اعلان
اعلان

في مئوية العيد القومي للمنيا.. احتفالات رسمية تتجاهل مذبحة دير مواس الجماعية التي فجرت ثورة 1919

يعد الثامن عشر من شهر مارس يوما شاهدا على أشهر حدث تاريخى يؤلف قصة شعب ثار ضد جنود الاحتلال الإنجليزى بقيادة رائد الثورة المنياوية الدكتور خليل أبو زيد، حيث هاجموا قطار العسكر الإنجليز ليقتلوا مدير السجون «بوب» وتختلط دماء الجنود بإنتاج أهالى البلدة من العسل الأسود الذى يعكفون على إنتاجه، حتى باتت ثورة أهالى دير مواس جنوب محافظة المنيا ملحمة تاريخية وتراثا يعود إليه أبناؤها فى ثورتهم التى أكملت ١٠٠ عام.

مئوية ثورة 1919 اختصروها في ديوان المحافظة

ورغم احتفالات أكثر من خمسة ملايين مواطن بعيد المنيا القومى فى كل عام، إلا أن الاحتفال هذه المرة يقام بمحيط ديوان عام المحافظة وبافتتاح عشرات المشروعات بدلا من إقامة الاحتفالات بين أبناء دير مواس مفجرى الثورة وتكريم أحفاد شهداء رائد الثورة الدكتور خليل أبو زيد.

مضيفة مفجر شرارة ثورة 1919 مهجورة

على بعد خطوات من مدينة دير مواس جنوب محافظة المنيا يقع القصر المئوى الشاهد على انطلاق شرارة الثورة من الصعيد ضد الإنجليز، ويضم قصر الثورة مضيفة العمدة أبو زيد الذى أوقف ٢٩ فدانا للإنفاق على رواد مضيفته والتى تقع فى الطابق الأول.

حفيد مفجر شرارة ثورة 1919 يحكي عن جده

يقول أحمد جمال أبو زيد ، أحد أحفاد الدكتور خليل أبو زيد: جدى الدكتور خليل أبو زيد كان قائدا وزعيما لثورة ١٩١٩ حين نفى أستاذه الزعيم سعد زغلول، لافتا إلى أن الدكتور خليل أبو زيد سافر إلى لندن وأقام بها نحو ٦ سنوات، والتى حصل خلالها على الدكتوراه بكلية الزراعة جامعة أكسفورد بلندن، وعقب وصوله إلى بلدته دير مواس قارن الوضع بين البلدين، فوجد الطغيان والظلم وسطو الاحتلال لمصر والاستيلاء على ممتلكات المصريين؛ مما دفعه لتنظيم مظاهرة سلمية فى بلدته شاركه خلالها عدد من الأقارب والفلاحين والبسطاء من الأهالى.

عمدة ديرمواس يقنع الفلاحين بتنظيم مظاهرة

واستكمل: جدى خليل أبو زيد كان والده فى ذلك الحين هو أبو زيد بك عمدة دير مواس، الأمر الذى شعَّب مداركه وعلاقاته، فعلم أن قائد السجون الإنجليزية السير بوب فى طريقه من السودان إلى مصر، مرورا بخط الصعيد، مستقلا القطار، وحاول حينها الدكتور خليل أبو زيد عمل مظاهرة نجح فيها بالفعل بعد إقناع أهالى البلدة من الفلاحين والبسطاء بعد عدة اجتماعات مكثفة بمسجد القرية، توجهوا عقبها إلى محطة قطار دير مواس لتنظيم مظاهرة سليمة تحت قيادته، إلا أن أحد الضباط بالقطار قال للثوار: أنتم عبيد، لا يمكن لكم أن تتظاهروا. الأمر الذى أوضحه الدكتور خليل أبو زيد للثوار؛ مما تسبب فى استفزاز مشاعرهم، فقاموا بمهاجمة القطار وقتل السير بوب و٧ ضباط آخرين من الوفد المرافق له، حتى وصل الأمر لقيام المتظاهرين بوضع جثمان السير بوب على عربة كارو، طافوا به شوارع دير مواس وسط تهليل وهتافات "الرطل من بوب بقرش".

إعدام مفجر شرارة ثورة 1919

وأضاف: هرعت القيادات الإنجليزية إلى دير مواس تبحث عن مرتبكي واقعة قتل السير بوب و٧ ضباط آخرين، وقام بعض الخونة من البلدة بالإدلاء بأسماء من شاركوا بالتظاهرات من بينهم أبناء العمدة أبو زيد والدكتور خليل، رغم أنه كان عملا وطنيا للثورة ضد الاحتلال الذى جاء على الأخضر واليابس من ممتلكات المصريين، وحاولت القيادات الإنجليزية مجددا البحث عن المتظاهرين، والتقى بهم فى ذلك التوقيت الدكتور خليل أبو زيد الذى حاول مرارا وتكرارا إقناع القيادات الإنجليزية بعدم وجود أى متظاهرين بدير مواس، حيث إن الجميع خرجوا لعملهم فى الأراضى الزراعية، محاولا الحصول منهم على قائمة الأسماء التى قدمت إليهم من قبل بعض الخونة، إلا أنه تم القبض عليه هو وآخرين من أهالى البلدة، وتم الإعدام شنقا لأكثر من ٣٠ مواطنا مصريا، من بينهم الدكتور خليل أبو زيد، فيما حصل آخرون على حكم بالمؤبد.

حفيد مفجر شرارة ثورة 1919 حزين لتهميش الذكرىوأوضح أحمد جمال أبو زيد: حاولنا كثيرا إمكانية تنظيم احتفالات كبرى بعيد المنيا القومى على نفقتنا الخاصة بين أبناء الثورة بقصر ومضيفة أبو زيد بك التى ما زالت مغلقة رغم كونها تحفة أثرية أكملت قرنا من الزمان.

غضب أهالى دير مواس لتجاهل التاريخ

على صعيد متصل سادت حالة من الغضب بين أهالى دير مواس جنوب محافظة المنيا؛ نظرا لتجاهلهم فى احتفالات عيد المنيا القومى، التى تقام بشكل سنوى بمحيط ديوان عام المحافظة، ولا يتم إقامة أي احتفالات ببلدة مفجر ثورة أهالى دير مواس أو تكريم من ضحوا بحياتهم، وشنقوا على أيدي القيادات الإنجليزية وحماية قصر الثورة الشاهد على الملحمة التاريخية الثورية من الانهيار.

شهادة المؤرخ عبد الرحمن الرافعى لدير مواس

ويعد مركز دير مواس الواقع جنوب عروس الصعيد أحد الكيانات التاريخية والقرية التى سجلت فى كتب التاريخ روايات أبطالها فى ثورتهم بالثامن عشر من مارس عام ١٩١٩، ووصف الحدث عبد الرحمن الرافعى أشد حوادث ثورة ١٩١٩ عنفا فى مصر قائلاً "إن هذه الثورة أعقبها محاكمات كثيرة جدا، ولم يحدث فى تاريخ الإمبراطورية البريطانية التى لم تغب عنها الشمس أن تصدى مدنيون لعسكريين كما حدث فى دير مواس.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً