اعلان

خلف أسوار "أرامكو".. الممنوع مباح في "معسكر الظهران" كاليفورنيا الجديدة علي أرض السعودية

كتب : سها صلاح

هذه المرأة الشقراء التي تقف بتنورتها القصيرة منتظرة الحافلة، والأخرى التي تقود السيارة بكل راحة بين الطرقات، وتلك الأنوار والزينات المنتشرة في الأرجاء استعداداً للاحتفال بـ"الكريسماس"، بالإضافة عن الخمور المتاحة بسهولة، كل هذا ليس في كاليفورنيا، وإنما في السعودية.

بالطبع قد يثير الأمر استغرابك للوهلة الأولى، حيث الواقع خارج أسوار ذلك المجمع السكني المحاط بسور مرتفع يختلف تماماً عن الواقع داخله، فمجمع أرامكو المقام بالقرب من أكبر احتياطي للنفط في العالم، في المنطقة الشرقية بالسعودية، لا يعد مدينة سعودية عادية.

في الواقع، إنها نسخة طبق الأصل من التجمعات السكانية الراقية في كاليفورنيا، بما في ذلك طريقة الحياة هناك.

وفي الوقت الذي يجب على سكان السعودية الالتزام بالقواعد التي تحظر شرب الكحول والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة ودور السينما والمهرجانات عدا العيدين، فإن الحياة داخل مجمع أرامكو -والمعروف باسم معسكر الظهران بأكملها أمريكية.

يعيش السكان موظفو شركة أرامكو السعودية أكبر شركة بترول في العالم، والمعروفة رسمياً باسم شركة النفط السعودية وأسرهم في مكان به سينما تعرض أحدث أفلام هوليوود، إلى جانب أضواء عيد الميلاد وتزيين الأحياء، في ديسمبر من كل عام.

ورغم أن هذا الأمر معروف عن مجمعات المغتربين العاملين في صناعة النفط بالسعودية، لا يزال معسكر الظهران الذي يبلغ طوله 58 كيلومتراً يُشكل لغزاً حتى بالنسبة للمقيمين في البلاد.

لكن نظرة فاحصة على الحياة في هذه القاعدة السرية أصبحت ممكنة الآن بفضل عمل المصورة الأميركية الباكستانية عائشة مالك.

وأضافت هذه المدينة الأميركية التي بُنِيت في السعودية قد حددت فهمي للعالم من خلال مصفاتها ذات الألوان الوردية المتربة، والناس البسطاء بشكل استثنائي، والمناظر الطبيعية المميزة.

وتقول عائشة مالك التي تتنقل الآن بين السعودية وامريكا "يبدو الأمر عادياً للوهلة الأولى. ومع ذلك، فإن مجموعة الظروف الواضحة جداً لهذا المكان تجعله مختلفاً عن أي ظروف أخرى".

ونظراً لأن عائشة نشأت داخل المجمع، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسعودية، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين الحياة داخل جدران المعسكر وخارجها، فإنها ترفض رؤية بقية البلاد من منظور مبسط.

وتقول عائشة حول مقارنة الحياة داخل وخارج الظهران: "هناك اختلافات واضحة: في المعسكر، لا يتعين على النساء ارتداء العباءة، ويمكن للمرأة أن تقود السيارة".

وتضيف "ما زلت أجد الأمر قاسياً عندما يصطدم الناس بهذه الحقيقة ويعتبرونها تبايناً كبيراً مع بقية الأنحاء في السعودية، لأن النساء في السعودية أكبر بكثير من لبس العباءة أو قيادة السيارة".

بلدة لكل الجنسيات

تجدر الإشارة إلى أن شركة أرامكو السعودية كانت تُعرف باسم شركة النفط العربية الأميركية، قبل تسميتها بشركة النفط العربية السعودية.

وتأسست أرامكو في عام 1933، بعد عام واحد من توحيد السعودية، وكان ذلك نتيجة للتعاون بين المملكة العربية السعودية وشركة كاليفورنيا ستاندرد أويل.

وتعد الشركة أكبر بكثير من كونها عملاق للنفط، فهي تمثل الحلم السعودي لتأمين مستقبل أفضل للبلاد، فضلاً عن أحلام الأميركيين الذين هاجروا هناك فراراً من الكساد العظيم من أجل حياة أفضل لأسرهم.

وأنشئ هذا المعسكر، الذي بُني للأجانب في وقت كانت تفتقر فيه السعودية تقريباً إلى أي بنية تحتية، ليشبه بلدة أميركية، حيث المدارس، والملاعب الرياضية، والمرافق والقواعد.

وتقول عائشة، التي على الرغم من مواجهتها لحوادث العنصرية في المعسكر، إلا أنها تصر على أن هذا الأمر "مرفوض" هناك "نحن جميعاً نعرف أن آباءنا عملوا في الشركة نفسها، وأعتقد أن هذا وحده خلق الشعور المشترك بيننا".

وتضيف: "الظهران هي رؤية مصغرة لأميركا، حيث الشوارع مشتركة بين الجنسيات والأديان والثقافات فهم ليسوا في صراع أو تضاد، بل فقط مختلفون".

حنين للمعسكر

وبما أن معسكر الظهران مخصص للعاملين فقط، فعند التقاعد، يُطلب من السكان الخروج من المجمع، وترك سنوات من الذكريات وراءهم.

إن حنين عائشة للفترة التي قضتها هناك واضحٌ في الكتاب، والذي يتضمن لقطات من الماضي مثل دليل الهاتف المنزلي القديم، وصور من حفلة المدرسة، وصور لصبيان الكشافة في المعسكر، ومقتطفات مجلة من عصر كان بسيطاً.

وتقول عائشة "هناك ثبات لوتيرة الحياة هناك، لقد خضعت بعض الحانات القديمة والمباني للتجديد، مثل مسرح السينما منذ بضع سنوات".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً