اعلان

بقلم اللواء محسن الفحام.. "إلى الآمان.. مصر ما بين حماس وفتح"

بعيداً عن الصخب الإعلامي والتصريحات السياسية المعهودة تقود مصر حالياً جولة من جولات التعامل مع الملف الفلسطيني احسب انها الأهم منذ احداث يناير 2011 حيث يتواجد حالياً في القاهرة وفدين من حركتي حماس وفتح بهدف بحث سبل إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية.

والواقع أن وفد حركة حماس تحديداً قد جاء وهدفه الأهم هو اثبات حسن النوايا وسعياً الى تحسين العلاقات مع مصر وتقديم ضمانات تنفى عنها صفة الإرهاب التي وصمت بها بقرار دولي أضعف موقفها داخلياً وخارجياً بالإضافة الى العديد من المتغيرات الأخرى نذكر منهاعلى سبيل المثال لا الحصر:

1-الموقف الدولي والمصري الرافض لجماعة الاخوان الإرهابية والتي تعتبر حركة حماس احدى روافدها...حيث حاولت الحركة ان تتبرأ من هذا الانتماء ومن أفعال التنظيمات الإرهابية الأخرى بل وأعلنت التعاون مع الجانب المصري لحفظ الحدود بين قطاع غزة وشمال سيناء.

2-تقلص الحماية والدعم الذي كانت تتلقاه بكافة الأشكال والصور من الدول التي تدعمها مادياً ولوجستيا مثل إيران وتركيا وقطر لأسباب تختلف من دولة الى أخرى.

3-الموقف المصري المتعاطف مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذى تمكن منه الضعف والفقر والعزلة بعد سيطرة حركة حماس عليه منذ عشر سنوات...حيث وردت تقارير من منظمات دولية تنذر بكوارث إنسانية تهدد بشكل جدى مليوني انسان يعيشون مكدسين في بقعة مكتظة ذات كثافة هي الأعلى في العالم...الامر الذى جعل مصر تنظر بعين الاعتبار والاهتمام بهذا الشعب لما لها من مسئولية تاريخية تجاه القضية الفلسطينية بعدما ظهر للجميع ان حماس كانت تبحث في المقام الأول عن مصالحها دون اعتبار لما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق في هذا القطاع.

-ولعل تشكيل الوفد الذي يزور القاهرة حالياً والذي يرأسه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة يشير الى بث إشارة تطمين للجانب المصري خاصة بعدما أعلن عن استعداده لمناقشة ملفات حيوية واتخاذ إجراءات جديدة لضبط الامن على الحدود مع مصر بشكل اكثر حزماً وإيجابية عن ذي قبل...كذلك عن استعداد الحركة للدخول في مصالحة فلسطينية حقيقية خاصة بعد ان أعلنت عن استعدادها لحل اللجنة التي تدير غزة وهى علامة إيجابية فعلاً اذا التزمت بها الحركة..

على صعيد آخر فان زيارة وفد من حركة فتح للقاهرة للتباحث مع حركة حماس حول مستقبل الداخل الفلسطيني برعاية مصرية قد جاء هو الاخر نتيجة مخاوف حركة فتح من حدوث بعض المتغيرات التي تؤثر سلباً على وضعها الداخلي في الأراضي الفلسطينية بعدما دخل الفلسطيني/ محمد دحلان المنشق عن حركة فتح على خط التواصل مع حركة حماس والذى يعتبر الشخصية الفلسطينية البديلة للرئيس الفلسطيني/ محمود عباس...وهو الامر الذى يشكل ازعاجاً له ويحاول بسبب ذلك ان يحتوى الخلافات بينه وبين حركة حماس من خلال الدخول في مفاوضات جادة معها لإتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية وعليه فقد قام هو الاخر بإرسال وفد رفيع المستوى برئاسة عزام الأحمد عضو المجلس الثوري ورئيس الكتلة البرلمانية لحركة فتح.

ويبقى السؤال: هل كلا الطرفين جاد في هذا التوجه الهادف الى تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني في المقام الأول وليس مصلحة طرف على حساب طرف آخر؟

هل حركة حماس بالتحديد لديها حسن النوايا والأدلة التي تشير الى خروجها بالفعل من عباءة الاخوان المسلمين وهو ما نشك فيه حيث كانت حتى وقت قريب تدافع عنهم وتناصرهم في محكات رئيسية؟؟

إن الواقع يشير إلى أن هناك احتياج كلا الطرفين للأخر خاصة خلال هذه المرحلة التي باتت فيها القضية الفلسطينية على هامش الاهتمامات العربية والدولية...فمعظم دول المنطقة العربية لديها من الهموم والاهتمامات ما يجعلها تنظر الى الموضوع الفلسطيني باعتباره اصبح ثانوياً وهامشياً بالنظر الى مشاكل هذه الدول أو حرصها على التوازنات الدولية والإقليمية التي تجعلها تبتعد عن الاهتمام باى منظمات أو قوى أخرى يراها المجتمع الدولي إرهابية او ترعى الإرهاب وهو ما نراه حالياً بالنسبة لكل من قطر التي طلبت من قيادات الحركة مغادرتها وكذلك الحال بالنسبة لاهتمامات تركيا وإيران لها.

وتبقى مصر دائماً وأبداً هي الحاضن الأول والاكبر لمشاكل معظم الدول العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والتي عانت بسببها ومازالت تعاني من خطر الإرهاب القادم من قطاع غزة وقدمت في سبيل ذلك مئات الشهداء من رجال الجيش والشرطة.. هذا هو قدرها في المنطقة العربية.. فهي فعلاً الشقيقة الكبرى شاء من شاء... وأبى من أبى.

ومن هنا فإنني أوجه نداء لحركة حماس تحديداً أن تتشبث بهذه الفرصة التي قد لا تتكرر لفتح صفحة جديدة في علاقتها مع مصر ولتثبت حسن نواياها وقدرتها على تقديم الخطاب السياسي على الخطاب الايدلوجي، حفاظاً على المواطن الفلسطيني الذي يعاني من الحصار والمرض والفقر بسبب سوء إدارة وتعنت القيادات السابقة لحركة حماس.

كما أوجه ذات النداء لحركة فتح لتقديم بعض التنازلات لصالح هذا المواطن الذي يريد ان يعيش في سلام داخل أراضيه مثله مثل باقي الشعوب في الدول المحيطة به، من خلال تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية لصالح الشعب الفلسطيني برعاية مصرية خالصة مخلصة لهذا الشعب.. ودائماً تحيا مصر

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً