اعلان

"خانقاه سلار وسنجر الجاولي".. درة فريدة أهملتها الدولة واتخذها مدمنو المخدرات وكرًا لهم

كتب : سارة صقر

الإهمال هو الوحش الذي يواجه الآثار في مصر بشكل عام وبمختلف أنواعها، في ظل غياب تام من الوزارة التي تكتفى بتعيين مفتشي آثار في المتاحف والمزارات الشهيرة فقط، في حين أن مصر تمتلك العديد من الأبنية والمساجد والكنائس الأثرية التي تعود لحقب تاريخية هامة، تحتاج إلى ترميم، ولكن الامر يصل إلى حد إنتشار مقالب القمامة حول الآثار وداخلها .

مدرسة وخانقاه سلار وسنجر الجاولي، في شارع عبد المجيد اللبان الموصل من ميدان السيدة زينب إلى القلعة، هو بناء فريد من نوعه يعبر عن عظمة وروعة الفن الإسلامي في عصر سلاطين المماليك.

فما أن تصل إلى ميدان السيدة زينب، وفي شارع عبد المجيد اللبان، حتى تشاهد البناء الذي تحسبه للوهلة الأولى أنه مسجد كبير لأحد سلاطيين الدولة المملوكية أو الدولة الأيوبية، من خلال الطراز الذي بنيت به المدرسة والخانقاة.

خطوات قليلة تصل إلى المدرسة تقودك إليها الرائحة النفاذة التي لا تليق بجلال وعظمة المكان، لتشاهد الكارثة الكبرى، حيث مقالب القمامة التي ترتفع لتصل إلى عتبات الخانقاة، والتي لم تسمح لنا بالدخول إلى هذا المكان.

"رايحة فين يا أبلة .. ده جامع مهجور" .. حتى أن الأهالي لم تعد تعلم إذا ما كان هذا البناء لمسجد أم لمدرسة وخانقاة أثرية تعود لأحد وأهم أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، الأمر الذي يدين المسئولين بوزارة الآثار التي تركت مثل هذا البناء تأكله القمامة والحشرات وإطارات السيارات المحروقة والتي قد تهدد المكان كله بالحريق.

ويقول أحد الأهالي الذي لم يعرف ما هذا الآثر، أن هذا المسجد مهجور منذ سنوات طويلة وتحيطه القمامة، كما أن مدمني المخدرات يتخذونه كوكر لتناول المخدرات في منتصف الليل، موضحا أنه حدثت الكثير من المشاكل والمشاجرات بسبب أن المسجد يقع وسط منطقة سكنية، والسكان تضررت بسبب وجود هؤلاء المدمنين ليلا.

"بلطجية القلعة بيتجمعوا هنا كل يوم بليل" .. وتقول سيدة من سكان الحي إن هذا الآثر سبب للأهالي إزعاج بسبب هجره وعدم التفات المسئولين إليه مما حوله إلى مقلب قمامة، موضحة أنها تخشى على بناتها من النزول من البيت ليلا .

ويقول رجل سن عاش حياته كلها في السيدة زينب، أن هذا المسجد كان به مدرسة ويعود إلى أحد أمراء السلطان قلاوون، موضحا أنه يدفن داخل المسجد الأميرين الذين بنوا هذا المسجد، موضحا أن هناك العديد من المساجد مدفون بها امراء من أيام المماليك .

تاريخ الآثر

هو مسجد ومدرسة وخانقاه سلار وسنجر الجاولي، ويتبع منطقة آثار جنوب القاهرة، بنى هذا الآثر الأميران علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولي وسيف الدين سلار التتري المنصوري، وهما من أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون.

والأمير علم الدين سنجر الجاولى، ولد بآهد سنة 653هـ (1255م) واشتراه أمير اسمه جاول فنسب اليه، ثم انتقل الى خدمة أسرة السلطان قلاوون، وترقى الى أن أصبح مقدما للماليك بالشام، ثم واليا لغزة، وعين مقدما للماليك في مصر سنة 653هـ (1328م) في أيام السلطان الناصر محمد، وعين واليا لحماه ، ثم واليا لغزة مرة أخرى بعد وفاة الناصر محمد، ثم عاد الى مصر واشتغل بعلوم الحديث وفقـه الامام الشافعي ومات سنة 745هـ (1346م).

أما الأمير سيف الدين سلار فهو تتري الأصل، أسر في حرب بين السلطان بيبرس والتتار، اشتراه المنصور قلاوون وترقى في خدمته حتى صار من أعيان مماليكه، وعين نائبا للسلطنة في أيام الناصر محمد وتمكن من شئون الدولة إحدى عشرة سنة، ورشح لتولي السلطنة سنة 1308-1309 .

قبض عليه السلطان الناصر وسجنه إلى أن مات في سجنه جوعا سنة 710هـ (1310م)، وتولى دفنه في مقبرته الأمير سنجر.

الوصف المعمارى 

يتكون المسجد من صحن مسقوف وإيوان القبلة ويؤدى الباب الثانى إلى طرقة معقودة بقبوات مصلبة على يمينها قبتان الأولى أكبر من الثانية مكتوب على عتب بابها أن المدفون بها هو الأمير سيف الدين سلار.

وتقوم المئذنة على يمين الباب وتتكون من ثلاث طبقات؛ الطبقة الأولى مربعة يحلى وجهاتها فتحات مختلفة الأشكال يعلوها طراز مكتوب حفرا فى الحجر ، وتنتهى بثلاث حطات من المقرنص تتكون منها دورة المنارة، الطبقة الثانية مثمنة بها ثمان فتحات تعلوها عقود مخوصة ويتوجها كرنيش ضخم من المقرنص المتعدد الحطات، الطبقة الثالثة، مستديرة وبها ثمان فتحات أيضا وتنتهى بكرنيش من المقرنص ويغطيها قبة مضلعة. ويلى المنارة القبتان المضلعتان المتماثلتان وأكبرهما هى المجاورة للمنارة وينتهى تضليع كل منهما من أسفل بطرز مكتوب به آيات قرآنية أسفله صف من الشبابيك الصغيرة المفتوحة فى رقبة القبة.

أما القبتين المتماثلتين المجاورتين لها تعتبر فريدة بين وجهات مساجد القاهرة تحليها مجموعتان من الصفف كل منهما أسفل قبة فتح بها شبابيك حليت أعتابها بزخارف محفورة فى الحجر وتغطيها مقرنصات منوعة وتنتهى الو ا جهة بالباب المفتوح داخل صفة تغطيها مقرنصات مكونة من ثلاث حطات كما تتوجها شرفات مسننة.

القبة الأولى مدفون فيها الامير سلار، والقبة الثانية أصغر منها ومكتوب على عتب بابها أن المدفون بها هو الأمير علم الدين سنجر الجاولى وتاريخ الإنشاء أيضا.

وهاتان القبتان مبنيتان بالطوب وفى نهاية الطرقة المذكورة قبة صغيرة من الحجر تعتبر أقدم القباب الحجرية القائمة، وبجانب الطرقة المقابلة للقبتين ثلاث فتحات سدت بشرائح من الحجر المفرغ بزخارف نباتية جميلة حليت أناناتها برسومات دقيقة.

وهذا النوع من الشرائح الحجرية المفرغة لا نجده سوى فى الدارابزينات الحجرية لدورات بعض المآذن. وخلف هذه الطرقة فناء كبير بجداره الشرقى محراب وبقايا طراز مكتوب به آيات قرآنية مزخرفة.

الخلاوى :

خلف هذا الجدار خلاوي متخربة تعلوها حجرات متصلة بالحجرات المطلة على صحن المسجد وتوجد طرقة فى الجهة الشرقية من هذه الخلاوى تؤدى إلى باب يوصل إلى حى طولون.

منقوش بأعلى الباب الأساسي الآية: " بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر". وفي آخر الكتابة تاريخ البناء وهو عام 703هـ.

دائرة المسجد كتابة منقوشة فيها:

" بسم الله الرحمن الرحيم، تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجاً وقمراً منيرا" وعلى باب ضريح الأمير سلار نقش في الحجر اسم " سيف الدين سلار نائب السلطنة المعظمة الملك الناصري المنصوري، في شهور سنة سبعمائة وثلاث".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
سلسلة ألماس للأوائل.. مدرس رياضيات يثير الجدل بحفل تكريم طلابه في كفر الشيخ (صور)