اعلان

"يا نعناع مين يشتريك وَيَا يتيم مين يحس بيك".. "أم محمد" اشترت ابن أختها فهجرها زوجها بخمس بنات

كتب : نجوى قطب

"يا نعناع يا ريحة الجنة مين يشتريك".. نداء سيدة في مقتبل العقد الخامس من عمرها، أجبرتها الظروف المعيشية والاجتماعية على بيع النعناع في مترو الأنفاق من أجل كسب الرزق لبناتها بعدما تمزقت روحها بين الفقر وقلة الحيلة وأنين أطفالها المتلهفين أملًا في رجوعها كل يوم حاملة لهم الطعام.

فإذا كنت من مرتادي المترو فحتمًا قابلت "أم محمد"، السيدة التي تجلس بإحدى زوايا عربة المترو لتلتقط أنفاسها حاملة شوال النعناع، وتتذكر بناتها الخمس وابن أختها بعدما أغلقت عليهم الباب منذ الصباح دون طعام، لتستجمع قواها وتنادي بأعلى الصوت عسى أن تجد لبضاعتها البسيطة مشترٍ.في خط "المنيب- شبرا" وتحديدًا في محطة الجيزة، التقت "أهل مصر" السيدة التي انتبه لحديثها الكثيرون من رواد المترو، فمن المعتاد أن تجد بائعًا للمناديل أو الحلوى أو متسولًا، لكن رائحة النعناع تجذب كل من تمر بجواره "أم محمد".وقالت لـ "أهل مصر"، إنها أم لخمس بنات، أكبرهن 13 سنة، تركها زوجها بعد أن خيرها ما بين بيتها والإصرار على كفالة ابن شقيقتها التي توفت وقت ولادته، والتي لم يمهلها القدر لتربيته، فتموت إثر خطأ طبي أثناء عملية الولادة وسافر أبوه للخارج، فتختار "أم محمد" ابن أختها التي تفضل أن يناديها جيرانها باسمه "محمد"، فتقول: "اليتيم دا يروح فين بعد ما أمه ماتت وأبوه اتجوز وساب البلد".تحكي "أم محمد" عن يومها وعينيها تملأهما الدموع: "بعد أن هجرني زوجي وترك لي مسئولية تربية 6 أطفال، "مستنتش كتير قدام جوع ولادي، فالهمني صاحب الأقدار بفكرة أن أبيع نعناع داخل المترو".اعتادت "أم محمد" في كل صباح أن تذهب إلى السوق القريب من منزلها، لتبدأ نشاطها اليومي لشراء النعناع، ثم بعدها تتجه نحو المترو حامله في يدها شوال النعناع، ولكن مع كل مرة تقترب فيها من المترو، تفكر كيف تتخلص من الاستصدام اليومي مع أمن المترو الذي يمعنها من دخول المترو رافضين دخول الشوال، فتقول: "وبعد ما أتحايل عليهم، وأنا بعيط، بيدخلوني"، أو من أحد المارين يقوم بدفع الغرامة 30 جنيهًا، لطفًا بحالي، ثم تدخل بعد ذلك عربات المترو وتبدأ عملها.المرأة الخمسينية تستكمل حديثها عن حركة البيع والشراء التي تقوم بها داخل عربات مترو الخط الثاني "شبرا – المنيب": "النعناع مفيهوش مكسب ولكنه يساعد على توفير بعض من قوت يومي، وبالإضافة لأن هناك من يرفض من الزبائن أخذ ثمن "حزمة" عطفًا منهم بحالي.وبصوت مبحوح تكمل السيدة التي رسم الزمن خيوطًا من الحزن على وجهها، أنين صراعها: في كل عيد أنتظر من يدق عليّ بابي ويعطيني من فضل الله عليه، كيسًا من اللحمة أو فلوس استطيع أن أسعد بها أولادي كباقي أطفال الحارة، وكل أملي في تلك الحياة أن يكون لدي ثلاجة توفر لي ولأولادي مياه "ساقعة"، وبتوجاز صغير يرحمني من البتوجاز الغاز الذي كاد أن يقتلني أنا وأطفالي قبل ذلك أكثر من مرة.وتختتم "أم محمد" حديثها، "كل اللي بتمناه في حياتي هو أن بناتي يتستروا ويتجوزوا جدعان يعرفوا يوفروا ليهم حياة كويسة وما يشوفوش اللي أنا شوفته مع أبوهم".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً