اعلان

40 خريفاً مظلماً لنظام الولي الفقيه.. تدهور الاقتصاد الإيراني ومظاهرات حاشدة لعلماء الحوزة

في أواخر السبعينات من القرن الماضي كان هناك ضغطًا كبيرًا من المجتمع المدني

الإيراني، ليس لإسقاط الشاه بل للإصلاح والعدالة الاجتماعية، كان الطلاب والمثقفين

والمتعلمين يدعون الشاه للسماح بحرية التعبير، ولكن يبدو أن الشاه

افتقر للذكاء للسماع إلى هذه الرسالة، مما جعل آية الله علي الخامنئي حينها يستغل

الفرصة ليبدأ في وضع مخطط للإستحواذ على كرسي الحكم الإيراني بل وتغليفه بعدة

حواجز دينية، كي يصعب على أي مواطن إيراني مجرد التفكير أو محاولة السيطرة على

كرسي "الولي الفقيه"، وهو مصطلح يعني الحاكم المؤيد من عند الله والذي

يحرم شرعا وقانونا الاعتراض عليه أو مناقشته بل تؤدى له كامل فروض السمع والطاعة.

 

كان مخطط الخامنئي قبل اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 يتمحور في

جذب  فئات الشعب المظلوم لتأييده من خلال خطاباته

التي كان يلقيها في فرنسا،ويقوم أتباعه ومناصريه في إيران بتسجيلها وتوزيعها على

أشرطة صوتية وتوزيعها على أفراد الشعب الغاضب من الظلم والقهر والعنف الذي كان

يمارسه الشاه ضد الشعب ،بل أنني قد سمعت أحد التسجيلات الحصرية لعميد بالجيش

السوري منذ أيام يقول بأنه كان ممن يقومون بتسجيل خطب الخامنئي في فرنسا وإيصالها

للثوار في إيران،وقد كانت هذه الخطب تحمل توجيهات معينه وأوامر لبعض الفئات من

الشعب للإيقاع بنظام "مندوب الخليج في ايران" والذي يقصد به الشاه،تعبيرا

من الخامنئ عن ازدراءه لعلاقة الشاه السلمية مع دول الخليج العربي حينها،وقد ركز

حينها على إستهداف فئة العمال وجعلهم يقومون بالإحتجاجات والمظاهرات المستمرة مع

التوقف عن العمل والإنتاج،مما يحقق الضغط الإقتصادي على الشاه لكي يرحل وهو ونظامه،

ولم يكتفى الخامنئي عند ذلك، بل وجه أوامره إلى الثوار الايرانيين بمحاولة التقرب

من جنود الجيش الايراني وعدم مهاجمتهم وضمهم لجبهة الثوار،مما شكل الضغط الاكبر

على الشاه وأجبره على الرحيل برفقة زوجته إلى محافظة أسوان في مصر.

 

إن المخطط الذي وضعه الخامنئي للايقاع بالشاه والوصول لكرسي الحكم المقدس،

يجعلنا نتوقف قليلا ونحلل ما يقوم به نظام الولي الفقيه الان من محاولات لوصول

المد الشيعي الإيراني الموالي لنظام الخامنئي إلى دول الجوار المستهدفة ،وأهمهم

منطقة الخليج العربي بما تحمله من كنوز اقتصادية،فالتنظيم الشيعي الإيراني الأن يكرر

فعلته بمحاولة استغلال الأوضاع الاقتصادية والثقافية والدينيةعند بعض الفئات من

الدول المستهدفة وبالتركيز على الشباب العربي ومحاولة تشيعهم دينيا وسياسيا

والموالاة لنظام الخامنئي، بحيث تصبح هذه الفئات فيما بعد شوكة في ظهر حكوماتهم

العربية وأدوات للتخريب والتظاهرات المدعومة من ايران ،للايقاع بالدول العربية

المستهدفة كما اشرت في كتاباتي السابقة.

 

وكما يبدو أن أية الله على الخامنئي لم يتعلم الدرس، بل قام بتكرار كافة

الأخطاء التي قام بها الشاه ضد شعبه،فعلى 

مدار 40 عاما من نجاح الثورة الايرانية لم يتوانى الخامنئي عن تكرار اخطاء

سابقة كانت السبب في سقوط حكم الشاه،وكان أهمها انشغال الخامنئي عن إدارة الشؤون

الاقتصادية لبلاده وتوفير حياة كريمة للشعب الذي وثق فيه واختاره ،ولكنه قرر ان

ينشغل هو رجاله بإثارة الفتن والحروب والنزاعات مع دول الخليج العربي وبعض الدول

العربية الأخرى ،بل أنه استنفذ مقدرات الشعب الإيراني في صناعة الحروب  والإزمات،حيث تكبدت إيران خسائر تقدر بمليار

ونصف دولار حديثا من أموال الشعب الايراني الناتج عن تطبيق العقوبات الأمريكية على

الشعب الإيراني،بالإضافة إلى المليارات التي أنفقها نظام الولي الفقيه في إستمالة

بعض الطوائف داخل الدول الحدودية العربية لضمان ولائهم للنظام الشيعي

الإيراني،متجاهلا لأزمات شعبه الايراني الذي أصبح يعاني من ارتفاع نسبة البطالة

وضيق المعيشه بشكل واضح ،خصوصا وبعد إختفاء الطبقة المتوسطة من المجتمع على حساب

ارتفاع معدلات الغنى والرفاهية عند رجال النظام وجنودة ،بشكل أثار مشاعر الغضب

والرفض عند الشعب الإيراني، حيث وصل عدد المظاهرات حتى الان 171 مظاهرة خلال

الشهور القليلة الماضية،جميعها مطالبة بإسقاط حكم الولي الفقيه،وليس غريبا ان تجد

أن نسبة كبيره ممن قاموا بالتظاهر ضد النظام هم عمال وموظفين ورجال دين بعضهم من

مدينة الحوزة ،وكأن التاريخ يعيد نفسه أمام الخامنئي مذكرا ومحذرا إياه بأن من

اقتلع الشاه سابقا هم عمال قاموا بالإعتصام وايقاف عجلة الانتاج في ايران.

 

بالطبع كل هذه التهديدات دون جدوى فنظام الولي الفقيه مصمم على الإستمرار

بنفس الأخطاء التي وصلت وبعد مرور 40 عاما على الثورة الايرانية إلى تعديلات

دستورية تبرر القمع والسجن وكبت الحريات والاراء، وكذلك خسارة المرأة للعديد من

حقوقها، بل وقد صرح الخامنئي منذ أيام انه "كل من يحمل فكر مخالف للولي

الفقيه فهو شخص علماني ويجب التخلص منه"، معبراً بذلك عن سياسته القمعية التي

ألقت بعدد 600 مواطن أهوازي وعربي بالسجون الايرانية ،وقد صرح نائب مدينة جلبيجان

في وقت سابق أنه " نظرا لسؤ الأوضاع الإقتتصادية في ايران وظهور العديد من

المعترضين والنشطاء المنددين بذلك، فقد بلغ عدد السجناء االذين يقبعون في السجون إلى

أربعة اضعاف استيعاب السجون،وقد أشار إلى أن كل خمس دقائق يدخل السجن 50شخص من

المنددين بسؤ الأوضاع الإقتصادية".

 

لم تعد صورة إيران الدولية بالشكل الذي يشرف أبناءها أو حتى حلفائها الذي

يزعم نظام الخامنئي أنهم إلى جواره، مع أن من يطلق عليهم لقب "حلفاء"

مثل روسيا وتركيا هم أول من باعوه في مواقفهم السياسية ،فضرب اسرائيل لمعسكرات

إيرانية في سوريا كان بتواطئ معلن من الجانب الروسي، ومن زعم أنهم أتباعه من الحشد

الشيعي العراقي ويدعمهم باستمرار على حساب مقدرات الشعب الإيراني الذي يعاني

البطالة والفقر،هم أنفسهم الطائفة الشيعية العراقية التي أعلنت أنها تكفر نظام

الولي الفقيه في الأمس، بل ان اوروبا وحدها قامت بطرد 50 دبلوماسي إيراني خلال

الفترة الماضيه لتورطهم في أعمال إرهابية وتجسس لصالح نظام الخامنئي،على الرغم من

دعم فرنسا لإيران خلال فترة العقوبات الأمريكية على طهران والتي حذر فيها ترامب كل

دول العالم من التعامل التجاري مع النظام الايراني.

 

إن العلاقات الإيرانية الفرنسية وبعد مرور 40 عاما على الثورة الإيراية عام

1979، تشهد تطبيق سياسة العصا والجزرة ،فإيران تطلب من فرنسا التعامل التجاري

بعملة اليورو كبديل للدولار خلال أزمة العقوبات الأمريكية على ايران ،ومن جهة أخرى

تقوم إيران برعاية العديد من الجواسيس والإرهابيين داخل فرنسا والموالين بشكل

مباشر لنظام الخمنئي،بحيث يصبح نظام الولي الفقيه قادر على الضغط على فرنسا بأعمال

إرهابية تنفذ وقتما شاء ومن جهة أخرى  يهدد

بما تملك ايران من صواريخ باليستية.

 

إن نظام الولي الفقه وبعد مرور 40 خريفاً مظلماً على توليه مقاليد الحكم

بإيران ،باتت اخطاءه وخطورته محط انظار العديد من دول العالم،وليس حديث عهد ان

نسمع عن بداية تصدعه وانهياره بثورات داخلية يقمعها النظام ،مكمما أفواه علماء

وأئمة من اعلى المنابر بمدينة قم والتي خرجت منها الثورة الايرانية ، مطالبين

بتصحيح مسار الحكم في ايران وإلغاء نظام الولي الفقيه وكذلك مبدئ الحكم المطلق.

 

لم يدر في خلد أحد بأن الثورة الايرانية التي أطاحت بنظام الشاه في 11 فبراير

1979، سينتهي حفنة من رجال الدين المتشددين ليقوموا بعزل الشعب الايراني و جعله في

قفص حديدي أسوء بکثير من قفص نظام الشاه، ولم يکن هناك من أحد يتصور بأن الفرحة

التي عمت سائر أرجاء إيران عند إسقاط الشاه ستنقلب الی کئابة و يأس و قنوط کما هو

الحال الان، بل وإن الشعوب العربية و الاسلامية التي رحبت بسقوط الشاه و التغيير

الکبير الذي حدث في إيران، لم تعلم بأنها تحلم بيوم سقوط و تغيير هذا النظام أکثر

بکثير من حلمها بسقوط و تغيير نظام الشاه.

وقد وجه الشعب الايراني لنظام الولي الفقيه صفعتين قاسيتين في عامي 2009 و

2018، واللتين قد وجهتا بشکل مباشر للخامنئي،والذي  أصيب بما يمکن وصفه بالترنح غير العادي و صار

الجمهور ينتظرون سقوطه في أية لحظة، وکيف لا؟ وقد خرج المرشد الاعلی للنظام بعد

ثلاثة عشر يوما من الصمت القاتل علی أثر إنتفاضة 2018، ليعلن بأن منظمة مجاهدي خلق

کانت وراء الانتفاضة وهي من قادتها، وهذا بعد أن ظل قادة النظام يؤکدون طوال

العقود الماضية  ان منظمة مجاهدي خلق لم

يعد لها دور و وجود داخل إيران، فماذا يعني ذلک؟ خصوصا عندما وصفوا المنظمة بعدوة الثورة

و مصطلح المنافقين، فکيف يخرج أهالي 142 مدينة إيرانية خلف عدوة الثورة؟ والی أي

مدی قد وصل مستوی کراهية الشعب لنظام الولي الفقيه .

 

ووصوله إلى مازق انحراف الثورة عن مسارها الصحيح و جعلها مجرد ظاهرة دينية

سلبية أذاقت الشعب الايراني و شعوب المنطقة الويلات التي ليست بعدها من ويلات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً