدة.

وسيعتمد التنظيم في أرضه هذه على التهريب الحدودي، وهو نشاط متجذر في هذه المنطقة الصحراوية على أي سلطة بخلاف زعماء العشائر، وفي هذه المنطقة نفسها أقام تنظيم القاعدة أبرز معسكراته بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003.

ووفقا لقاعدة دينية مثيرة للجدل، يمكن للمرشح للخلافة المطالبة بأن يكون خليفة للمؤمنين إذا كان لديه "أرض التمكين"، يحكمها وفقا للشريعة الإسلامية.

واليوم، تتقلص مساحة "أرض التمكين"، بعد أن أصبح تنظيم الدولة الإسلامية قوة مستنفدة في الموصل، ويواجه ضغوطا هائلة في الرقة، وهما العاصمتين الفعليتين للتنظيم في العراق وسوريا.

وتعد "ولاية الفرات" هي المنطقة الوحيدة المتبقية التي يمكن أن يزعم تنظيم الدولة الإسلامية أنها "أرض التمكين".

من هو البغدادي

ولد أبو بكر البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء شمالي بغداد عام 1971 لأسرة سنية متوسطة.

حصل البغدادي على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة بغداد عام 1996، ثم شهادتي الماجستير والدكتوراة في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عامي 1999 و2007 على التوالي.

وحتى عام 2004، قضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي في بغداد، مع زوجتين وستة من الأبناء.

وكان البغدادي يُعلم تلاوة القرآن لأطفال المنطقة في أحد المساجد، حيث كان أيضا نجما لفريق المسجد في كرة القدم.

وخلال فترة دراساته العليا، أقنعه عمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.

انجذب البغدادي سريعا إلى العدد القليل من غلاة المتشددين الذين يتبنون نهج العنف في هذه الجماعة الإسلامية. وبحلول عام 2000، تبنى البغدادي نهج السلفية الجهادية تحت

وصايتهم.

بعد مرور أشهر على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة "جيش أهل السنة والجماعة" المسلحة.

وألقت القوات الأمريكية القبض على البغدادي في فبرايرعام 2004، في مدينة الفلوجة، وأرسلته إلى معسكر

وبحسب رواية أحد رفاقه في المعتقل، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل مركز الاعتقال، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس السابق صدام حسين وجهاديين.

شكل البغدادي تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم بعد الإفراج عنه في ديسمبر عام 2004.

وبعد إطلاق سراحه، اتصل البغدادي بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة في العراق، فرع القاعدة المحلي الذي كان يقوده الأردني أبومصعب الزرقاوي.

وقُتل الزرقاوي لاحقاً في يوني عام 2006، في غارة جوية أمريكية، وخلفه أبو أيوب المصري.

وفي أكتوبر من نفس العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة في العراق، وأسس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، واستمرت هذه الجماعة الجديدة في الولاء سرا لتنظيم القاعدة.

البغدادي استغل الفوضى التي عصفت بسوريا من أجل وضع موطئ قدم هناك لتنظيم الدولة الإسلامية ، وبفضل مؤهلات البغدادي الدينية وقدرته على تضييق الهوة بين الأجانب الذين أسسوا تنظيم داعش في العراق والعراقيين الذين انضموا إلى التنظيم لاحقا، صعد نجم البغدادي بشكل مطرد في صفوف التنظيم.

عُين البغدادي رئيسا للجنة الشريعة، واختير عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، الذي يضم 11 عضوا ويقدم المشورة لأمير التنظيم آنذاك أبوعمر البغدادي.

كما اختير أبو بكر البغدادي بعد ذلك عضوا في لجنة التنسيق في تنظيم القاعدة في العراق، والتي كانت تشرف على الاتصال بقادة التنظيم في العراق.

وبعد مقتل مؤسس تنظيم القاعدة في العراق وأميرها في أبريل عام 2010، اختار مجلس الشورى أبوبكر البغدادي أميرا جديدا.

بدأ البغدادي إعادة بناء التنظيم، بعد أن تمكنت القوات الأمريكية الخاصة من القضاء عليه.

ومن خلال استغلاله للاضطرابات المتزايدة في سوريا عام 2011، أصدر البغدادي أوامره لأحد النشطاء التابعين له في سوريا ليؤسس سرا فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، عُرف لاحقا باسم "جبهة النصرة".

ظهرت خلافات سريعا بين البغدادي وزعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، الذي أراد التعاون مع الجماعات السنية الرئيسية المعارضة التي تقاتل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي ربيع عام 2013، أعلن البغدادي أن النصرة هي جزء من تنظيم الدولة في العراق، وأطلق عليه اسم "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام".

وحينما طلب أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها، رفض الأخير. وفي فبرايرعام 2014، أعلن الظواهري قطع كل علاقات القاعدة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وردًا على ذلك، بدأ تنظيم داعش في العراق والشام قتال جبهة النصرة، وعزز من قبضته على شرق سوريا، حيث فرض البغدادي قوانين شرعية صارمة.

ما يُعرف بتنظيم داعش أُسس كتحدٍ لتنظيم القاعدة الرئيسي بقيادة أيمن الظواهري ، وفي يونيوعام 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وبعد فترة وجيزة أعلن المتحدث باسم الجماعة إقامة دولة الخلافة تحت اسم "تنظيم داعش".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بايدن: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل