اعلان

الإهمال يقتل "الأمير طوسون" في الإسكندرية.. التحفة الأثرية تتحول لجراجات ومغاسل للسيارات ومأوى للبلطجية.. والآثار: لا نعلم عنه شيئا (صور)

جريمة مكتملة الأركان، مذبحة جديدة للمباني الأثرية بعروس البحر المتوسط، فعلي كورنيش المحمودية وتحديدا في منطقة «غيط الصعيد»، حيث يوجد قصر الأمير طوسون زوج ابنة الخديو إسماعيل، تحول القصر الفريد في جماله وروعته إلى خرابة بمعنى الكلمة، والتهمه سرطان الإهمال ومافيا التعديات.

زارت «أهل مصر» القصر الذي يعد جزءا من تاريخ الإسكندرية القديمة، الذي أصبح الآن مخزنا للكتب والهالك، وضربته يد الإهمال، وتقلصت مساحته التي كانت تبلغ نحو 7 آلاف متر، وذلك نتيجة التعديات الصارخة والمستمرة علي أرض القصر دون رادع‏، حيث استحوذ عدد من أهالي المنطقة علي أجزاء منه بـ«وضع اليد» وتحويلها إلى مغاسل سيارات ومحال ومخازن، فيما استغلت وزارة التربية والتعليم جزءا كبيرا منه كمخزن للكتب القديمة والأثاثات المُستهلكة من المدارس، بالإضافة إلى الكتب الخاصة بإدارتي شرق ووسط التعليمية‏، وما تبقي من مبني القصر تحول إلي وكر لتعاطي المخدرات ومأوي للبلطجية والخارجين عن القانون، وسط غياب تام للأجهزة المعنية بالمحافظة.

- واجهة مصغرة لقصر فرساي بباريس

الأمير طوسون هو أحد الأمراء خلال فترة حكم أسرة محمد علي وكان متزوجا من «فاطمة هانم» ابنة الخديو إسماعيل وكان مولعا بالتاريخ وله العديد من المؤلفات التاريخية‏، ويمثل القصر طرازا فريدا للعمارة خاصة عمارة قصور الأمراء أثناء حكم أسرة محمد علي وهو يعتبر بمثابة فصل تاريخي هام للإسكندرية القديمة‏، وتعد الواجهة الأمامية له صورة مصغرة من واجهة قصر فرساي بباريس‏،‏ وكان القصر يمتاز بالحدائق الغناء به بحيرة تضم أندر أنواع الأسماك الملونة والنباتات المائية‏.‏

- استغاثات الأهالي

فيما استغاث العديد من سكان المنطقة بسبب إهمال القصر وتحول أحد المباني التابعة له إلي مقلب للقمامة والتي تتسبب في انتشار التعابين والقوارض والروائح الكريهة التي تعرضهم للإصابة بالأمراض الخطرة، فضلا عن انهيار أجزاء منه وقد ينهار بالكامل في أي لحظة، كما أن تراكم أكوام القمامة تسببت في اشتعال النيران في المبني عدة مرات وتم السيطرة عليها من قبل قوات الحماية المدنية.

-مخزن للكتب

قال أحد عمال المخازن المتواجدة بالقصر، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إن وزارة التربية والتعليم قد استغلت جزءا كبيرا من القصر في تحويله لمخزن للكتب، حيث تم تحويل جزء مخزنا لكتب إدارتي وسط وشرق التعليمية، كما تم تحويل جزء آخر كمخازن مركزية تابعة لمديرية التربية والتعليم، مشيرا إلي أن مبني مخازن كتب إدارتي وسط وشرق بالقصر كان عبارة عن مطابخ واسطبل للخيل في عهد الأمير طوسون، أما المقر الرئيسي للقصر فهو مبني مخازن الكتب المركزية وكذلك المساكن المجاورة له.

- تعرضه للانهيار

أضاف أن المنطقة تسمي "مساكن إيواء شارع الشهيدة أم صابر" وتضم العديد من المواطنين المتوافدين من مختلف أنحاء المحافظة ليس لديهم معيشة منتظمة وتنتشر فيها أعمال البلطجة، ويتم القاء القمامة والمواد المشتعلة بشكل مستمر علي مبني القصر المتهالك التابع لمخازن إدارتي وسط وشرق التعليمية، ولا يدركون خطورة المكان وما يحويه من كتب وأوراق داخل المخازن.

وتابع أن المبني متهالك وآيل للسقوط نظرا لقِدمه ونتيجة لعوامل التعرية الجوية وتساقط الأمطار عليه دون وجود عازل بسطح المبني وتشبعت جدرانه بالمياه مما أدي لانهيار أجزاء منه، كما أن هناك صعوبة في الصعود أعلاه لتنظيفه خشية انهياره بالكامل.

- انتشار التعابين والحيوانات الخطرة

أشار إلي أنه لم يسبق أن تمت أي أعمال تطوير للجزء المخصص لمخازن كتب إدارتي وسط وشرق التعليمية، مضيفا أنهم يأملون في تطويره نظرا لما يمثله من خطورة علي حياة العمال والموظفين بالمخازن بسبب انتشار القوارض والتعابين والحشرات الطائرة الضارة و"العرس" ذات أشكال غريبة، مشيرا إلي أن الجزء الخاص بالمخازن المركزية فقد تم تطوير أجزاء منه التابعة للمخازن ووضع سور بمحيطه لمنع التعدي عليه واقتحامه من قبل اللصوص والبلطجية، لافتا إلي أن تطوير القصر يحتاج إلي إجراءات كثيرة وموافقات من وزارة الآثار ةالجهات المعنية باعتباره مبني أثري وأحد المعالم الأثرية للمدينة.

-اقتحامه وسرقته

أضاف صديق شحاتة محمد، أحد سكان المنطقة، أنه يسكن في المنطقة منذ 52 عاما وكانت مساحة القصر كبيرة ولكن تم تحويل أجزاء منه لمخازن للكتب تابعة لوزارة التربية والتعليم، مضيفا أن بعض مباني القصر تحولت إلي مهجورة وآيلة للسقوط ومقلب للقمامة، كما تم استغلال أجزاء منه وتحويلها إلي مغاسل وجراجات للسيارات من قِبل الأهالي، مشيرا إلي أن الجزء المخصص لمخزن إدارتي وسط وشرق التعليمية قد تعرض عدة مرات للاقتحام والسرقة من قِبل اللصوص والبلطجة وتم الاعتداء علي حارس المخازن وسرقة أشياء من الداخل، وتم استعادتها مرة أخري.

-التعدي والاستيلاء عليه

أما علي عبد الرازق، أحد أقدم عمال النظافة بالمخازن، فيقول إن القصر يعود تاريخه لأكثر من 220 عام وهو مبني أثري وتاريخي، تم مؤخرا تحويل أجزاء منه إلي مخازن للكتب، وهناك أجزاء كثيرة قد تهدمت ولم يتم تطويرها، لافتا إلى أن وزارة الآثار تتركه علي الوضع الذي عليه حتي ينهار بالكامل، نظرا لانهيار أجزاء كبيرة منه، كما أن مديرية التربية والتعليم قد أجرت بعض التطويرات في الأجزاء التابعة للمخازن وتهتم بتأمينها والحفاظ عليها.

وأضاف عبد الرازق، أن أجزاء كبيرة من القصر تم التعدي عليها عن طريق "وضع اليد" من قِبل البلطجية، حيث تحوي المنطقة العديد من البلطجية والخارجين عن القانون ومتعاطي المخدرات، مشيرا إلى أنه عقب ثورة 25 يناير استولي العديد من البلطجية علي العديد من المساكن المجاورة للقصر عن طريق "وضع اليد" واتخاذها مسكنا لهم.

-الآثار.. لا نعرفه

من جانبه أكد محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في الإسكندرية والساحل الشمالي، أن قصر الأمير طوسون المتواجد علي طريق ترعة المحمودية غير مسجل في تعداد الآثار الإسلامية في الإسكندرية ولا يخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته ولا يتبع وزارة الآثار، مشيرا إلي أنه لا يعلم عنه شئيا ولم يره من قبل.

وأوضح متولي، في تصريح خاص أن لوزارة الآثار سجلاتها التي تضم المناطق الأثرية التي في ولايتها، ويتم المرور والتفتيش عليها بشكل يومي وإعداد تقارير بذلك، ويتم ترميمها بشكل مستمر وممارسة أعمالهم فيها طبقا لقانون حماية الآثار، ويتم الحفاظ عليها من أي أعمال تعدي بشكل مباشر أو حتي من خلال البناء المرتفع أمامها مما يحجب الرؤية عنها.

وأضاف أن هذا هو دور وزارة الآثار فيما يخصها من المباني والمواقع المسجلة في عداد الآثار سواء إسلامي أو قبطي أو يهودي، مشيرا إلي أن أي جهة منوطة بقصر الأمير طوسون المتواجد علي طريق كورنيش المحمودية من الممكن أن تتقدم بطلب للوزارة لمعاينته أو الإفادة برأي فني أو ترميمه أو غيره.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً