اعلان

عميد إعلام الأزهر: ما يعرض عبر شاشات التلفاز "تحرش لفظي وسمعي".. الساحة تفتقر إلى كاتب يستطيع أن يصوغ فكرًا أو يشكل وعيًا (حوار)

«الساحة تفتقر إلى كاتب يستطيع أن يصوغ فكرًا، أو يشكل وعيًا، وما يعرض عبر شاشات التلفاز، من برامج ومسلسلات وغيرها، وانفلات تشهده الساحة الإعلامية الفترة الحالية، ما هو إلا حالة من التحرش اللفظي والسمعي والبصري، غزت البيوت».. كان ذلك رأي الأستاذ الدكتور غانم السعيد عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر الشريف.

وعلى الرغم من عدم دراسته للإعلام، حيث إنه منتدب من كلية اللغة العربية، إلا أنه كان من وجهة نظر إدارة الجامعة مؤهلًا لشغل هذا المنصب بعد خلو الكلية من كوادر تتولى هذا المنصب.

وفي حواره الخاص لـ«أهل مصر»، تناول الكثير من الموضوعات الشائكة التي تشغل الرأي العام مؤخرًا، ووضح وجهة نظرة مؤسسة الأزهر الشريف تجاهها..

- بداية نود معرفة رحلة الدكتور غانم السعيد من أستاذ للأدب إلى عميد لكلية الإعلام

بدايتي مع الصحافة كانت منذ الصغر، حينما كنت أذهب إلى باعة الجرائد وآتي بها لكي أقرأ مقالات الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، فكانت النشأة مغرمة بالصحافة والإعلام، وكانت أمنيتي واحدة من اثنين إما أن أكون صحافيا أنصر المظلوم وأدافع عن الوطن أحارب الفساد بقلمي، أو محاميًا أقف في باحات المحاكم أدافع عن المظلومين وأكون نصيرًا للحق، لكن لم تتحقق إحداهما، ودخلت كلية اللغة العربية بالشعبة العامة، وحينها وجدت الجار الذي كنت أبحث عنه، وكانت المفاجأة بالنسبة لي حينما صدر قرار بإلغاء قسم الصحافة والإعلام في الثمانينيات، فأدركت أن المطلوب ألا يوجد إعلام إسلامي أو إعلام أزهري في الساحة، فتضامنت مع زملائي في القسم، وخضنا حربا شرسة حتى تم إلغاء القرار، ورجوع القسم. فالصحافة بنت شرعية للأدب أو للغة العربية بشكل عام.

- لماذا الدكتور غانم السعيد عميد لكلية الإعلام في هذه الفترة؟

تم اختياري عميدًا لكلية الإعلام لسببين رئيسيين، الأول أن كلية الإعلام في تلك الفترة خلت من الكوادر الجاهزة لتولي العمادة والوكالة معا، فلم تكن توجد درجة أستاذ وقتها بالكلية؛ لأن معظم الأستاذة معارون خارج البلاد، والمتواجدين بالكلية وصلوا إلى سن المعاش، فأصبحت الكلية بحاجة إلى أستاذ دكتور لتولي هذا المنصب، والسبب الثاني الذي جعلني عميدًا لها بشكل شخصي هو رؤية رئيس الجامعة حينما يأتي بأستاذ من خارج الكلية لا بد وأن يكون بينه وبين جميع المتواجدين بالكلية علاقة تفاهم وتآلف؛ حتى لا تحدث أي مشاكل، وبالفعل تربطني علاقة وطيدة بأساتذة الكلية وطلابها على مدار السنوات الماضية.

- هل ترى أن ما يتم تدريسه لطلاب الإعلام يتوافق مع متطلبات السوق الإعلامي، أم أن هناك قصورا؟

الحقيقة حتى نتكلم بكل شفافية يوجد قصور، ولا أريد أن أخفف من معنى الكلمة؛ لأنه قصور ليس بالسهل أو الممكن تجاوزه بشكل طبيعي، لذلك قمنا بثورة لإعادة هيكلة الكلية ومناهجها، وبناء على توجيهات القيادة بالجامعة، أصدرت تكليفات لرؤساء الأقسام بسرعة القيام بعملية فلترة للمناهج واللائحة القديمة للكلية، بحيث يتم إضافة ما يتلاءم مع احتياجات العصر من المواد ومراجعة لوائح كليات الإعلام ومناهجها، سواء في مصر أو في العالم العربي والأجنبي بما يتوافق مع قيم الكلية، حتى إن كلفنا ذلك تغيير المناهج كلها.

- بصفتك عميدًا لكلية الإعلام ما وجهة نظرك في المعايير التي يفتقدها الإعلام المصري سواء الخاص أو الحكومي؟

لعل من أبرز تلك المعايير غياب المهنية، حيث صعد إلى منصات الإعلام أناس بعيدون عن التخصص، بل إن كل ما يمتلكونه من أدوات هو الصوت الزاعق، وابتعاد المتخصصين عن المجال، ولا بد من وضع بعض الضوابط في المؤسسات الإعلامية سواء الخاصة أو الحكومية، وهي ألا يرقى إلى هذه المهمة إلا أبناء التخصص؛ لأنهم يفهمون ميثاق الشرف المهني، ويفهمون طبيعة عملهم. أما الذين يظهرون على الشاشات فأراهم مجموعة من الإعلاميين الذين يتحرشون بنا في بيوتنا، ويخدشون حياءنا بما يقدمونه وما يتلفظون به من ألفاظ سوقية، والمحاسبة على الاختراقات التي يقوم بها هؤلاء غير كافية، يعني الواحد يتم منعه من الظهور لمدة عشرة أيام أو غيرها ثم يعود إلى ما كان عليه.

- يوجد عدد من الأشخاص يقومون بمهاجمة التراث الإسلامي وتشويهه.. كيف ترى ذلك؟ وما هو دور الأزهر؟

تجديد الخطاب الديني فتح الباب أم هؤلاء للخوض في ثوابت الدين، تجديد الخطاب الديني ذلك المعنى الطيب المطلوب؛ لأن التجديد في الدين هو سنة إلهية، ومعنى التجديد في الدين هو تنقيته من الشوائب التي تعلق به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها»، فهذا دليل على أن مبدأ التجديد موجود ومطلوب، لكن الإشكالية التي جعلت الساحة تضطرب هي فهم المعنى الصحيح للتجديد، فطرف فهم أن التجديد معناه نسف الماضي والتراث والبدء من جديد، وهذا المفهوم مغلوط؛ لأنه تخريب وليس تجديدا، فمن أين نأتي بديننا حينئذٍ؟ والطرف الثاني يريد أن يأخد الدين على هواه، ويجعل من الدين أداة للتطرف، وينصب نفسه حاميا للدين، فكلا الطرفين يتنافى فهمهما للمفهوم الصحيح لمعنى التجديد. والمعنى الصحيح لمفهوم تجديد الخطاب الديني هو الرجوع إلى المنابع الصافية للدين الإسلامي دون مس للثوابت، بل المرجو هو إزالة الشوائب التي قد تكون علقت به مع مرور الزمن.

- كنت من المعترضين على الخطبة الموحدة أو المكتوبة.. هل ما زلت مصرا على رأيك حتى الآن؟

نعم، ما زلت مُصرا على رأيي؛ لأن ما تعلمناه يقول ذلك لا بد للخطيب أن يراعي مقتضى الحال، ولكل مقام مقال، فلا يمكن أن يكون في المسجد الذي أخطب به جنازة وأنا أتكلم عن أمر عام، أو أن تكون هناك خصومة بين الناس في المنطقة وأنا أتحدث عن أمر عام. أطالب فقط وأقول: اجعل خطيبا أزهريا على المنبر، وحدد موضوعات عامة دون تقييد، واتركه يختار ما يتناسب مع مقتضى الحال.

هل يوجد خلاف بين مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف؟

لا يوجد خلاف بين الأزهر ووزارة الأوقاف، بل يوجد تعاون مع الوزراة في كافة المناحي، لكن يوجد اختلاف في وجهات النظر بين المؤسسات، وهذا أمر صحي، ولا يسمى خلافًا دون قطيعة ولا تنابز ولا غير ذلك، لكن هناك من يريد أن يزرع ألغاما بين الأزهر ومؤسسات الدولة المختلفة؛ لكي يزعزع الأركان الأساسية في الدولة.

- في رأيك لماذا يحجم المصريون عن إلحاق أبنائهم بالأزهر؟ وماذا فعلتم لمواجهة هذه الظاهرة؟

السبب الرئيسي أنه في فترة من الفترات كان هناك تساهل في الامتحانات في بعض المحافظات والمناطق على مستوى الجمهورية، فكان يسارع البعض إلى إدخال أبنائه للأزهر؛ لأنه يضمن نجاحه بالغش الجماعي وغيره من الطرق، لكن بعدما تم ضبط هذه الأمور وجدوا الأمور غير ما كانت عليه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الذروة غدًا.. الأرصاد تحذر من طقس الـ72 ساعة المقبلة