اعلان

رحلة في عقول "داعش".. الدرس الأول لدى التنظيم: الموت مجرد حقبة يمر بها الجسد.. والانتحار في سبيل الله واجب تحت شعار "نصرة الإسلام".. والإرهاب مباح بكل أنواعه

كتب : سها صلاح

لكل شخص دوافعه فى القتل ولكن بالنسبة للمنضمين لؤ دوافع أخرى، لذا كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن رحلة فى عقول داعش.

عندما هاجم تنظيم داعش الموصل فى عام 2014، كانت أعداد القوات العرقية المواجهة له تفوق أعداد التنظيم بـ40 إلى واحد، إلا أن التنظيم استولى على المدينة.

وعند الدخول إلى عقول الإرهابيين تبينت الأسباب التى تجعهلم يكونون على استعداد للموت، وترك أسرهم يعانون، أو حتى يقومون بارتكاب فظائع التعذيب.

وفقا لمصادر الجريدة فإن التنظيم يعتمد على زرع قوة الالتزام بالتنظيم والقيم المقدسة، والرغبة فى تفضيل هذه القيم على الأسرة أو الأقرباء، والقوة الروحية التى يستمدونها من التنظيم وفقاً لاعتقادهم.

وقال تقرير الصحيفة البريطانية: إن نتائج البحث تدعم الفكرة التى طرحتها الأبحاث السابقة، بأن الرغبة فى الكفاح لا تكمن فى العمل العقلانى بل فى فكرة الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بمجموعة ما أو تنظيم ما، ويقاتلون من أجل القيم التى تعتبر غير قابلة للتفاوض، أو أنها "مقدسة".

بالإضافة إلى التحدث إلى مقاتلى داعش، أجرى الفريق مقابلات مع المقاتلين العرب السنة، والمقاتلين الأكراد من حزب العمال الكردستانى، والبيشمركة وأعضاء الجيش العراقى.

وأظهرت النتائج أن الجميع يتبعون نموذجا واحدا غير أن هناك تباينا بين المجموعات فى مستوى الالتزام بتقديم تضحيات مكلفة، مثل الموت أو شن هجمات انتحارية أو ارتكاب التعذيب.

وكشفت النتائج أن غالبية المدنيين الذين تم استطلاع آرائهم يفضلون أسرهم على قيمهم التى يعتبرونها مقدسة، ومع ذلك، كشفت الأدلة التى تم جمعها من خط المواجهة فى العراق، أن الأشخاص الذين يفضلون قيمهم المقدسة على مجموعتهم قالوا إنهم أكثر استعدادًا لتقديم تضحيات كبيرة ومكلفة مثل الموت، والسجن أو ترك أطفالهم يعانون.

وكشفت الأبحاث التى أجراها العلماء الإسبان أيضًا أنهم يربطون بين القوة الروحية وليس الجسدية أو المادية وبين الاستعداد لتقديم التضحيات.

كان على أحد مقاتلى البيشمركة أن يتخذ قرارًا عندما قرر رجال تنظيم داعش دخول قريته لم يكن فى وضع يسمح له بأخذ أسرته معه والهروب، وما فعله كان أنه ترك عائلته خلفه، هكذا قال ديفيد جون المشارك من جامعة أكسفورد ومؤسسة أبحاث آرتيس الدولية.

أثناء المقابلة، تلقى المقاتل مكالمة هاتفية من زوجته خلف خطوط داعش، مع العلم أن العقوبة التى تنتظره فى حال تم القبض عليه ستكون الموت، وتابع ديفيد يمكنك أن ترى العاطفة حينها تسيطر على الرجل، وعندما أخرج هاتفه، بدأ فى رثاء قراره بالخروج وترك عائلته خلفه، لكنه أشار إلى أن القتال من أجل كردستان كان أكثر أهمية، وأنه يرجو الله أن ينقذ عائلته، عندما تسمع أشياء مثل هذه وترى رجلًا محطمًا فأنت تدرك مدى صعوبة ذلك بالنسبة للناس.

كما لاحظ الفريق أن فهم الاستعداد للقتال والموت بين هؤلاء الأفراد يمكن أن يكون له قيمة فى مناهضة لداعش، بما فى ذلك استكشاف سبل لاستخلاص التزام أعمق بقيم مثل الديمقراطية والحرية والاستعداد للتضحية من أجلها.

وقال ديفيد: إن من يختار الجهاد، يفسر كلمة دين على أنها ديْن يجب إيفاؤه لله، وبذلك يكون انخراطهم بالجهاد مبررًا أكثر، يتحول بذلك العداء الداخلى الذى يسيطر على الفرد إلى عداء خارجى يشعرهم بقدرتهم على السيطرة على الأحداث وحتى تحديد مصائر الناس خلال الهجمات، لأن حياة الضحايا تصبح بين أيديهم.

وأوضح الباحث أن المنضم للإسلام حديثًا يحاول إثبات التزامه وتدينه أكثر من غيره بسبب الضغط الذى يشعر به كونه "حضر متأخرًا لاستكشاف الإسلام"، ففى شهادات لأشخاص كانوا مقربين من جهاديين، أكدوا أن التحول حصل بشكل جذرى: شخص غير مؤمن ومتدين تحول بين ليلة وضحاها إلى شاب متمسك بالإسلام، يحاول جاهدًا أن يثبت جديته والتزامه.

وبالفعل، البعض ينجح بإتمام عمليته الإرهابية كاملة بسبب إصراره على الوصول إلى "الحقيقة المطلقة"، إذ يصبح الموت مجرد حقبة يمر بها جسده، والبعض الآخر يفيق فى آخر لحظة

وأكدت أنه بذريعة حماية الإسلام تحت هذا الشعار، يتم تصميم عقل الانتحارى المستقبلى، ويكفى أن تجتمع تلك الأسباب مع شعور الفرد بالذنب والعجز، مع وعود متكررة بآخرة وجنة ومكافآت نقية، ليجد الشاب نفسه مقتنعًا ومتمسكًا بضرورة خدمة القضية ونصرة الإسلام، كل تلك العوامل مجتمعة، تؤدى إلى إقناع الانتحارى بأهمية مهمته وضرورة إكمالها.

كما لفتت أيضًا أن الدعاية المستمرة التى يقوم بها تنظيم داعش، والتى قد يسخر منها البعض لا بد أن لها تأثيرًا على الشباب، فالإنتاجات البصرية الضخمة، بالإضافة إلى الموسيقى الترويجية والأناشيد الجهادية تلعب دورًا مهمًا فى استقطاب الشباب.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً