اعلان
اعلان

إرهاب لحد البيت.. "الريسيفرات الجاهزة" تبث سموم الجماعات الإرهابية..الشركات تضع قنوات الفتنة ضمن الباقات الإخبارية.. وخبراء: الحل في التنسيق مع المستوردين

"الريسيفرات الجاهزة"

لا شيء قادر على التأثير أكثر من الكلمة بكل أشكالها، مطبوعة كانت أو مذاعة عبر الراديو أو شاشات التلفاز، ذلك أمر لا خلاف فيه، ولو دققنا كثيرًا في الإحصاءات التي تتناول تأثير وسائل الإعلام على المواطنين لأدركنا أن تأثير التلفزيون أقوى بنسبة 30% من أي وسيلة أخرى، ورغم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي لكن لا تزال الشاشة الصغيرة متربعة على عرش وسائل الإعلام.

أكذب ثم أكذب وكرر الكذبة، ذلك أقصر طريق للتأثير على عقول الجمهور، نظرية دعائية أخرجها للوجود «جوبلز» وزير الدعاية الألمانية في عهد هتلر، والذي استطاع إقناع شعب كامل طوال ما يقرب من عقد من الزمان، بصواب ما يفعله الزعيم النازي «هتلر» وصواب خطواته، ولكن ما هي النتيجة، كانت خراب ألمانيا ومساواتها بالأرض وتم اكتشاف الحقيقة في نهاية الحرب العالمية الثانية.

ومنذ سبع سنوات، وتحديدًا بعد ثورة 25 يناير مباشرة ومناخ الحرية الذي ساد وقتها، استغلت الجماعات الإرهابية الفرصة بإنشاء صحف ومواقع إخبارية وقنوات خاصة بهم، وباتت تلك المنابر هي المصدر الأكبر لنشر كافة الأفكار المسمومة التي تقوم على تكفير المجتمع ومحاربة الآخر والحكم بالقوة، وكان في طليعة ذلك قنوات مثل 25 يناير التابعة لجماعة الإخوان، بجانب بعض القنوات الدينية التي دعمت «الجماعة» قلبًا وقالبًا.

كان من الواضح أن تلك المنابر هي السبب في بث الفتنة أثناء ثورة 30 يونيو، ولذلك لم يكن من الغريب أن يتم تطويقها قبل بيان 3 يوليو الشهير والذي انتهى بعزل محمد مرسي، بعد أن قامت تلك القنوات بتحريض أنصار الجماعة على حرق مصر بمنشآتها وفرض الحكم بالقوة على أبناء المحروسة الذين تصدوا لهذا الخطر.

7 سنوات من محاربة الإرهاب في كل الاتجاهات، عمليات أمنية في كل بقاع المحروسة قام بها أبطال القوات المسلحة والشرطة ومعهم مواطنون تصدوا للإرهاب بصدورهم، بجانب حملات توعية وبناء مشروعات قومية وأخيرًا تصدي فعال للشائعات، لكن الجماعة لم تغلب في بث سمومها من جديد، واستغلت في تلك المرة التكنولجيا الحديثة في أن تنُشأ قنوات فضائية من خارج مصر وتحديدًا من تركيا وقطر الدولتين المعاديان لمصر، ليعودوا لبث أكاذيبهم من جديد.

قنوات الفتنة

«مكملين - الشرق» قناتان كانتا في مقدمة قنوات الفتنة، يبثان السموم والشائعات طوال الوقت، يتربصان بالدولة ويختلقان الأحداث، لكن الغريب أن تلك القنوات صاحبة الترددات التي لا يعرفها سوى من لا يبحث عنها باتت في متناول الجميع، تأتي له على طبق من فضة لتضرب كل إجراءات الدولة في حماية مواطنيها من الإرهاب.

القصة بدأت مع محمد الريس، الشاب صاحب الـ29 ربيعًا أثناء شراءه بعض الأجهزة الخاصة بشقته قبل زواجه بأسبوعين، وبعد أسئلة عن أجود أنواع «الريسفيرات» ذهب إلى شارع الفلكي أشهر الأسواق التي تبيع «الريسفيرات» ومن هناك اشترى أحد الأنواع المشهورة ليُفاجئ حين تم تشغيل الريسفير أن قناتي مكملين والشرق ضمن قائمة القنوات الإخبارية التي تم «تسطيبها» على الجهاز، بجوار قناة أخرى مثل دريم والمحور وسي بي سي.

يقول في حديثه لـ«أهل مصر»: كنت أسمع عن تلك القنوات لكن لا أعرفها وبالطبع لا أتابعها فلدي قناعة أنها تنشر مجرد أكاذيب، ولذلك لم أشغل نفسي بالتردد الخاص بها لكنني فوجئت حين وجدتها أمامي بكل سهولة ولا أنكر أن تلك السهولة كانت سببًا في متابعتي لها بعض الأوقات من منطلق الفضول، لكنني مع الوقت كدت أن أقع في أكاذيبهم ما دفعني في النهاية إلى الاستعانة بفني ريسفير ليمسح تلك القنوات، لكن في النهاية أنا حالة من ملايين الحالات التي تحدث يوميًا.

وبحسب بيان الغرف التجارية فإن المصريون يشترون سنويًا ما يقارب الـ4 ملايين ريسفير بتكلفة تصل لأكثر من 12 مليار جنيه مصري، وهو ما يعني أنها تجارة رائجة، خاصة أن عمر الريسفير لا يتعدى السبع سنوات في أفضل الحالات بحسب الغرف التجارية في بيانها الختامي عن 2018.

يؤكد الكارثة أكثر، محمود عبد الرحمن العامل في أحد المحلات التي تبيع الريسفيرات بشارع الفلكي، فيوضح أن المحال لا علاقة لها بالأمر، فأجهزة الريسفيرات بكل أنواعها تأتي مُرتبة بقنواتها، وتلك خدمة للجمهور حتى لا يضطر إلى «تسطيبها» بنفسه مقابل أجر، وبالتالي فإن كل دور المحلات هو البيع فقط.

«عبد الرحمن» يضيف أيضًا، أن الشركات لا تهتم كثيرًا بتصنيف القنوات بل تهتم بعقلية الجمهور وعن ماذا يبحث، ولذلك تقوم بإنزال تلك القنوات مباشرة على اعتبار أنها تهم شريحة من المواطنين ولا يكون هناك أي حسابات للقنوات الإخوانية، وحتى المصنفات الفنية التي تشن حملات بين الحين والآخر على المحلات تقوم فقط بالتأكد من أن المنتجات أصلية ودخلت البلاد بطريقة سليمة إن كانت مستوردة، أما ما دون ذلك فهي ليست جريمة.

لكن هناك مشكلة حدثت منذ ما يقرب من عام في أحد المحلات المجاورة، كما يوضح «محمود» بسبب تلك الأزمة، فأحد المواطنين اشترى ريسفير ووجد عليه تلك القنوات، فما كان منه إلا إبلاغ قسم شرطة قصر النيل عن المحل على اعتبار أنه يروّج للجماعة الإرهابية، وبالفعل حضرت قوة من القسم لكن حين شرح لهم صاحب المحل دوره في عملية البيع وأنه ليس له علاقة بما داخل الريسفير ولا طريقة تسطيبه تفهم قائد القوة هذا الحديث وعرف أن المشكلة ليست من عنده لكن الأمور توقفت عند هذا الحد.

وسائل المنع

لماذا يتم وضع تلك القنوات، سؤال يجيب عليه خبير البرمجيات محمد سطوحي، الذي يوضح أن تلك القنوات متواجدة على الأقمار الصناعية نايل سات وعرب سات، وتقنيًا لا توجد وسيلة لمنعها وبالتالي فإن الدولة واجهت الأمر بالتحذير من تلك القنوات وتفنيذ الشائعات التي تبثها ولم يكن في الإمكان أكثر من ذلك.

لكن ذلك بحسب ما يوضح «سطوحي» في حديثه لـ«أهل مصر» لا يمنع من كارثة ما يحدث، فعدد الناس الذي يعرفون الترددات ويبحثون عنها لا تتعدى الـ10%، وبالتالي فمعنى هذا أننا نقدم لـ90% من المشترين للريسفيرات قنوات الإرهاب على طبق من فضة، بل لن نكون مبالغين إن أكدنا أن سد تلك الثغرة بمثابة مقاومة فعالة أكثر من العمليات الميدانية التي يبذل فيها أبطال الجيش والشرطة كل غال ونفيس من أجل حماية الأرض.

هل يمكن المنع؟، يوضح «سطوحي» نعم هناك إمكانية لذلك لكن الأمر يحتاج إلى تنسيق دولي مع عدد من الدول ليتم حجب تلك القنوات، وحتى في حالة بعض الدول المعادية مثل تركيا وقطر، فيمكن لمصر أن تثبت أن ما يتم بثه من تلك القنوات يدعو للإرهاب ومن ثم تستصدر أمر عالمي بوقف تلك القنوات، فالعالم في حالة حرب ضد جماعات الإرهاب في كل مكان، وهناك اعتراف دولي بأن ما يحدث على أرض مصر إرهاب.

الأعلى للإعلام

سامي عبد العزيز الخبير الإعلامي، يوضح أن الأمر اتضحت صورته خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بمسح مدى تأثير قنوات الإخوان على الشعب المصري ونسب الإقبال عليها، وتبين أن نسب المشاهدة زادت لأكثر من 30% وتلك الزيادة لها أسباب كثيرة لكن أبرز الأسباب أن تلك القنوات باتت متاحة للجميع ويتم التعامل معها على أنها قنوات عادية وبالتالي أقبل عليها المواطنين.

هناك بعض التصورات لحل تلك الأزمة يوضح سامي عبد العزيز، أن عدد من خبراء الإعلام قدموا مقترحات للمجلس الاعلى للإعلام لأجل اتخاذ خطوات جادة خلال الفترة المقبلة، وضمن أبرز التصورات تنسيق مع أصحاب الشركات التي تتعامل في تصنيع الريسيفيرات أو استيرادها من أجل منع وجود مثل تلك القنوات.

خالد عكاشة الخبير الأمني وعضو المجلس الأعلى لمكافة الإرهاب، ينضم إلى سطوحي في كارثية ما يحدث، خاصة أن الدراسات التي تناولت ظاهرة الإرهاب أكدت أن وسائل الإعلام تلعب دورًا قويًا في عملية التجنيد، وذلك من خلال بث الفتن والشائعات وتصوير المشهد العام على أنه ارتباك ما يدفع الشباب إلى الوقوع في فخ جماعات الظلام، بجانب خلق حالة من السخط العام بين المواطنين يدفعهم لمحاربة البلاد من خلال تلك الطاقة السلبية.

عكاشة أوضح أيضًا في حديثه لـ«أهل مصر» أن عملية غسيل الأدمغة تتم من خلال تكرار الشائعات، وحتى لو كان المواطن لا يعرف أن تلك القنوات فبمجرد وجودها أمامه يعني أنهم أقرب للوقوع في الفخ بنسبة 30% ممن لا ييعرفون، لكن المشكلة أن التجار لا ينتبهون لمثل تلك الأمور فهم يريدون استرضاء الجمهور بأي شكل وبكل طوائفه، ولا يهمهم إلى من ينتمي المشترى طالما سيدفع ثمن السلعة التي يشتريها وتلك هي الحقيقة الواجب الالتفات إليها.

من العدد الورقي

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
أمريكا "غيرت موقفها" من اجتياح رفح.. كواليس مباحثات غالانت مع مسؤولي البيت الأبيض