اعلان

صناعة الشباك بالإسماعيلية مهنة مهددة بالإنقراض.. شيخ الصيادين: "حالنا في النازل.. وأسعار الشباك من 400 جنيه إلى 700 جنيه وشبكة الجمبري الأعلى سعرا"

صناعة الشباك بالإسماعيلية

بين مطرقة ارتفاع أسعار الغزل المستخدم في صناعة شباك الصيد وسندان قلة الرزق تواجه صناعة الشبك بالإسماعيلية خطر الانقراض، ما اضطر عدد من نساء الصيادين إلي مساعدة أزواجهن في أعمال اصلاح الشباك وأعمال أخري ترتبط بها مثل صب الرصاص .

نساء منطقة «البهتيني» بالإسماعيلية يتحدين خطر انقراض هذه الصناعة التي ارتبطت بحياتهن وحياة أسرهن سنوات طويلة .

أبا عن جد

غزل الشباك مهنة توارثها صيادو الإسماعيلية وزوجاتهم عن أبائهم وأجدادهم منذ زمن بعيد ... عندما اتخذوا من منطقة «البهتيني»، التي تطل علي بحيرة التمساح سكنا لهم ، وعاش الصيادون وزوجاتهم بتلك المنطقة بطريق البلاجات، في شوارعها الضيقة للغاية ومنازلها البسيطة المكونة من طابقين وتفتقر المنطقة للعديد من الخدمات.

أغلب سكان المنطقة دخلهم بسيط ، يعتمدون علي الصيد في تدبير أمور حياتهم .. مراكب الصيادين متراصة لعدم خروجهم للصيد في البحيرة في فترات طويلة من العام إما بسبب الأوضاع الأمنية أو بسبب مواسم الصيد التي تقل فيها الأسماك.

مع ظهور أول ضوء للشمس يخرج الصيادون متجهون نحو البحيرة لممارسة أعمالهم اليومية ، وجلب الرزق من صيد الأسماك ، وتقوم النساء بأنجاز أعمالهن المنزلية ليتفرغن عقب ذلك لغزل الشباك .

في الشوارع الضيقة لهذه القرية تجلس النساء والفتيات الصغيرات، يغزلن الشباك أمام وداخل منازلهن، وتقمن بإصلاح الشباك القديمة التي تمزقت من صراع ازواجهن وابائهن بحثا عن الرزق أثناء الصيد.

عاصمة الصيد

أهالي «البهتيني» يتخذون من غزل الشباك وصناعة أدوات الصيد البسيطة وصب الرصاص المستخدم في الشباك ، فرص عمل تدر دخلا عليهم في ظل ظروف المعيشة الصعبة التي يعاني منها الجميع، فالكل هنا يعمل بالصيد والحرف الاخري المرتبطه به .

الحاجة «فاطمة»، التي برعت في صناعة جميع أنواع الشباك، تساعد زوجها المريض في الإنفاق علي أسرتهم المكونة من خمسة أفراد «ورثت صناع الشباك عن والدتي وجدتي واصبحت بارعة في صناعتها، ولازلت أعمل بهذه المهنة، علي الرغم من بلوغي العقد الخامس من عمري وضعف نظري، إلا انني مضطرة للاستمرار في العمل حيث ظروفنا الصعبة بالإضافة إلى مرض زوجي، فهو يعاني من إصابة في قدمة جعلته عاجزا عن ممارسة اعمال الصيد الشاقة فلم يعد قادرا علي الانفاق علي الأسرة وتلبية متطلباتها فقررنا أن نعمل سويا في غزل الشباك».

وأضافت فاطمة أن أسعار الشباك قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه مقارنة بالفترة السابقة، مما أدي إلى انخفاض الأجر الذي نتقاضاه مقابل بيع الشباك وأصبحت تمر بأزمات مالية نتيجة أرتفاع أسعار الغزل.

الحاج عربي، شيخ الصيادين يلتقط طرف الحديث «كبرنا وفتحنا عينينا وجدنا أمهاتنا وأبائنا يعملون في غزل الشباك، وورثناها عنهم، وجرت العاده علي أن تعمل النساء في صناعة شباك الغزل لمساعدة أزواجهن علي مواجهة أعباء الحياة، وتقوم الفتيات أيضا بمساعده أبائهن في حمل وإصلاح الشباك القديمة وغزل الجديد منها».

وتابع شيخ الصيادين أن صيادي الإسماعيلية يعانون في هذه الفترة من ارتفاع أسعار غزل الشباك، الأمر الذي يهدد المهنة بالانقراض، حيث عزفت بعض الأسر عن صناعة الشباك،مشيرا أن صناعة الشباك مهنة شاقة، تحتاج إلى جهد وتركيز حيث ثقل وزن الشباك بسبب الرصاص الذي يتم تثبيته بها، وأيضا دقة الخيوط وطرق صناعة الأشكال المختلفة من الشباك الواسعة والضيقة.

تختلف أنواع الشباك المستخدمة في الصيد وذلك بحسب اختلاف الخيوط وطبقاتها حيث تستخدم الشباك الصنوعة من طبقة واحدة في صيد الكابوريا ، فيما تستخدم الشباك المصنوعة من ثلاث طبقات في صيد العديد من أنواع الأسماك كالشبار والبوري وغيرهما .. وتتعدد مسميات الشباك ايضا والاوقات المستغرقة في صناعتها حيث تستغرق صناعة شبكة " الفرقة " ثلاث أيام ، وتستغرق شبكة " الطراحة " مدة أطول في صناعتها نظرا لطبيعتها المعقدة بعض الشئ ، وتصنع الشباك من خيوط الحرير والخيوط البلاستيكية الرفيعة والشعر وتدعم بالرصاص والفليين .

وتتراوح أسعار الشباك من 400جنيه إلى 700 جنيه وذلك بحسب أنواعها وأحجامها، وتعد شبكه صيد الجمبري هي الأعلي سعرا حيث يبلغ سعرها 700 جنيه ، ويبلغ سعر المشنة منها 400 جنيه حيث تتطلب صناعتها نحو كيلو من غزل الشعر و4 "دست " من الصنار ، ويشتري الصيادين غزل الشباك من بعض المحلات المتخصصة في بيع أدوات الصيد بالإسماعيلية، والتي يتم جلبها من المطرية بمحافظة الدقهلية وتتراوح أسعار بكرة الغزل من 15 جنيها وحتي 60 جنيها ، ويبلغ سعر «الفليين العوام»، الذي يتم تثبيته فوق الرصاص بالشباك إلى 60 جنيها لكل 100 «فله» .

وفي منطقة البهتيني هناك صناع وحرفيون من النساء يعملن في صب كرات الرصاص الصغيرة وتثبيتها علي أطراف الشباك لأكسابها ثقلا حتي تغطس في المياه ويمنعها الرصاص من أن تطفوا علي سطح المياه لتكتمل عملية الصيد، ويتم تجهيز تلك الكرات عن طريق صهر خام الرصاص في قوالب بيضاوية طويلة مفرغة من الجانبين ، ولا يتعدي طول الواحدة منها الثلاث سنتيمتر ويبلغ سعر كيلو الرصاص الخام 45 جنيها ، وتحتاج الشبكة الواحده ما يتراوح بين 5 الي 10 كيلو من كرات الرصاص .

«مني سيد»..إحدي زوجات الصيادين والتي تعمل في حرفة صب الرصاص وصناعة الشباك تقول «تعلمت صب الرصاص من والدي الذي يعمل صيادا وكنت أشاهده وهو يعلم أمي هذه الحرفة حتي اتقنتها وتمكنت من تعليمها لي وأنا في سن صغير، وأصبحت متمكنة فيها بشكل جيد، وبعد أن تزوجت من زوجي الذي يعمل هو الآخر في مهنة الصيد، أقوم بمساعدته في صب كرات الرصاص وأيضا في حمل الغزل وصناعة الشباك، حيث يقوم زوجي بجلب خام الرصاص من بائعي الخردة ونقوم بصهره في القوالب البيضاوية الشكل، ثم نتركه ليبرد ونقوم بعد ذلك بتثبيت هذه الكرات في أطراف الشباك».

وتابعت «تحتاج الشبكة الواحدة إلي ما يقرب من 1050 كرة من الرصاص، حتي لا تطفو الشبكة علي سطح المياه»، وأكدت أن المبالغ التي يتحصلون عليها مقابل بيع كرات الرصاص وشباك الصيد لا تتناسب مع المجهود الذي يبذلونه في هذا العمل، وهو الأمر الذي اضطر العديد من جيرانها إلي العزوف عن هذه المهنة والبحث عن طرق ومهن آخري للرزق لتساعدهم علي تحمل أعباء الحياة والظروف الصعبة.

يبتسم محمود مجدي، صياد، وهو يطمئن على حال شباكه ويقول «زوجتي تساعدني في صناعة الشباك منذ أن قمت بالزواج منها منذ ما يزيد عن 28 عاما، ولكننا لم نعد قادرين علي استكمال العمل فقد اصيبت بضعف النظر ، بسبب صناعة الشباك الدقيقة، والتي تحتاج منا إلي أوقات طويلة قد تصل لـ 7 أيام متواصلة وهو ما يتطلب جهد وتركيز كبير».

وتشهد هذه المنطقة في الأونة الأخيرة تطورا من خلال تطوير بحيرة الصيادين التي تبعد عن طريق البلاجات ومنطقة البهتيني بنحو2 كيلومتر، والتي قام المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بزيارتها الأسبوع الماضي، واستمع خلال زيارته إلى شرح تفصيلي حول المشروع، والذي يضم توسعة ورفع كفاءة طريق "محمد على" وطريق " أم كلثوم "، وذلك بإجمالي 8 كم، بهدف تحقيق الازدواج في اتجاهي الطريق، بجانب إقامة كوبري بطول 2.4 كم أعلى ترعة الإسماعيلية.

وتضمن المشروع طريق سطحي بطول 3.5 كم ، يقسم إلى اتجاهين مروريين، بحيث يكون كل اتجاه عبارة عن 4 حارات مرورية، بالإضافة الى طريق للمحلات التجارية والخدمات الترفيهية والمباني الخدمية ومول تجاري و طريق للدراجات .

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً