اعلان

بعد العز والجاه تتحول لأنتيكة.. صناعة الطربوش تلفظ أنفاسها الأخيرة (صور وفيديو)

كتب : سارة صقر

ما إن تسِرْ في شارع الغورية بين المحال التجارية وسط الشارع، والذي يعد متحفا مفتوحا، حتى تطل منه رائحة التاريخ وعبق الماضي، وفي الوقت الذي تشاهد فيه جميع المحال مفتوحة طوال الوقت، تجد هناك ورشة مغلقة كلما سرت من نفس المكان، فتارة تكون مغلقة تماما، وتارة أخرى تكون مفتوحة للإصلاحات وتغلق مرة أخرى، غير أننا في هذه المرة وجدناها مفتوحة وتعمل.

"فتارين قديمة.. عمامات حمراء.. طرابيش.. ماكينة بها مجموعة من القوالب.. صحن كبير من الصمغ".. بمجرد النظرة الأولى للورشة تصيبك الدهشة، وتحسب نفسك عدت لعشرينيات القرن الماضي، فالورشة في تصميمها ذاته تعد متحفا عتيقا، يعبر عن مهنة أوشكت على الاندثار.

فالفتارين القديمة والمكتب الذي يجلس عليه رجل مسن تظهر على وجهه ملامح الزمن الجميل، واللافتة التي رسم عليها يد تمسك بطربوش، والطربوش الكبير المعلق في وسط الورشة، فضلا عن الماكينة التي تقف أمامها لدقائق في تأملها وشكل القوالب التي تصنع عليها الطرابيش، كلها أمر مذهل.

إلا أن حالة الدهشة تذهب بعيدا بمجرد الحديث مع العمال في الورشة التي تعود لمالكها الحاج أحمد محمد الطرابيشي الذي ورثها عن والده فعمل بها فترة طويلة، ويقول أحد العمال إن الحاج أحمد عاصر الزمن الجميل، وقام بصنع العديد من الطرابيش لشخصيات مهمة، حتى بعد قيام ثورة يوليو 1952، كان هناك أناس ما زالوا يشترون الطربوش.

وأضاف أن مهنة الطرابيشية لها تاريخ عتيق، وكانت هناك عائلات كبيرة ومعروفة باسم "الطرابيشية" نسبة إلى المهنة، موضحا أنها الآن تصارع الزمن من أجل البقاء، حيث إنهم يعملون فقط مع رجال الأزهر والتجار الذين يقومون ببيع الطرابيش كتحف، وبالطبع مع تدهور السياحة توقفت حالة الشراء.

ويقول عامل آخر إن صناعة الطرابيش دخلت مصر مع بداية حكم العثمانيين، ومن بعدهم ازدهرت في عصر محمد علي باشا عام 1805، وكان الطربوش رمزا للوقار والهيبة، حيث كان يرتدي الطربوش الباشاوات ورجال الأزهر الذين كانوا يرتدون العمامات، ثم انتشر الطربوش بين طبقة الموظفين الكبار، ومنها انتشر لأغلب فئات المجتمع.

ويضيف عامل آخر أن سعر الطربوش الواحد يتراوح بين 20 : 50 جنيها، مشيرا إلى الطلبية التي كان يجهز عليها على الطراز الإنجليزي، على حد تعبيره، مضيفا أن عمامات رجال الأزهر تختلف عن الطربوش في شكله المعهود، ولكنها من نفس الخامة، وتصنع بنفس القوالب.

ويتابع محمد، الشاب الثلاثيني، وأحد سكان حي الدرب الأحمر، أن شارع الغورية كان فيه عدة ورش لصناعة الطربوش ما يقرب من 5 ورش، ولكن لم يتبقَّ منها سوى ورشتين، موضحا أن ورشة الحاج أحمد الطرابيشي التي يعمل بها كانت على وشك الإغلاق نهائيا، ولكن طلبيات الأزهريين أنقذتها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً