اعلان

"فلنسحق الغزاة".. كيف ألهمت فرنسا العنصريين اليمنيين لاستخدام العنف ضد المسلمين؟.. منفذ هجوم نيوزيلندا طبق التجربة كاملة

كتب : سها صلاح

عندما اجتمع القوميون العنصريون في شارلوتسفيل، في ولاية فرجينيا في شهر أغسطس 2017، وهم يهتفون: "لن يحلوا محلنا" و"واليهود لن يحلوا محلنا"، كان قليل من المتطرفين المجتمعين يعرفون مصدر هذه الشعارات، وعلى النقيض من ذلك، فإن الإرهابي "برينتون تارانت" منفذ هجوم مسجدين نيوزيلندا، كان أكثر وضوحاً فيما يتعلق بمصدر إلهامه الفكري.

إذ مدح "تارانت" في بيانه المكون من 74 صفحة، والذي نشره قبل هجومه المسعور، القاتل الجماعي النرويجي "أندرس بريفيك"، واستند إلى عمله، في الوقت الذي أشار فيه إلى إعجابه بالزعيم البريطاني في فترة ما بين الحربين العالميتين، أوزوالد موزلي، لكن الأفكار الفرنسية تحتل مكانة بارزة في تفكير تارانت.

يستشهد بمشاهدة "الغزاة" في مركز تجاري أثناء زيارة لمدينة بشرق فرنسا باعتبارها لحظة عيد الغطاس عندما أدرك أنه سيلجأ إلى العنف. يبدو أن بيانه يعتمد على عمل الكاتب الفرنسي المناهض للهجرة رينو كامو ، بما في ذلك انتحال عنوان كتابه "Grand grandplacement " (عبارة "استبدال عظيم") - وهي عبارة أصبحت شائعة في مناقشات الهجرة الأوروبية والمفضلة لدى السياسيون اليمينيون المتطرفون في جميع أنحاء أوروبا ، بما في ذلك "خيرت فيلدرز" الهولندي ومجموعة من نشطاء اليمين المتطرف الشباب الذين يطلقون على أنفسهم "هويات".

يكتب تارانت عن نبذ قصص غزو فرنسا لفرنسا من قبل غير البيض التي واجهها بينما كان لا يزال في المنزل، لكنه يضيف: "لقد وجدت عواطفي تتأرجح بين الغضب واليأس الخانق بسبب سخط غزو فرنسا، وتشاؤم الشعب الفرنسي، وفقدان الثقافة والهوية ومهزلة الحلول السياسية المقدمة ".

على الرغم من أن "تارانت" يبدو حريصًا على منح كامو الفضل ، إلا أن الكاتب الفرنسي رد على أولئك الذين يصرون على أنه يعترف بأن أفكاره ربما تكون قد ألهمت المذبحة،على الرغم من أن تارانت يبدو حريصًا على منح كامو الفضل، إلا أن الكاتب الفرنسي رد على أولئك الذين يصرون على أنه يعترف بأن أفكاره ربما تكون قد ألهمت المذبحة.

لكن بيان القاتل المتهم يردد كتابات كامو بعدة طرق - أبرزها الخوف من المحو الديموغرافي الذي يحل فيه السكان الجدد محل السكان الحاليين ، وهي عملية يصر كامو على أنها تشبه الاستعمار. في مقاله " Pegida ، mon amour " ، يشيد كامو بالمجموعة الألمانية Pegida المعادية للإسلام باعتبارها "آمالاً كبيرة تنهض في الشرق" و "جبهة تحرير" تقاتل "الكفاح ضد الاستعمار".

لا يوجد أمل في العيش معًا في أوروبا عندما يكون هناك "غزو استعماري قيد التقدم ، نحن فيه السكان الأصليون المستعمرون" وتستخدم الأسلحة ذات الأرقام الهائلة والاستبدال الديموغرافي لإخضاع السكان الأصليين.

ويزعم الإرهابي أنَّ هدفه كان "أن يظهر للغزاة أن أرضنا لن تكون أبداً أرضهم"، واختار المساجد لأن المصلين "مجموعة كبيرة من الغزاة، من ثقافة ذات معدلات خصوبة أعلى، وثقة اجتماعية أعلى، وتقاليد قوية ومتينة تسعى لاحتلال أرض شعبي والاستبدال العرقي لشعبي".

بينما فُجع العالم من ذعر على المذبحة التي نُفذت في بيت آخر من بيوت العبادة، أمضى "كامو" معظم اليوم في النأي بنفسه عن هذا الإرهاب والدفاع عن براءته.

إذ أوضح كامو نظرياته التي عادة ما تكون مبهمة في كتاباته، في مقابلة نشرت على موقع Vox الأمريكي، عام 2017، فقال حينها: "بطبيعة الحال، إذا غيرت السكان فلا يمكنك أن تتوقع استمرار الحضارة ذاتها، إن رفض التعرض للاستبدال شعور قوي للغاية في الإنسان،لقد كانت الرغبة في عدم الاستبدال في صلب مقاومة الاستعمار، لا يريد الناس أن يأتي ناس آخرون إلى أرضهم، في بلدهم، ويغيروا ثقافاتهم ودياناتهم، وطريقة حياتهم، وطريقة أكلهم، وطريقة لبسهم".

وبذل كامو جهداً كبيراً للتفريق بين النازية، التي يستنكرها، والأفكار التي ترتكز عليها القومية البيضاء، والتي يبدو أنه يتعاطف معها تعاطفاً أكبر؛ إذ قال: "أعتقد أن الأعراق موجودة بالفعل، وأنها ثمينة للغاية، إنني أدعو لبقاء جميع الأعراق، بدءاً بهذه الأعراق الأكثر عرضة للخطر".

وعند سؤاله عن العرق الأكثر عرضة للخطر أجاب: "حسناً، ربما يكون العرق الأبيض، الأقل عدداً بكثير من جميع الأعراق التقليدية الأساسية القديمة"، وأصر على أن فرنسا أيضاً "تفقد أرضها بسرعة، إذ تصبح ثقافتها وحضارتها بسرعة مجرد واحدة بين ثقافات وحضارات أخرى، وليست الأكثر تطوراً من بين هذه الحضارات والثقافات، ويجري استعمارها بسرعة".

وفي حين رفض "كامو" في السابق استعمال العنف في شارلوتسفيل، فقد قال: "إنني أتعاطف كلياً مع شعار: "لن نُستبدل" وأعتقد أن للأمريكيين أسباباً وجيهة للغاية للقلق على بلادهم.

ويُعتبر "القلق الديمجرافي" من انخفاض أعداد البيض وزيادة أعداد المهاجرين، لا سيما أعداد المهاجرين المسلمين، محورياً في برامج الأحزاب القومية في جميع أنحاء العالم. ويمكن تعقب هذا الخوف، في القرن العشرين، إلى الرؤى المتعلقة بنهاية العالم لإينوك باول، السياسي الإنجليزي المعادي للمهاجرين، الذي تخيل في الستينيات أنهاراً من الدماء في بريطانيا بسبب الهجرة، والمؤلف الفرنسي جون راسبيل، الذين يستشهد بهما كامو بوصفهما "أنبياء" في مقدمة كتابه "الاستبدال العظيم".

وير جان إيف كامو، وهو باحث فرنسي في شؤون اليمين المتطرف لا صلة له برينو، أنَّ أفكار تارانت لها جذور أكثر ثباتاً في أفكار راسبيل، خاصة نظرية الاستبدال العظيم؛ إذ قال في رسالة بالبريد الإلكتروني الجمعة: "إن مُطلق النار أكثر تطرفاً بكثير من رينو كامو. لقد نحت كامو مصطلح "الاستبدال العظيم" ليظهر اعتقاده بأنَّ السكان الأوروبيين الأصليين يجتثهم المهاجرون غير القوقازيين، خاصة المسلمين،ولم يقبل كامو العنف، فضلاً عن الإرهاب، أما راسبيل فأمره مختلف".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً