اعلان

في الذكرى 72 على إنشاء صندوق النقد الدولي.. "إذا دخل قرية أفسدها وجعل أعزة أهلها أذلة"

72 سنة مرت على إنشاء صندوق النقد الدولي فى ٢٧ ديسمبر ١٩٤٥ سعيا لبناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقرارا، ولكن هناك نجاحات وإخفاقات حققها الصندوق، وهناك دول رفعت شعار " رجال النقد الدولي إذا دخلوا قرية أفسدوها"، حيث يرى البعض أنها مؤسسة تلحق الضرر بالفقراء والنساء والاستقرار الاقتصادي والبيئة، محملين الصندوق مسئولية إحداث الأزمات الاقتصادية.

لجأت كثير من الدول إلى صندوق النقد الدولي في محاولة منها لإنقاذ اقتصادها، وغالبًا ما تسير خطوات الدول في طريقين، إما عن طريق وضع خطة لسداد القرض بدون أن تتحول إلى الرأسمالية، وإلغاء الدعم عن المواطن، والطريق الثاني هو إنهاك اقتصاد الدولة بالكامل، وعدم قدرتها على سداد القرض، وبالتالي تضطر إلى الاستسلام لفرض شروط جديدة من جانب الصندوق.

وتخضع قروض الصندوق لمجموعة من الاشتراطات تهدف لربط اتمام التحويلات المالية بقيام الدول بتنفيذ سياسات، تضمن للدولة المقترضة استمرار الحصول على التمويل.

ونجحت مصر من خلال مفاوضتها مع الصندوق في الحصول على قرض بقيمة بلغت نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وفي المقابل يتم الالتزام بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي محدد بفترة زمنية، حتى يتم سداد القرض، وفي نفس الوقت اتفقت أيضًا كل من المغرب والعراق، على الحصول على قروض من الصندوق، كما خلصت دول الخليج إلى تنفيذ توصيات النقد الدولي، للخروج من أزمة هبوط أسعار النفط، فيما تواصل السودان مباحثاتها دون التوصل لاتفاق.

من جانبه، قال نادي عزام الخبير الاقتصادى إن الصندوق هو أحد أهم مؤسسة تمويل دولية لافتا إلى أنه بالرغم التدخل الأمريكي في مسار وسياسة الصندوق باعتبارها أكبر الدول مساهمة فيه إلا أنه ساهم بشكل كبير في مساندة كثير الدول في تنفيذ خطط التنمية وبرامج الاصلاح الاقتصادي حيث أنها مؤسسة تمويل تعمل بحرفية وتخصيصيه عالية.

وأكد "عزام" في تصريحات خاصة لـ" أهل مصر" أن تضرر بعض الدول من قرض الصندوق  يرجع إلى سياسة الصندوق التي تهدف إلى تحول الاقتصاديات إلى النظام الرأسمالي الحر لافتا إلى أن السبب فى الفشل هو تضرر الشعوب الفقيرة منه.

بدوره، قالت عصمت ياسين المدير التنفيذي بـ "قطاع تدريب المجلس الاقتصادي - المجموعة الإفريقية"، إن صندوق النقد الدولي يقوم بالعمل على ثلاث محاور من أجل إنعاش النمو الاقتصادى المحلي والذى يعود بالنفع على الاقتصاد الكلي الدولي، لافتا إلى أن أول محور هو السياسة النقدية داخل البنوك المركزية فى قراءة الخطط المستقبلية والاشادة بما يضمن استقرار أسعار الصرف لاستمرار التجارة الدولية.

وأشارت " ياسين" إلى أن المحور الثاني هو السياسة المالية العامة والتى تهدف لتحسين الموازنة العامة لكل دولة من نشاط الوعاء الضريبي واستخدامه بشكل منطقي مع مواكبة دولية لأنواع الضرائب المفروضة ومساعدته لإدخال الاقتصاد الموازي داخل الاقتصاد الرسمي والاستفادة القصوى من المنتجات المالية البنكية والتخفيف من استخدام اوراق البنكنوت والتعامل الالكترونى بشكل أفضل مع الاستفادة من القروض والمنح.

وأوضحت أن المحور الثالث يتضمن وضع المواطن الفرد الذى يتأذى من القرارت الاقتصادية المباشرة، لافتة إلى أن فكرة شبكة الحماية الاجتماعية التى تسعى مصر على العمل عليها من السبعيانات أصبحت ضرورة قصوى مع تخطى معدل محدودي الدخل ومعدومي الدخل الخطوط الحمراء وأصبح من الضروري وجود آلية للوصول إليهم وتقديم المساعدات اللازمة.

أولًا: التجارب الفاشلة

- البرازيل

مع بداية الثمانينيات، اقترضت البرازيل من صندوق النقد الدولى، وقامت بتنفيذ شروطه من أجل الوصول إلى حل لأزمتها الاقتصادية.

وبدأت الحكومة البرازلية في تسريح ملايين العمال، وخفضت أجور الآخرين لعلاج التضخم المالي، كما قامت بإلغاء التغذية المدرسية للطلاب، وسمحت لدول أخرى بالتدخل في سيادتها مقابل المبالغ المدفوعة كقروض، كما فرض البنك الدولي على الدستور البرازيلي مجموعة من المواد تسببت في إشعال الاحتجاجات الأهلية.

وفي منتصف التسعينات، تمكنت البرازيل من سداد القروض بالكامل، غير أنها لم تنج من آثاره الجانبية، حيث ظل نحو 20% فقط من البرازيليين يمتلكون نحو 80% من أصول الممتلكات، ونحو 1% فقط يحصلون على نصف الدخل القومي، مما أدى إلى هبوط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، نتيجة أن نصف الشعب أصبح يتقاضى أقل من نحو 80 دولارًا شهريًا، وهو الأمر الذي دفع البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار للخروج من الأزمة، واستمرت البلد في حالة سداد.

- اليونان

عقب انضمام اليونان لمنطقة اليورو، بدأت مؤسسات التمويل الدولية في إقراضها لدفع النمو بها، حيث اقترضت بمعدلات فائدة كانت منخفضة نسبيًا، ولكن لم يكن الوضع قابلًا للاستدامة، حيث استمرت نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع حتى تفاقمت بشكل واضح الأزمة الاقتصادية في اليونان عام 2009.

وفي نفس العام، تدخل صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، ليقرض اليونان بمبلغ بلغ نحو 110 مليار يورو لإنقاذها من الإفلاس، ولكن بشرط اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية تتلخص في تحقيق فائض الإيرادات عن النفقات، مخصوم منها الفوائد المستحقة على الديون.

وفشلت اليونان في سداد مديوناتها، ومع نسبة ديون للناتج وصل إلى نحو 175% خلال عام 2015، كما ارتفعت معدلات بطالة إلى أكثر من نحو 25%، مما أدى إلى اندلاع عدة مظاهرات يوميًا للطبقة المتوسطة والفقيرة للحد من إجراءات الصندوق، ثم تحولت أزمة اليونان من أزمة اقتصادية إلى أزمة سياسية اجتماعية، وباعتراف المسؤولين في صندوق النقد الدولى، وضعت اليونان نهاية لنظرية التقشف كوسيلة لسداد الديون.

وفي يوليو من عام 2015، أعلن صندوق النقد، أن اليونان عجزت عن سداد ديونها للصندوق، ولم تتمكن من دفع نحو 1.5 مليار يورو كانت مستحقة عليها في ذلك الوقت، لتصبح أول دولة متطورة تراكم مبالغ متأخرة ولم تعد قادرة على الاستفادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية.

-غانا

في عام 2002 قامت غانا برفع التعريفة الجمركية على الواردات من السلع الغذائية، وفقًا لشروط صندوق النقد الدولي، ليتم إغراق أسواقها بالمنتجات الأوروبية، مما تسبب ذلك في ضرر بالغ للمزارعين، خاصة وأن أسعار الواردات كانت أقل من ثلث السعر المحلي، ولكن البنك والصندوق لم يستطيعا أن يفرضا على المجموعة الأوروبية تقليل الدعم لمنتجاتها الزراعية التى تصدرها للعالم الخارجي بأسعار منخفضة.

-زامبيا

خلال نفس الفترة من عام 2002، قامت زامبيا أيضًا وفقًا لشروط صندوق النقد الدولي، برفع التعريفة الجمركية على وارداتها من الملابس، وتسبب ذلك القرار في خسائر فادحة لأكثر من نحو 140 شركة محلية للملابس، أدى إلى إفلاسها، ولم يتبق من هذه الشركات المحلية سوى 8 شركات فقط، ولم تستطيع هذه الشركات المنافسة وتصدير منتجاتها إلى سوق المجموعة الأوروبية أو الولايات المتحدة، بسبب التعريفة الجمركية التي تفرضها هذه الدول على وارداتها من الدول النامية.

التجارب الناجحة

- تركيا

في عام 2002 شهدت تركيا أزمة اقتصادية حادة سبقتها أوضاع مالية سيئة على مدار عدة سنوات كانت أهم مظاهرها انخفاض معدل النمو وزيادة معدلات التضخم وارتفاع عجز الموازنة، بالإضافة إلى تراجع أداء القطاعات الاقتصادية وتراجع الاستثمارات وانخفاض الاحتياطى الأجنبي وارتفاع معدلات البطالة.

ولجأت الحكومة التركية في محاولة منها لعلاج الأزمة الاقتصادية، إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، والذي بدوره فرض عليها مجموعة من الشروط الصعبة، تضمنت إجراء إصلاحات اقتصادية عديدة، منها تشجيع ودعم أنشطة الأعمال وتحريرها من القيود القانونية، وخلق مناخ استثمارى أكثر جذبًا وإسراع عملية خصخصة القطاع العام، وكذلك تخفيض سعر صرف الليرة، والتخلي عن نظام سعر الصرف المرن، وإجبار الحكومة على تطبيق نظام سعر صرف مرتبط بالدولار.

وعقب عدة مفاوضات مع صندوق النقد، بدأت تقل الشروط، وفي هذا التوقيت تبنت الحكومة التركية برنامجًا متكاملًا للإصلاح الاقتصادي تناسب مع ظروف تركيا وطبيعتها.

وفي عام 2015، نجحت تركيا في بتسديد كافة ديونها من صندوق النقد الدولي.

- ماليزيا

تعتبر ماليزيا من أكثر التجارب نجاحًا واستفادة من قرض صندوق النقد الدولي، حيث قامت الحكومة الماليزية بتطبيق مجموعة من السياسات الهامة مكنتها من تسديد القرض.

وفرض صندوق النقد مجموعة من الشروط على ماليزيا مثل (تخفيض قيمة العملة، وتحقيق فائض في الموازنة العامة للدولة، والسماح بإفلاس الشركات، ورفع أسعار الفائدة)، ولكن الحكومة رفضت وتمكنت من إعادة هيكلة الديون.

- إندونيسيا

نجحت إندونيسيا أيضًا في الاستفادة من قرض صندوق النقد، وخلال سنوات قليلة انتعش اقتصادها مرة أخرى، وتمكنت من تسديد كافة الديون من المؤسسات الدولية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً