اعلان

أسباب محاولات أمريكا للإطاحة بالرئيس الفنزويلي.. "مادورو"عارض واشنطن العام الماضي فحشدت المعارضة ضده.. انقسام في الجيش و"خوان جوايدو" يستخدم مادة في الدستور لاعتلاء الحكم

صورة أرشيفية
كتب : سها صلاح

هذا هو الوضع في فنزويلا، حيث خرج أمس، آلاف المتظاهرين لملء الشوارع في محاولة لإقالة الرئيس نيكولاس مادورو، الزعيم الاشتراكي الذي أشرف على واحد من أكثر الانهيارات الاقتصادية المدمرة في العالم.

يدعم هذا التجمع خوان غوايدو، زعيم الهيئة التشريعية في البلاد التي تسيطر عليها المعارضة، الذي طلب من الفنزويليين المناهضين للحكومة التظاهر ضد مادورو، وفقًا لموقع "فوكس" الأمريكي.

ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفضل في كثير من الأحيان الوقوف إلى جانب الدكتاتوريين في جميع أنحاء العالم، إلا أن مسئولون كبار في الإدارة بمن فيهم مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو صرحوا علنًا بأنهم يريدون رؤية حكومة جديدة في فنزويلا وأن الجمعية الوطنية هي الهيئة الوحيدة المنتخبة ديمقراطيًا في البلاد.

وقال لي رونالد رودريغيز، الخبير في المرصد الفنزويلي بجامعة روزاريو في كولومبيا، "من المرجح أن يظل مادورو في السلطة وأن تستمر فنزويلا في التدهور، وتبقى في حالتها البائسة والحرجة، وقد دعم في تلك الاحتجاجات الأخيرة بجميع أنحاء البلاد مايقرب من ٣٠ جندي فنزويلي خرجوا اليوم مع المتظاهريين، لكن الأمر يستحق التوقف لفترة وجيزة لإلقاء نظرة على كيفية وصول البلاد إلى نقطة الغليان التي نراها حاليًا.

تعود جذور مظاهرات الأربعاء، إلى عهد الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي تولى رئاسة فنزويلا في عام 1999، والذي دفع البلاد بثبات بعيدًا عن الديمقراطية وقاد تجربة البلاد مع الاشتراكية.

ويعتبر شافيز شخصية أسطورية في فنزويلا، حيث حول المشهد السياسي والاقتصادي للبلاد من خلال تأميم الصناعات وتوجيه كميات هائلة من الأموال الحكومية إلى البرامج الاجتماعية تحت حكمه، فانخفض معدل البطالة إلى النصف، وزاد الدخل الفردي أكثر من الضعف، وانخفض معدل الفقر بأكثر من النصف، وتحسن التعليم، وانخفضت معدلات وفيات الرضع.

وساعدت طفرة نفطية هائلة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، جلبت ما يقرب من تريليون دولار إلى خزائن البلاد - مما جعلها من أغنى بلدان أمريكا اللاتينية - وساعدت شافيز للبقاء في السلطة حتى وفاته عام 2013.

أما "مادورو" وفقًا للموقع الأمريكي فقام بتكديس محاكم البلاد بالحلفاء السياسيين، وأقر قوانين تقيد قدرة الصحفيين على انتقاد الحكومة، وسعى باستمرار إلى إيجاد طرق لإزالة الشيكات عن سلطته، ومع ذلك فحتى تشافيز كانت له حدود، ويقول الخبراء إنه يفكر في النظام الانتخابي باعتباره وسيلة رئيسية لجعل نفسه أكثر فاعلية كقائد.

مادورو الذي كان نائبًا للرئيس "شافيز" وخليفًا مختارًا بعد أن حاول محاكاة عصر "شافيز"، فشكل أزمة بعد فشل المحاكاة بشكل مذهل، مما أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية مروعة، كل ذلك من صنعه.

وعندما تحطمت أسعار النفط في أواخر عام 2014 ، تحطم الاقتصاد الفنزويلي معها، ولم يفعل شافيز ولا مادورو أي شيء لتنويع قدرة البلاد على كسب المال، بدلاً من الاعتماد بشكل شبه حصري على عائدات النفط لتمويل الدولة. 

لذلك عندما بدأت أسعار النفط في الانخفاض فجأة، ساعد ذلك في حدوث أزمة شهدت تحول الدولة من قوة إقليمية إلى دولة فاشلة -إن لم تكن فاشلة- في فترة قصيرة من الزمن.

وقد وصل التضخم الآن أكثر من مليون في المائة، ويمكن أن يصل إلى 10 مليون في المائة هذا العام، كما أن الغذاء والدواء مكلفان للغاية بالنسبة للكثيرين. 

ومنذ عام 2015، غادر أكثر من 3 ملايين فنزويلي البلاد بحثًا عن فرص أفضل في أماكن أخرى، وبشكل أساسي في كولومبيا، ونتيجة لذلك أصبح مادورو غير مرغوب فيه بشكل كبير، فنادرًا ما كانت نسبة تأييده تبلغ 20% في السنوات الأخيرة. 

وفي ديسمبر 2015، ولأول مرة منذ عقدين من الزمان منح الناخبون الفنزويليون أحزاب المعارضة أغلبية الثلثين في الجمعية الوطنية، وكان الأمل هو أن يفحص هؤلاء المشرعون سلطة مادورو وربما يعملون معه لإعادة وضع البلاد على مسار اقتصادي أفضل.

في أكتوبر عام 2016، أزالت المحكمة العليا في البلاد -التي رصها مادورو مع أصدقائه- سلطة الجمعية الوطنية في أن يكون لها رأي في الاقتصاد.

ثم في مارس 2017، قام الفرع القضائي بإلغاء الجمعية الوطنية بالكامل بعد غضب دولي، عكست المحكمة قرارها لكنها ما زالت تقلل إلى حد كبير من صلاحيات المشرعين.

وبعد بضعة أشهر في يوليو 2017، انتقل مادورو ليحل محل الجمعية الوطنية، وأجرت حكومته انتخابات لإنشاء هيئة جديدة تملك سلطة إعادة كتابة قوانين البلاد ودستورها، ففاز حلفاء "مادورو" بجميع المقاعد البالغ عددها 545.

لم يستسلم الفنزويليون فقط ليسمحوا لهذا بأن يحدث دون الإعراب عن استيائهم، واحتجوا بشراسة في كراكاس وفي جميع أنحاء البلاد لسنوات واشتبكوا مع قوات أمن مادورو مما أدى إلى سقوط مئات القتلى.

ويستشهد " خوان جمال" الرئيس المؤقت حاليًا بالمادة 233 من دستور فنزويلا، والتي تقول بشكل أساسي إنه إذا أخفق الرئيس في مهامه -أو إذا كان هناك غياب في القيادة- فإن رئيس الجمعية الوطنية سيتولى المسئولية المؤقتة عن الأمة.

وحتى الآن، ليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تدرس بشكل نشط التدخل العسكري الجزئي في البلاد، لأن شخصيات المعارضة الفنزويلية وقادة أمريكا اللاتينية الآخرين اعترضوا على مثل هذا التحرك . 

ومنذ مايو 2017، وضعت إدارة ترامب عقوبات متزايدة على نظام مادورو، بخصوص قضايا الفساد والممارسات غير الديمقراطية، وتستهدف العقوبات المالية المسئولين الحكوميين في الدائرة الداخلية لمادورو حتى زوجته، ويقول الخبراء إنه على الرغم من أن هذه الإجراءات تؤذي الحكومة، إلا أنها تضر أيضًا شعب فنزويلا، الذي يعاني بالفعل من أزمة  اقتصادية وصحية. 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً