اعلان

أسرار من الثورة الإسلامية الإيرانية.. سيناريوهات "الخامنئي" لتأجيج المظاهرات في طهران

المظاهرات في طهران

كان الخامنئي حريصا خلال فترة إقامته في فرنسا على وضع خطط مدروسة وموجهة للمتظاهريين والثوار من الشعب الإيراني من أجل إقتلاع الشاه من الحكم وتمهيد الطريق أمامه ليجلس مكانه على كرسي الحكم المطلق لإيران، وكان ذلك من خلال حلقات دينية يقيمها الخامئني في منزله وفي بعض الساحات العامة في باريس، وذلك بعد طرده من العراق إلى ضاحية باريس نوفل لو شاتو حيث كان يقوم بإلقاء العديد من الخطب التي يذكر فيها أوجه الفساد المختلفة لحكم الشاه، وما ترتب على نظامه القمعي من تكميم للأفواه والأراء، كذلك ممارسة جهاز الاستخبارات الإيرانية "السافاك" لشتى أنواع العنف ضد الشعب، وقتل أي معارض أو صاحب فكر حر ضد الظلم والعتمة السياسية والإقتصادية التي أصابت إيران حينها،وكان هناك العديد من اتباعه يقومون بتسجيل هذه الخطب على شرائط صوتيه ويقومون بتوزيعها على الثوار الإيرانيين،بل أنني سمعت تصريح لعميد بالجيش السوري على قناة الصراط منذ أيام، يؤكد فيه أنه كان متطوعا للقيام بهذا الأمر نصرة للخامنئي.

تظاهر طلاب في محاضرات علمية دعما للخميني في قم جنوب طهران، وقالت المعارضة أن قوات الأمن قتلت عشرات الأشخاص منهم، وفي 18 فبراير قامت مظاهرات عنيفة في ذكرى شهداء قم وقد تدخل الجيش مما أدى إلى سقوط 200 قتيل و200 جريح، في 29مايو اندلعت تظاهرات خصوصا في قم تلبية لدعوة كبار رجال الدين للوقوف يوم وطني حدادا على الشهداء، وفي مطلع يونيو طرد 800 طالب من المتظاهرين ضد حكم الشاه من جامعة طهران، وفي 18 من يونيو دعا اية الله الخميني من فرنسا إلى إسقاط الشاه، ودعا العمال بقطاع الصادرات النفطية للإعتصام والامتناع عن العمل لتعطيل عجلة الإنتاج بما يمثل ضغط إقتصادي قوي على الشاه ويخلق العديد من الأزمات الداخليه ويزيد من سخط المواطنين على النظام الحاكم تمهيدا لإقتلاعه، وقد استطاع الخامنئي من خلال تسجيلاته الصوتية أن يجعل عشرات الالاف من الشباب وطلاب الجامعات يتظاهرون ويحرقون كل رموز نظام الشاه، وقد دمر حينها أكثر من مئة مصرف واحرقت دور السينما الكبرى ومقر الاستخبارات السافاك ومحلات تجارية كبيرة ونهبت شركات الطيران، وفي 10 و11 نوفمبر وبمناسبة أعياد دينية أخلى الجيش وسط طهران لاكثر من مليون ونصف مليون شخص يوميا وانضمن نساء ملتفات بالأسود بأعداد كبيرة مرددين جميع الموت للشاه، والخميني قائدنا ،وامريكا اخرجي".

شلت الإضرابات القطاعات الأساسية بإيران كقطاع النفط والجمارك والمصارف والطيران المدني، مما أحدث ضغطا كبيرا على الشاه في 16 ديسمبر عام 1979 ورحل عن إيران منهيا بذلك عصر الشاهنشاهية وبداية صعود الخامنئي ورجاله إلى كرسي الحكم.

وصل الخامنئي إلى الحكم ولكنه كان مرتعدا بأن يفعل به كما فعل هو مع الشاه، بأن تقوم ضده الثورات الإيرانية ويعزل من الحكم، لذلك خرج علينا بمصطلح جديد في الحكم أسماه "ولاية الفقيه" وتعني أن حاكم الدولة هو نفسه الإمام الثاني عشر، بذلك يحرم الخروج عليه أو مخالفته حتى الرأي كونه الحاكم للدولة والمرشد الديني لهم، وهذا في حد ذاته أكبر وأول فضيحة لنظام الخامنئي منذ أعتلى ورجاله كرسي الحكم في إيران، وذلك لأن في المذهب الشيعي الإمامي، فالأئمة الإثنى عشر محصور على الأئمة من نسل علي بن أبي طالب، وهم 12 إمام آخرهم الإمام المهدي الذي يعتقد كل الشيعة أنه اختفى في السرداب منذ 1200 عام حين كان طفلا وهو محمد بن حسن العسكري والذي ينتظر الشيعة الإمامية ظهورة حتى الأن، فكيف يحل الخامني محل الإمام الثاني عشر؟

لم يلقى هذا النظام السياسي الخامني الهزيل والملتف بعباءة دينية رواجا كبيرا بل وبعد مرور 40 خريفا معتما على الثورة الايرانية منذ تولي الخامني مقاليد الحكم وإيران تشهد العديد من الثورات والتظاهرات الداخلية ضد ولاية الفقيه ، رغم محاولة النظام تحريم بل وقطع كل وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت في ايران قمعا للأراء والحريات،حتى وصل الأمر إلى فتوة قالها أحد أئمة النظام يؤكد فيها ان استخدام موقع "تويتر حرام شرعا" .

ولكن ورغم كل هذا العنف الذي يمارسه نظام الخامنئ الان لإفشال التظاهرات إلا أنه متوقع نجاح الثورة الإيرانية القادمة واقتلاع نظام الولي الفقيه من ايران لعدة أسباب ،أهمها بدء حدوث انشقاقات داخل النظام الايراني ،بل ان بعض علماء الحوزة بمدينة قم منبع الثورة الإيرانية اعلنوا رفضهم لنظام حكم الولي الفقيه في ايران،بما يحمل ذلك من سلطة مطلقة للحاكم وتحريم الخروج عليه أو تغييره،داعين إلى عودة رجال الدين إلى أوضاعهم الصحيحة داخل مجالس العلم ودور العبادة والابتعاد عن الساحة السياسية كما طالب عضو مجلس الثورة الثقافية "رحيم بورازغدي" من أعلى منبر بعد صلاة الجمعة بمدينة الحوزة مؤخرا.

ولم تهدأ العاصفة التي تبشر بإقتلاع النظام الإيراني بعد حتى تم تطبيق العقوبات الأمريكية عل طهران والتي تقضي بقطع العلاقات التجارية الدولية مع إيران على خلفية الأزمة النووية، والتي كانت بمثابة ضربة إقتصادية قوية وجهت للنظام الإيراني وأدت إلى عدة انهيارات وأزمات كبدت ايران مليار ونصف دولار في الفرة الأخيره أنفقت من أموال ومقدرات الشعب الايراني لسد العجز الإقتصادي الناجم عن التدهور الاقتصادي بفعل السياسات الخارجية الإيرانية الداعمة للإرهاب وخلق النزاعات الدولية.

والجدير بالذكر أن من خرجوا للتظاهر الأن في ايران هم عمال ومنتجين كانوا وأبائهم أحد اهم الأسلحة التي وجهها الخامنئي في صدر الشاه مهددا إياه بوقف عجلة الانتاج وتعطيل العمل القطاعات الانتاجية المختلفة لخلق أزمات شعبية ونزاعات داخليه كانت هي الأقوى في الضغط عل الشاه واعلانه الرحيل ،وهم أنفسهم فئة العمال والمنتجين الايرانيين الذين يطالبون الخامنئي بالرحيل اليوم قبل الغد،مهددين بوقف عجلة الانتاج والاعتصام لخلق ازمات داخلية.

ولعل ما يقوم به نظام الخامنئي الآن من اعتقالات للنشطاء وأصحاب الرأي لم تشهدها ايران من قبل والذين وصلت أعدادهم عل خلفية الاضطرابات الاخيرة الى 3700 معتقل بينهم 68 طالب جامعي ،وقد بلغ عدد المعتقلين لشهر يناير الماضي 8000 شخص على الأقل يخضعون للتعذيب والضرب خلال الاستجوابات ومنهم من يجلد مع منع العديد منهم من الاستعانة بخدمات المحاميين ،على العلم ان ايران تمتلك 20 ألف محامي مسجليين في النقابة،بينما تم إعدام 285 شخصا في الفترة الممتدة بين ديسمبر 2017 وديسمبر 2018، وقد ألقت السلطات الإيرانية القبض على سبعة مدافعين عن حقوق الإنسان و150 ناشط في الحقوق المدنية خلال العام الماضي.

كما يشير مؤشر الرق العالمي 2018 ان ايران تأتي سنويا ضمن البلدان العشرة الأكثر احتضانا لمظاهر العبودية، وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في عدد من الأمور مثل القانون الجنائي والمواريث.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً