اعلان

ضحايا لقمة العيش في سوهاج.. أصحاب المراكب الصغيرة بالنيل يطالبون بتأمين صحي ونقابة تحميهم من مخاطر المهنة (صور)

المراكب الصغيرة بالنيل

يحاول الكثيرون من أصحاب المهن الشاقة التأقلم مع هذه المشاق على قدر الإمكان، خاصة في ظروف معيشية تدفع بهم إلى خوض هذه الغمار حيث إنهم لا يجدون بديلًا عن ذلك، ومن أصحاب هذه المهن صائدي المراكب النيلية، أو ما يُطلق عليها "الفلوكة" أو "القارب" فى نيل محافظة سوهاج .

تنعم محافظة سوهاج، بمساحة تقارب 125 كم على طول ضفاف النيل، مما شجع الكثير ممن لا يمتلكون مهنة أن يمتهنوا الصيد بالقوارب النيلية، بديلاً عن التسكع على المقاهي أو السفر الشاق والاغتراب عن الأهل.

تبدأ هذه الشواطئ فى سوهاج من دار السلام جنوبًا إلى طما شمالًا على ضفتي النيل، ويوجد بوسط النيل العديد من الجزر التى يقوم صائدو القوارب بالصيد فيها، والاسترزاق منها صباحا ومساء.

"أهل مصر" التقت ببعض صائدي الأسماك لتستمع إلى شكاواهم في محاولة منها إلى توصيل صوتهم إلى المسئولين، حيث يقول "زياد محمد موسى" 15عامًا (طالب)،: "أعمل فى الصيد منذ سنوات، وتعلمت من والدى وأعمامي هذه المهنة"، مضيفًا: "بعد خروجي من المدرسة أذاكر دروسي، ثم أتوجه إلى النيل أنا وشقيقي لنصطاد السمك بالفلوكة الصغيرة، التى يعمل عليها والدى صباحًا وأيضا بالمساء فى كثير من الأحيان".

يروى "زياد" أنه يواجه العديد من المشاكل فى هذه المهنة، منها ارتفاع أسعار معدات الصيد من "شباك وفل ورصاص وسنار وجوبيا وبياتة"، موضحًا أنه كان هو ووالده يشتريان نصف كيلو الشبك بمشتملاته حتى ينزل بالماء ويصطاد به بمبلغ 500 جنيه، أما الآن فيتراوح سعر نصف الكيلو بين 1000 و 2000 جنيه.

كما أوضح أنه يحتاج إما إلى نصف كبير أو نصفين وسط، شارحًا: "أي طول الشبكة أكثر من 50 مترًا، وغالبا لا يمكن الصيد إلا بشبكتين، وصناعة شبكتين يكلف ما بين 2000 أو 3000 جنيه حاليًا، حيث ارتفع سعر الشبك والفل والرصاص".

ويكشف "زياد" في حديثه لـ"أهل مصر"، أنه كان يشترى كيلو جرام الرصاص بـ 25 جنيهًا منذ فترة قريبة لا تتعدى العام، أما الآن وصل سعره 50 جنيهًا، لافتًا إلى: "أن تلك الشباك، يمكن أن تنتهى صلاحيتها بعد نزولها الماء بدقائق بسبب أنها يمكن أن تصادف جذع نخلة أو شجرة مثلًا، مما يمزقها فى الحال أو لا تخرج من الماء بعد نزولها بسبب تشبثها بتلك العوائق فى بطن النيل، وقد تعيش معنا شهر أو شهرين أو عام، ولكن هذا نادر جدًا وتكون تهالكت تمامًا، ومن المعروف أنه كل 3 أو 4 أشهر نقوم بشراء شباك جديدة وهذا مكلف بالمقارنة بالإنتاج من الأسماك".

ويلتقط الحديث "محمد أحمد موسى" 14 عامًا، (متسرب من التعليم)، أنه يعمل بتلك المهنة على قارب والده الذى توفي العام قبل الماضي ليساعد والدته ومن أجل الإنفاق على أشقائه، مشيرًا إلى أن عددهم 5 أفراد، 3 منهم بالتعليم الابتدائي.

ويضيف "محمد"، أنه يواجه العديد من المشاكل فى مهنة الصيد، والتي من أهمها أن الأسماك التى يقوم باصطيادها من الصباح الباكر إلى المساء قد تكون كميات ضعيفة، حيث تتراوح من 4 إلى 5 كيلو جرام، متابعًا: "الأهم من ذلك أن التاجر الذى يشتريها مني يشتريها بمبلغ ضئيل جدًا حيث لا يتعدى سعر كيلو السمك الكبير 25 جنيهًا، بينما يبيعه هو للزبائن بـ 40 أو45 جنيهًا".

ويقول: "فاصطياد 4 كيلو جرام من السمك بمبلغ 100 جنيه، يقوم به رجلان على مدار اليوم غير مجزى، لأنه يشتري أكل وشرب منها، وفى البعض ممكن يدخن يقوم بشراء السجائر وقد تنقطع وتتمزق الشباك، وبذلك لا يكون الربح كبير بل قليل، ولكن بنقول أفضل من بلاش ومن التسول أو السفر بعيدًا بدون فائدة".

أما "عمر" شقيق "زياد"، فيقول إنه يشكو من عدم وجود تأمين صحى لهم ولجميع الصيادين على مستوى قوارب النيل بالصعيد، كما سرد بعض القصص التى تعرض فيها لعدد من الصيادين الذين أصيبوا أثناء عملهم، وقاموا بالعلاج على حسابهم الخاص بمصاريف كبيرة، ومنهم من غرق نتيجة انقلاب المركب به، أو اصطدام المركب بأحد وسائل النقل التى تسير بالنيل مثل السفن أو الصنادل النيلية.

وأضاف "عمر" أنه يطالب بوجود نقابة تساعدهم فى الحصول على حقوقهم وتدافع عنهم، ويشتركون فيها ويسددوا الرسوم المقررة عليهم ليتمكنوا بعد سن المعاش من الحصول على راتب، يساعدهم فى الإنفاق على أبنائهم بالمساواة بباقى المهن التى لها نقابات تدافع عنهم وتهتم بهم.

ويقول "ناصر عبده" (صياد) ويبلغ من العمر 30 عامًا، ولا يمتهن أي مهنة أخرى، إنه تربى على هذه الصنعة ويقطن بالقرب من النيل، ولكنه يعانى كثيرًا فى موسم الصيف بسبب زيادة المياه وقلة الأسماك، وأكثر ما يقلقه مطاردة شرطة المسطحات المائية لهم، مما يكلفهم فى بعض الأحيان القوارب التى يعملون عليها، بالإضافة إلى الشباك وجميع المعدات بالقارب.

وبسؤاله عن عدم قيامه بالتراخيص اللازمة للانتهاء من مطاردة شرطة المسطحات المائية له قال: "إن ذلك يكلفه ألفين جنيه فى بادئ الأمر، وكل عام بعد ذلك ما بين 500 و 1000 جنيه، وهذا بالنسبة لإنتاج مراكب الصيد ومصاريفها مكلف جدًا".

ويضيف شقيقه "محمد" والذى يصطاد برفقته، "إن التراخيص مكلفة بالإضافة إلى ثمن المركب أو القارب وثمن الشبك وجميع المعدات، كما أن العمل بالصيد يكون في أيام وليس دائمًا، وخاصة فى الصيف العمل قليل، ونتمنى أن تكون لنا نقابة وتأمين صحى".

واستشهد بوالده الذى بلغ من العمر 61 عامًا، وطوال حياته يمتهن الصيد بالقارب ولا معاش له إلا من التضامن الاجتماعي بمبلغ قدره 300 جنيه، مشيرًا إلى أنه لا يكفى الأدوية التى يُعالج بها.

وفي حديثه لـ"أهل مصر"، أكد مدير مرفق شرطة المسطحات المائية فى سوهاج، أنه بالفعل يتم عمل جولات داخل النيل لضبط المخالفين والغير مرخصين من أصحاب القوارب النيلة، مضيفًا أنه يتم مصادرة تلك القوارب والمعدات التى تكون عليها، كما ناشد جميع صائدي الأسماك وأصحاب المراكب الصغيرة، بالقيام بعمل التراخيص اللازمة لعدم وقوعهم تحت طائلة القانون.

وتابع أن كثير من صائدي الأسماء بتلك المراكب يقومون بالصيد بشباك صغيرة، تعمل على صيد الأسماك الصغيرة التى لم تكتمل النمو وبذلك يؤثر على الثروة السمكية للبلاد، مشيرًا إلى أن البعض منهم يقوم كذلك بالصيد عن طريق الكهرباء موضحًا أن هذا محرم ومن يتم ضبطه يتم معاقبته بالقانون ومصادرة ما لديه من قوارب وأجهزة للصيد ومعدات.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً