اعلان

القومسيون الطبى بأسيوط.. رحلة سحل المرضى (تقرير)

على الرغم من النوايا الصادقة للرئيس عبدالفتاح السيسي، وانحيازه للفقراء في مختلف الملفات إلا أن الواقع على الأرض يبدو مختلفاً لحد بعيد، حيث مازال الفقراء يخوضون صراعاً وجودياً أملاً في الحصول على حقهم المشروع سواء بالنسبة للحق في العمل أو المسكن أو العلاج.

وتعد أزمة المرضى من الفقراء في مصر هى حجر الزاوية بالنسبة للحكومات المتعاقبة، التي ظلت تتحدث عن دعمها لملف الصحة وتطوير المستشفيات الحكومية، وكل هذا فى ظل زيادة الميزانية الخاصة بالتأمين الصحي الى 2.5 مليار جنيه، وذلك لرفع مستوى الخدمة الصحية وتحديث أجهزتها الطبية، بالاضافة الى تمكين هيئة التأمين من زيادة قيمة تعاقداتها مع المستشفيات التي تقدم الخدمة الصحية لمرضى التأمين، الا أننا نرى حالة كبيرة من التردي في الخدمات المقدمة للمرضى الذين لا يشعرون بأي تطور في الخدمة.

يعانى الأسايطة داخل اللجنة الطبية العامة بأسيوط أو كما يطلق عليها "القومسيون الطبي" تلك الخدمة التي يتقدم لها يوميا نحو 1000 مريض داخل مكان ضيق يشبه علبة "السردين"، يشكو المرضى من الزحام الشديد والانتظار الطويل بسبب قلة عدد الأطباء واعتذار أغلبهم عن عدم الحضور، بينما تمثل لهم معاناة اصحاب المرض آخر اولوياتهم.

أحمد عبدالـله، من مركز الفتح، يسرد معاناته مع القومسيون الطبي قائلا إنه ذهب إلى اللجنة الطبية لأول مرة، لكن وجد زحاما شديدا، ولم يجد مكانا للانتظار فجلس على سلالم اللجنة ساعات طويلة لإجراء كشف طبي من أجل الحصول على معاش الضمان الاجتماعي الخاص بوالده المتوفى.

في المقابل، جلس عيد سيد سويفى، يصارع آلامه، لم يستطع كبح دموعه وقال «بالرغم من مرضي الذى اصرف عليه كل دخلي، وبالرغم من التقارير التى حصلت عليها تصف حالتى التى تستحق نسبة عجز ظلمنى القومسيون الطبى بأسيوط لاننى ليس لدى واسطة».

ولفت سويفي الى أن هناك آخرين لا يعانون مما يعانيه من مرض حصلوا على نسبة عجز من القومسيون الطبي لأن لهم ظهرا حسب وصفه.

«حسبى الله ونعم الوكيل»، جملة انهى بها مريض ساعات انتظاره داخل القومسيون دون جدوى ليرحل محملا بالغضب على أمل أن يجد مكانا في صباح الغد، وأضاف «ذهبت لعمل تحاليل للمرة الثالثه لأمى بالقومسيون الطبى بشارع النميس وأجلس من الساعة 8 حتى 12 بدون عمل التحاليل بحجة انقطاع التيار بشقة المعمل والموظف لم يشحن كارت الكهرباء، بينما يطلب أطباء القومسيون روشتات كشف خارجية بعيادتهم الخاصة لاعتماد الإجازة والمريض الفقير ومايقدرش يكشف لا تعتمد له الإجازة»، وفق تأكيده.

ويضيف سيد عبدالنبى، أنه جاء من البدارى لتوقيع الكشف الطبي على أخيه المصاب بمرض ذهنى ونفسى، ويتردد على اللجنة الطبية كل 14 يوما من أجل اعادة التوقيع الطبي، لرفض الأطباء منحه اجازة مرضية شهرين كاملين، وذلك على الرغم من عرضه على أطباء مختصين نصحوا بعدم تعريضه للإرهاق أو المجهود الشاق، وهو أمر يتكبده أثناء تعاقب الزيارات على اللجنة الطبية للحصول على اجازته.

وتقول إحدى الأمهات «ابنى أصيب بحادث سيارة تسببت بعاهة مستديمة فذهبت للحصول على معاش فلابد من الكشف الطبى عليه ومعاناة التحرك به بكرسى متحرك وعدم تقديرالموظفين والمعاملة غير الآدمية والروتين والأوراق والاختام الذي لا يرحم مريضا».

الأم أضافت شاكية «الأطباء ليس لديهم وقت كاف للاستماع للمريض أو توقيع الكشف عليه وانما يوقعون على الأوراق فقط على حسب حالتهم المزاجية».

ويشير أحد الموظفين الى أنه جاء لاستخراج بطاقة التأمين الصحي « لي 3 أيام رايح جاي على اللجنة التي تقوم بإرساله لعدة جهات وطلب اجازات إضافية من العمل».

أحد المسئولين داخل اللجنة الطبية اعترف بوجود بعض المشكلات داخل القومسيون الطبي «لا ننكرها وهى ضيق المكان لاستيعاب كل هذا الكم من المواطنين وعدم وجود أجهزة حاسب غير واحد فقط وغير كاف لتسهيل خدمة المواطنين بشكل سريع وتردد أكثر من مرة بنقل اللجنة الطبية وتحويل تلك الشقق إلى مخازن".

وأضاف «نعانى من كثرة الخطابات الواردة من جهات العمل، التي تأتي من مصدرين، البريد، والمواطن نفسه، ويتسبب ذلك في مشكلات والأهم بالنسبة لنا مراعاة الحالة المرضية للمواطن حتى إذا كان في ذلك ضرر له».

من جهتها، أكدت الدكتورة وفاء أبوالحمد، مدير إدارة اللجان الطبية، أن اللجنة الطبية العامة تتفرع منها 11 لجنة فرعية، وهم لجنة تقرير الحالة ولجنة الضمان الاجتماعي ولجنة الاجازات ولجنة دخول الخدمة ولجنة العمل المخفف ولجنة العجز ولجنة الطلاب ولجنة تأهيل المعاقين ولجنة التكسب ولجنة تطبيق أجر كامل، مضيفة أن عدد المترددين يوميا على اللجنة يكون ما بين 1500 و2000 حالة، الأمر الذي لا يتناسب مع عدد الأطباء الموجودين باللجنة، مشيرة الى أن لجنة الضمان الاجتماعي وحدها يقبل عليها يوميا ما بين 250 و300 مواطن، ولجنة دخول الخدمة معدلها 100 مواطن يوميا، ولجنة الاجازات 100 مواطن يوميا.

وتشير أبوالحمد، إلى احتياج اللجنة لبعض الأجهزة الطبية مثل جهاز أشعة تلفزيونية، وجهاز رسم قلب، إضافة إلى القيام بعملية إحلال وتجديد لأجهزة المعمل، وأن أهم مشكلة تواجهها اللجنة الطبية العامة هي ضيق المكان الذي لا يتسع لهذا الكم الهائل من المواطنين.

وعقبت الدكتورة سهير أبوبكر، المشرف العام على اللجان الطبية، أن مشكلة الازدحام سببها السعي للحصول على معاش الضمان الاجتماعي، وأن المواطنين يأتون لتوقيع الكشف الطبي عليهم أولا، ثم بعد ذلك تقوم هيئة الضمان الاجتماعي بعمل بحث حالة وقد يحصل على معاش الضمان الاجتماعي أو لا يحصل، وفي حالة عدم حصوله على المعاش يكون بذلك قد أجهد نفسه وأضاع وقته دون جدوى مستهلكا جهده.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً