اعلان
اعلان

العم "عبد المنعم ".. من أخصائى بصريات لـ"سائق توك توك" بروض الفرج

كتب : عزة صقر

يجلس بوجه يعانقه الألم، تدور الأفكار برأسه ويدور حولها، يراوده تارة الحديث ويخيم عليه الحديث تارة أخرى، يتحدث بحرفِ واحد ويعم الصمت بالمكان، فيلتقط السيجارة فى فمه حتى تنتهى وتصير بحجم عُقلة الإصبع ويُشعل غيرها واحدة تلو الأخرى تلو الأخرى وكإنه يحرق أفكارة وليس عُقب سيجارة.

الدكتور عبد المنعم – كما يقول- أخصائى بصريات، يبلغ من العُمر ستون عامًا، كان يملك ثلاث محلات نظارات طبية، ويُكمل والابتسامة تنبثر بوجهه:" كنت قاعد بإمبابة أنا وأسرتى، وكنت بشتغل ب3 محلات نظارات بإمبابة، ودى مهنتى من زمن والناس كلها عارفانى".

يُحاول أن يستجمع قواه ويكمل ولكنه يخيم عليه الصمت من جديد، ويعاود الحديث " فى الفترة الأخيرة محل النظارات مكنش بيشتغل وممكن أقعد بالأسبوع ملاقيش مصاريف لعيالى ويتى، مبقتش عارف أعمل إيه، عيالى بيكبروا ومصاريهم تقلت عليا لوحدى"

بعد الإنتهاء من عمله، يجلس "عبدالمنعم" على القهوة مع رفاقه، يتسامرون حول أمورهم وأحوالهم ويتشاركون مشاكلهم ومن ثَم كل منهم يرحل لى بيته، رُبما لم يجد حلًا لأى منهم ولكن تشاركوا بتوزيع ثقلها على أكتافهم فتصبح أخف ثقلًا

يُعاود الحاج "عبد المنعم " الحديث:" حد من صحاب القهوة دلنى على فكرة اشتغل على توك توك وهى بتكسب وفعلًا عقلى بدا يودى وجيب والعمل إيه مبقتش عارف أى حاجة راسى وقفت عن التفكير".

تناقضات مُبهمة التفسير تضرب برأس "عبدالمنعم" فكيف يصبح سائق توك وك بعدما كان يسير وسط الطرقات فى محيط بيته يتباهى بمنادة اصدقائه وجيرانة بـ"دكتور عبدالمنعم"، فكيف يصبح سائق لـ"توك توك" تلك الوسيلة التى كان يرمقها بسخرية واشمئزاز عندما تقع إثر نظرة، وكيف سينظر له الناس؟ وابناءه؟ ألاف الأفكار كانت ترتطم بعقلة حتى يكاد تفقده صوابة.

واستكمل" بعد تفكير قولت خلاص هركبه وأهو يسد مصاريف العيال بعد ما أخلص شغل المحل، وأخرج عليه من 12 بليل لحد الساعة 5 الصبح وعلى الاقل مش هيركب معايا حد يعرفنى زى الصنايعية والعمال".

بالفعل بأول ليلة خرج فيها "الدكتور" على التوك تك كان يلتفت حولة وكإنه لصًا يخشى السقوط بفخ الشرطة، يسير سريعًا بالتوك توك عند رؤية شخصًا يعرفه، ومن ثم يحاول أن يبطئ سرعته لمحاولة اجتذاب زبون.

الخوف كان يحاوط عقلة وقلبة: ماذا لو رأوا الدكتور سائق توك توك؟ من سيأتى لوضع مقياس لنظرة فى المحل ؟ من سيثق به بعدما يروه يجلس داخل العربة الصغيرة ويلفُ بها بين الحارات.

وتابع:" خلاص مبقتش قادر أوفق بين المحل والتوك توك وبيعت التوك توك وجيبت واحد قسط وقفلت محل النضارات خالص، بدأت اشتغل واجيب تانى وفضلت اشتغل سنة و3 شهور وبقا يطلعلى فلوس".

فبدأت أفكر أجيب أكتر من واحد حسيت دخله كويس وبدأ إبنى "على" يبدل معايا عليه فى فترة كان عندى مجموعه تكاتك وبدأوا يتسرقوا منى يتنصب عليا مرة فى مرة، لحد ما بقيت مديون وعارف إنى هموت وأنا مديون".

واختتم حديثه:" أنا حسيت إن ربنا بيعاقبنى لإن ربنا لما بيرفع من درجتك وإنت تيجى تنزلها تبقى تستاهل، وأنا حاليًا سيبت امبابة وعشت بسته أكتوبر، وبشتغل على توك توك بروض الفرج كل يوم بخرج من خمسة الصبح ببقى وأروح 8 بليل وربنا بيرزق وبيوسع".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً